بيروت - لبنان

اخر الأخبار

18 آذار 2022 12:00ص أيها السادة... الحقيقة تحرركم

حجم الخط
خلال مطالعاتي المتنوعة لمجموعة من الكتب التي تعالج قضايا الحياة والأوطان والانسان، توقفت عند كتاب محدد من كتب سلسلة (عالم المعرفة) الثقافية التي يصدرها شهرياً المجلس الوطني للثقافة والفنون بدولة الكويت مشكورا من أجل فتح أفاق واسعة أمام المواطن العربي لمزيد من العلوم والثقافة والدراسات،. وموضوع الكتاب يتناول ظاهرة الكذب في السياسة، الداخلية منها بين الشعب وقادته، والخارجية في علاقات الدول بين بعضها اي في العلاقات الدولية وعنوانه،(لماذا يكذب القادة؟).وهي الظاهرة المسكوت عنها في مجمل الدراسات خاصة في أوطاننا العربية بحيث تعتبر من المحرمات التي يحذر الاقتراب منها، فالقادة هم بالاجمال الحكام الذين يتولون شؤون البلاد والعباد من رئاسات، ووزارات، وادارات،وكل من يتولى ويدير مرفقا عاما بالدولة او خاصا لحزب أو لطائفة او لمجموعة بشرية ما. وما تراه الشعوب حاليا في كثير من هذه المجموعات بات شأنا فريدا وكأنه انسلخ عن المسؤوليات والقيم الحضارية والاخلاقية وكأن المواطنون أعيد بهم إلى زمن السخرة والاستعباد والطغيان وتحلل المعنيون من موجبات الصفات الحميدة وهذا ما نراه يلف حياتنا في لبنان خاصة في الثلاثين عاما الاخيرة. فالبلاء الذي أصاب هذا الوطن هو من صنع قادته وقد  عبّر الشعب عن ذلك بعبارة واحدة، كلهن يعني كلهن.

ومن نافلة القول ان الكذب يكون إما بتزييف الحقائق كليا أو جزئيا أو بخلق روايات وأحداث بنية وقصد الخداع لتحقيق هدف محدد أو عدة أهداف.. وغايته تضليل وخداع سياسيين ومكيافيلية سياسية فالغاية تبرر الواسطة والوسيلة وقد أصبحت شائعة في زماننا هذا الفالت من كل قيد والفاقد لكل معاني واجراءات المساءلة والمحاسبة والعقاب والثواب، والشرائع السماوية تنبه بأن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب .والكذب بالعادة ولدى الرأي العام فعل ممجوج ومكروه يعكس انخفاضا في القيم وانتهاكات للذات يقوم به فرد ضد نفسه وضد شخصيته وهيبته ومن المؤسف أنه يمارس بالكثير من الأمور ولعله بات جزءًا أساسيا من تعاطي البشر مع ذواتهم ومع محيطهم ويمارس بأشكال مختلفة ومستويات متنوعة لا لضرورة به بل يبررونه. وبالطبع وبالتأكيد واليقين لا أحد يقبل أن يوصف بأنه كاذب! لأنه تهمة. خطرة وعادة مسيئة لفاعله ويترك نتائج خطيرة وتكبر مخاطره عندما تمارسه دول ورؤساء،ومن المؤسف أن العالم شاهده جليا في ممارسة الولايات المتحدة الأميركية ورئيسها آنذالك في حربها ضد العراق ورئيسها الشرعي صدام حسين باستخدام كذبة أن العراق يملك أسلحة دمار شامل وقد حصل ما حصل،لكن السؤال البديهي للدولة الكبرى اميركا وشركائها من أنظمة عربية موالية لها وسائرة في ركابها ولأصدقائها العراقيين الذين سكتوا عن تدميرها للعراق واحتلالها له وحظر حمل السلاح ضدها مقابل اعطائهم حكم العراق وتنفيذ حكم الاعدام برئيسها الشرعي صبيحة يوم مقدس عند المسلمين عامة فجر يوم عيد الأضحى المبارك اعاده على كل من ساهم به بالخزي والعار، أين هي أسلحة الدمار الشامل؟ اعرضوها .صحيح أن  الأحداث هي صنيعة عوامل عدة أوسع من الأفراد وتتحول تلك المسألة إلى مأساة عندما يقوم الرعاع بتضخيم واعلاء دور فرد ما أو مسؤول ما وتلغى الأدوار الأخرى للأفراد أو الجماعات أو أي تكوينات أخرى على المستويين الأعلى والأدنى،وبقي الكذب للاسف الشديد موضع اهتمام الناس والسبب هو الوصول لمعرفة الحقيقة التي ينشدها الناس وتطلبها العامة من المواطنين وللسيد المسيح الذي هو روح من الله قول الحقيقة تحرركم .

