بيروت - لبنان

اخر الأخبار

27 أيار 2023 12:00ص إسمع يا جبران!

حجم الخط
هذا المقال نُشر في جريدة «اللواء» بتاريخ 20 أيار 2017، وأعيدُ نشره دون أي تعديل من منطلق التذكير إن نفعت الذكرى.
أخاطب جبران باسيل بصفته مواطناً لبنانياً يعنيه العيش المشترك وديمومة الوطن. وأناديه بإسمه مجرّداً لأنني أكبر سنّاً وأكثر تجربة ومُعاناة في الحياة، إذ أمضيت نصف عمري في الغُربة، ونصفه الثاني غريباً في وطني بسبب المُحاصصة!
من حقّك أن تتكلم بإسم المسيحيين، مع أنك وصلت باكراً جداً وبدون جهد إلى تبوؤ قيادة أكبر تكتل سياسي مسيحي، علاوة على فرض تبوئك لمناصب وزارية بالتعيين ودون استناد إلى تمثيل نيابي. لكن ليس من حقّك أن تدفع البلد إلى الفتنة وإلى حافة المهوار وأن تلعب بالنار المُحرِقة، تحت شعار «حقوق المسيحيين».
إن الإصرار على رفع هذا الشعار سيقابله تلقائياً رفع شعار «حقوق المسلمين» أو «حقوق السُنّة» أو «حقوق الدروز» أو «حقوق الأرثوذكس»!
هل تعتقد حقاً أن المسيحيين فقط هم الذين سُلبت حقوقهم؟
لو افترضنا أن هذا الأمر صحيح فهذا حدث بعد اتفاق الطائف. حسناً من سُلبت حقوقه في الفترة ما قبل الطائف؟! ومن لا يزال يُعاني اليوم بعد الطائف بسبب تسامح واعتدال وليونة قياداته الوطنيّة غير المتزمّتة مذهبياً!
هل تعلم أن دولة الرئيس صائب سلام (رحمه الله)، ومن باب الميثاقية، أعطى محافظ بيروت الأرثوذكسي (على الأقل، حبذا لو كان أرثوذكسياً بيروتياً) الصلاحيات التنفيذية التي يجدر أن تكون لرئيس البلدية المُنتخب أسوة بباقي رؤساء البلديات، صغيرها وكبيرها، في لبنان! ليس هذا فحسب بل حين حاول الرئيس الشهيد رفيق الحريري إعادة الأمور إلى نصابها، بادر الرئيس صائب سلام إلى إقناعه بترك الأمور على حالها، فعدل الرئيس الحريري عن الأمر، خاصة بعد ما واجهه من معارضة مرجعيات مسيحية!
أما الرئيس سليم الحص (أطال الله عمره)، فمن باب رؤيته التنموية والتنظيمية والتطويرية ألغى مجلس تنفيذ المشاريع الكبرى لمدينة بيروت حيث دُمِجَ بمجلس الإنماء والإعمار، وهكذا حُرِمت بيروت من مجلس خاص بها أسوة بغيرها من المناطق.
ولأن الرئيس الحص «حقّاوي» فقد أخرج من الأدراج آلاف طلبات نقل الإقامة إلى بيروت ووقّعها، وكانت مجمّدة هناك ليس من باب النكاية، ولكن كي لا تُسبب خللاً ديموغرافياً. واليوم أصبح الشيعة في دائرة بيروت الثانية ينتخبون نوّاب السُنّة والأرمن الأرثوذكس!
أما المُفتي السابق الشيخ محمد رشيد قباني فقد تخلّى عن منصب مدير عام (فئة أولى) في الدولة لصالح إيجاد منصب جديد هو مدير عام الإفتاء الذي تولاه المرحوم حسين القوتلي، وذلك كي لا يخلق إشكالاً عبر طلبه منصب مدير عام إضافي. والمُضحك المُبكي أنّ القوتلي ترك المنصب على خلاف مع المُفتي، وخسرنا منصب مدير عام في وزارات الدولة!
أما دولة الرئيس سعد الحريري فسجلّه حافل مع ذوي القُربى من أهله وطائفته في سبيل الوحدة الوطنية والعيش المشترك وتسهيل الأمور.
وهذا غيض من فيض.. «بدّك كفّي يا جبران ولا بيكفي هيك»؟!
ثُمّ لم الإقتصار على المُناصفة؟ لماذا لا نذهب إلى المداورة الشاملة؟ ماذا عن تبادل حُصص السُنّة بحصص الموارنة في كل من رئاسة الجمهورية، وقيادة الجيش، والمجلس الدستوري، ومجلس القضاء الأعلى، ومجلس شورى الدولة، والتفتيش المركزي، ومصرف لبنان وغيرها.
«نصيحة يا جبران ما تلعب بالنار.. وما تستضعفنا بأوراق التفاهم والأحلاف... وما تهدّدنا بأن التيار الوطني الحر باقي بوجهنا ست آلاف سنة ولازم نقبل بها الواقع»!
«سماع من هالختيار... الدنيا دولاب... قفّل عالموضوع واتقي شرّ الحليم»!