بيروت - لبنان

اخر الأخبار

29 تشرين الثاني 2017 12:04ص إبقاء لبنان بعيداً عن النيران المشتعلة حوله يتطلّب موقفاً صريحاً سواء باتباع سياسة الحياد أو النأي بالنفس رغم الفارق بينهما

حجم الخط
ترددت في السنوات الماضية على مسامع اللبنانيين عبارة «النأي بالنفس» لا سيما عند بدء الصراع في سوريا حيث اشتد  ليصبح حروبا متنقلة لم تسلم منه الحدود الفاصلة بين لبنان وسوريا، وبسبب الطبيعة الجغرافية والتاريخية وحتى السياسية  التي تربط البلدين كان لهذه الحرب تأثير وانعكاسات سلبية  مباشرة على الساحة الداخلية اللبنانية، خصوصا بعد انخراط فريق لبناني في هذه الحرب المستمرة منذ سنوات عدة. في المقابل سجل اعتراض شريحة كبيرة  ايضا من اللبنانيين على تدخل «حزب الله» في سوريا وانقسم الرأي العام اللبناني الى فريقين، واحد يدعم تدخل الحزب في الحرب في سوريا، بينما يرفض الفريق الاخر اي تدخل في هذه الحرب التي ادت الى ما ادت اليه من مشاكل داخلية خصوصا مع تدفق اعداد كبيرة من النازحين السوريين الى الداخل اللبناني.
من هنا ارتأت حكومة الرئيس نجيب ميقاتي التي شكلت في العام 2011 ان تتبع الدولة اللبنانية سياسة «النأي بالنفس» عن الازمة السورية، وبعد ذلك كرست حكومة الرئيس تمام سلام عند تأليفها في العام 2014 هذه السياسة لمحاولة ابقاء لبنان خارج الصراعات العسكرية الجارية في سوريا والنيران المشتعلة هناك.
ومع تشكيل حكومة الرئيس سعد الحريري «استعادة الثقة» في تشرين الثاني من العام الماضي، اكدت الحكومة في بيانها الوزاري ما جاء في خطاب القسم بضرورة ابتعاد لبنان عن الصراعات الخارجية والتزامه بميثاق جامعة الدول العربية. وتبع ذلك التأكيد  من خلال المواقف الرسمية اللبنانية على ضرورة الاستمرار بإتباع سياسة «النأي بالنفس»، ولكن هذه العبارة اصبحت في الفترة الاخيرة  مطاطة جدا، وبات كل فريق يحاول تفسير هذه العبارة على طريقته الخاصة.
ومع اعلان الرئيس الحريري استقالته من الرياض اوائل الشهر الماضي تبدلت الامور، ولم يعد مقبولا ابقاء هذه العبارة «حبراً على ورق»  بل اصبح من الضروري تنفيذها عمليا، لذلك فإن موضوع «النأي بالنفس» هو احد المطالب الاساسية والرئيسية للرئيس الحريري للعودة عن استقالته، خصوصا ان هناك وقائع تؤكد تدخل «حزب الله» ليس فقط في حرب سوريا بل ايضا في عدد من الدول العربية الاخرى.
كما ان كلمة «حياد لبنان» بدأت بدورها تتردد في الايام الاخيرة، فما هو الفرق بين «النأي بالنفس» و«حياد لبنان»؟ تجيب مصادر مطلعة لـ«اللواء» على ان لا نص في الدستور اللبناني يتحدث عن «النأي» او «الحياد»، خصوصا ان هناك فرقاً كبيراً بين المعنيين، وتشرح المصادر معنى «النأي بالنفس» قائلة الامر هو عمل سياسي اي وجوب اتخاذ موقف معين لصالح بلد معين كي يبقى بعيدا عن اي انعكاسات سياسية وامنية تطاله وتؤثر على علاقاته مع اشقائه واصدقائه، وهذا يعتبر موقفاً حكيماً خصوصا في هذه الظروف الصعبة والدقيقة التي يمر بها لبنان.
اما في ما يتعلق بمعنى الحياد فتقول المصادر، هذا امر اخر له مفهوم علمي وقانوني حيث على الدولة الطلب رسميا من مجلس الامن بتصنيفه دول حيادية، وهو مطبق في دول عدة وابرزها سويسرا والنمسا وهو امر قانوني لا اشكالية حوله، لان من حق اي دولة بالقيام بذلك باعتراف العالم.
ولكن ما يثار في لبنان عن موضوع الحياد ايضا امر مختلف، لان لا شيء يدل على ان لبنان بصدد الطلب من مجلس الامن القيام بذلك، ولكن هناك مطالبة من قبل بعض الفرقاء السياسيين بان تكون مواقفه الرسمية السياسية محايدة وان تكون بعيدة عن التأثر بأي جهة دولية ضد اي جهة اخرى ايا كانت، وهذا امر جيد في حال قرر لبنان اتخاذ موقف سياسي حيادي خصوصا تجاه كل المنطقة التي تشهد تناقضات سياسة حادة في هذه الفترة من شأنها ان تنعكس سلبا على لبنان. 
اذا المطلوب ان يكون لبنان بعيدا عن النيران المشتعلة حوله من خلال اتخاذه موقفا واضحا وصريحا معلنا بموافقة كل الافرقاء اللبنانيين، من دون اي استثناء، ان كان بإتباع سياسة «الحياد» او «النأي بالنفس».