بيروت - لبنان

اخر الأخبار

7 أيلول 2022 12:00ص إسرائيل مرغمة على توقيع اتفاق الترسيم لتجنّب الخسائر بالمليارات

الانشطار السياسي يحمل الشغور الرئاسي على الأكتاف إلى قصر بعبدا

حجم الخط
مع دخول لبنان مدار الاستحقاق الرئاسي لم تبرز في الأفق أي معطيات تفيد بأن هذا الاستحقاق سيتم في موعده بشكل سلس، بل على العكس فإن المؤشرات الناجمة عن المواقف السياسية بهذا الشأن تؤكد بأن الشرخ السياسي الموجود على الساحة الداخلية سيزداد اتساعاً، خصوصاً وأن أهل البيت الواحد الذين يفترض بهم أن يقبلوا على هذا الاستحقاق برؤية واحدة أو على الاقل متقاربة بدأوا من الآن عض الأصابع في ما بينهم بشكل يُؤكّد أن ولوج الانتخابات الرئاسية لن يكون بالأمر السهل لا على المستوى الداخلي ولا على المستوى الخارجي.واللافت في هذا المجال أن ما من أحد من أهل السياسة يتحدث الآن عن انتخاب رئيس، بل الحديث يدور حول البديل الذي هو الشغور الرئاسي، وكأن الجميع مُسلِّم «بأنه لن يكون للبنان رئيس جديد للجمهورية في الخريف المقبل، وقد وصل الأمر بهؤلاء إلى وضع سيناريوهات تعطيل الجلسات في البرلمان، حيث ان فريق الرابع عشر من آذار بدأ يضع خارطة طريق لتعطيل نصاب جلسة الانتخاب في حال كان المرشح من فريق 8 آذار، وفريق الثامن من آذار كذلك بدأ يضع تصوراً حول تعطيل الجلسة الانتخابية في حال كان المرشح من الفريق الآخر، مع أن إمكانية اتفاق أي فريق سياسي على مرشّح واحد صعب المنال في ظل الخلافات التي تعصف داخل كل فريق، وهذا الامر سيزيد أمر الانتخابات الرئاسية تعقيدا، لأن أي استحقاق داخلي يتطلب توافقاً سياسياً وهذا الشيء مفقود حتى هذه اللحظة وإن كان الجميع يعترف بأنه دون مسلّمة التفاهم والتوافق لا يُمكن إنجاز أي أمر داخلي مهما كان نوعه.
والغريب في الأمر انه حتى داخل الفريق السياسي الواحد، لا يوجد اتفاق حول المواصفات المطلوبة للشخصية التي ستجلس على كرسي الرئاسة في قصر بعبدا، وهو ما يعني أن المرحلة المقبلة ستكون حبلى بالمواقف التصعيدية، وعض الأصابع سيكون سيد الموقف، حيث ان هناك الكثير من الأسلحة التي يُمكن أن تستخدم في هذه المعركة في ظل التدهور الاقتصادي والاجتماعي والمالي، بالإضافة إلى ورقة النزول إلى الشارع التي بدأ يلوح بها نواب التغيير.
ووفق المعلومات فإن البطريركية المارونية تعيش هذه الفترة تحت وطأة مناخات تحمل الكثير من اليأس والامتعاض حول ما يجري بالنسبة للاستحقاق الرئاسي، وهذا ناجم عن وصول البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي إلى قناعة بأن القيادات السياسية والحزبية المسيحية لن يكون في المستطاع جمعهم تحت سقف بكركي كما جرت العادة في استحقاقات مماثلة، وقد حاول البطريرك التعويض عن ذلك بلقاءات فردية، لكنه لمس بما لا يدعو إلى الشك بأن جمع القيادات المسيحية على كلمة واحدة، بما يخص الاستحقاق الرئاسي بات أمراً مستحيلاً، وهذه القناعة ولّدت لديه هاجساً كبيراًَ من الخوف على مسألة الانتخابات الرئاسية وهو ما حمله على إطلاق سلسلة مواقف في عظات الأحد تحث على ضرورة اجراء الاستحقاق الدستوري في موعده، وتجنب الفراغ أو الشغور الرئاسي الذي قد يجر البلاد والعباد إلى مزيد من الانقسامات والفوضى.
أما في المقلب الآخر من المشهد السياسي، فإن الخلافات الحادة واضحة بين «التيار الوطني الحر» وباقي فريق الثامن من آذار، وأن محاولات الترقيع التي تجري من هنا وهناك لم تصل بعد إلى حدّ يُمكن معه القول بأن فريق الثامن من آذار سيدخل إلى القاعة العامة في مجلس النواب وهو متفاقم على إسم شخصية محددة لتولي الرئاسة، اللهم إذا حصلت متغيرات ما في المواقف يُمكن أن تفرضها التطورات الإقليمية والدولية من شأنها ان تفرض تغييراً جذرياً في المشهد السياسي.

الأسابيع المقبلة حبلى بالتصعيد السياسي المترافق مع مزيد من التدهور الاقتصادي والمالي

ووفق المعطيات، فإنه من الصعب القول بأن الانتخابات الرئاسية ستحصل في موعدها المحدد، لا بل ان الشغور الرئاسي هو السائد في أحاديث الصالونات السياسية، ومردّ ذلك في اعتقاد مصادر سياسية متابعة إلى صعوبة التقاء القوى المسيحية على مواصفات موحدة للشخصية التي يُمكن ان تدخل الخريف المقبل القصر الجمهوي، وكذلك إلى تباعد الافكار داخل فريق الثامن من آذار من هذه المسألة، مع الإشارة هنا إلى ان تقريب وجهات النظر داخل هذا الفريق لن يكون سهلاً في ظل انشغال «حزب الله» الذي كان دائماً يلعب دوراً محورياً في تدوسير الزوايا في العلاقة بين حلفائه بملفات عديدة في الداخل والخارج وفي أولويتها ترسيم الحدود البحرية حيث يعطي «حزب الله» هذا الملف الاهتمام البالغ حيث سيحدد طريقة مقاربته من قبل الوسيط الأميركي وإسرائيل ما إذا كان الأمر ذاهباً الى الانفجار أو الانفراج بعد أن أصبحت الصورة مكتملة وواضحة لدى الوسيط الأميركي بما خص مطالب الأفرقاء المعنيين.
وفي تقدير المصادر السياسية أن ترسيم الحدود هو اليوم الأساس، فإذا تمّ الاتفاق على الترسيم تصبح كل الأمور سهلة من انتخاب رئيس، إلى تأليف حكومة، إلى تفاوض سلس مع صندوق النقد الدولي.
وتؤكد المصادر ان اسرائيل سترغم على توقيع الاتفاق وسيحصل لبنان على حقوقه انطلاقاً من المعادلة التي وضعها استخراج يقابله استخراج، معتبرة أن تل أبيب تحسب ألف حساب قبل الدخول في أية حرب، وهي تعلم أن كل منصات التنقيب حتى النقب تحت مرمى صواريخ المقاومة، وفي حال قصفت ستخسر المليارات من الدولارات.