وبكل الأحوال ان الكذب نوعان،محلي ودولي وهنا نقتصر حديثنا على الاول المحلي أما الدولي فله مقال آخر، وفي هذا السياق فإن تعامل الدولة أية دولة مع  مواطنيها بغير الحقيقة وإعلانها وكشفها بصورة واضحة تؤدي بالبلاد إلى عواقب وخيمة،كما ان استخدام التضليل أو إخفاء حقائق الأمور،،وعدم المساءلة والمحاسبة داخل الدولة قد يدمر كيانها ويضرب استقرارها، ويضعف أمنها الداخلي وتغيب الكفاءة والفعالية والإنتاجية وتسود الفوضى والاضطراب الأمني والسياسي والمالي والاقتصادي والاجتماعي وهذه الحالة البائسة التي يعيشها لبنان منذ السنوات الثلاث المنصرمة. 

ومن المعلوم والمعروف،ان البناء الهيكلي للدولة هو هرمي وليس فوضويا والفوضي أداة قاتلة تستخدمها الدولة المعادية ضد دولة أو دول أخرى بغاية اضعافها وإخضاعها لمشيئتها ولمصالحها أو لتقسيمها وشل فعاليتها،ومازلنا  نذكر ما اعلنته كونداليزا رايس وزيرة خارجية أميركا والتي حملت الينا الفوضى الهدامة وما نعانيه الان وطنا وشعبا من معالم قد تطيح بالوطن وتؤدي لزواله،وهل يعقل أن دولة او حكومة يقع على مواطنيها عدد كبير من الجرائم بحق شخصيات وازنة ولم يكشف فاعليها وانفجار العصر في مرفأ بيروت الثالث بأهواله ودماره منذ سنة ونصف السنة ومازال مخفيا وتحقيقاته القضائية ملتبسة بهدف منع الوصول إلى الحقيقة وكشف الفاعلين،ففي الدولة هناك سلطة عليا بل سلطات هي الدولة ذاتها يلجأ إليها المواطنون افرادا وجماعات لتوفير الحماية لهم والأمن والأمان والطمأنينة والحياة الحرة الكريمة،وإذا ما فقدت الدولة والطبقة الحاكمة فيها سبل الحياة العادية للبلاد والعباد فإنها تفقد مبرر وجودها ويصبح كف يدها وإسقاطها أمرا لازما وضروريا بكل الوسائل السلمية والديمقراطية المعهودة، ولعل الانتخابات النيابية القادمة أن تكون هي طريق الخلاص لوطن كان ويجب أن يعود كما كان من أحسن الأوطان.

فيا ايها المتربعون والقابضون على مفاصل الوطن ومؤسساته وإداراته وموارده وعلى المواطنين وأوصلتموه بفشلكم وصلفكم إلى الهاوية ،دعوكم  من الخداع وكتم الجرائم وفاعليها ليأخذوا عقابهم الدنيوي أما العقاب الأخروي فأمره عند الله تعالى الذي يمهل ولا يهمل. عودوا الى طريق الحق واكشفوا الحقيقة ولو كانت على انفسكم وتذكروا بأن الحقيقة وحدها تحرركم .