بيروت - لبنان

اخر الأخبار

17 كانون الثاني 2024 12:01ص إنتحار «نتنياهو»

حجم الخط
يحدث الانتحار السياسي المدوي في الشرق الأوسط عندما يقرر شعب عنصري صهيوني غاصب ومحتل بنخبه وقياداته من ذوي التسلّط والنفوذ اختيار القفز في غياهب المجهول لأسباب ومبررات يتقنون سردها وتعدادها ويهيّئون مستلزمات النشر والترويج لها.
على قاعدة «إذا دخلت نفقاً ولم تجد بصيص أمل في نهايته فأوغل» وقد تجاوزت مغامرات رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو وحكومته الفاشية معاركهم وحروبهم الدينكوشوتية في غزة المائة يوم من الفشل على مختلف الصعد السياسية والعسكرية والأمنية والإعلامية ووضعت جنوب أفريقيا تل أبيب في قفص الجنائية الدولية كمتهمة بجرائم الإبادة الجماعية والإنسانية وتراجعت السردية الصهيونية في الأذهان العالمية حد القرف لصالح الرواية الفلسطينية التحررية التي باتت على كل شفة ولسان ترددها شعوب العالم في كل ميدان «فلسطين حرّة».
فإن تصرفات نتنياهو هي ترجمة لفشل منظومة ودولة الكيان بالإصرار على عناد غير مبرر على الإطلاق بمنطق تفكير الدول المؤسساتية وقد تحوّلت إسرائيل الى مجموعة من الحمقى الساديين ليس فقط بداعي الانتقام بل وبسبب العنجهية والغرور الذي منعها أولاً من إنكار حق وقدرة الفلسطينيين الى عدم رؤية ذلك الصمود وتلك المتغيّرات على أرض الواقع والاعتراف بها بأن إسرائيل خسرت الحرب وزيادة معها سمعتها التي روّجت لها الأكاذيب على مدى ستة وسبعين عاماً وأمعنت باستغلال الهولوكوست واستحلاب ضرعها بمناسبة ودون مناسبة ضد خصومها فأفقدها تاثيرها في العالم حيث بات الآن الجميع يتجنّب عار الصهيونية بعد انفضاحها في غزة.
هذا بمجمله يشكّل حالة انفصام مرضية وصفها القرآن الكريم بأروع صورة في قوله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ * أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِن لاَّ يَشْعُرُونَ} (البقرة، الآيتان 11 و12).
المآلات التي تنتظر نتنياهو تقوده لنهاية واحدة هي الانتحار بداية نهاية المشروع الصهيوني وقد تكشّفت أكاذيبه كيف لرجل نرجسي لحقه الفشل في الداخل والعار في الخارج أن يتقبّل كل هذه الهزائم أبرزها الأخلاقية والإنسانية وهو في حقيقته وقد تبدّت في ردّه على اتهامات جنوب أفريقيا والجنائية الدولية وعلى خصومة حتى في الداخل الإسرائيلي نفسه كرجل فقد السيطرة على نفسه، يوزع الاتهامات يميناً وشمالاً كرجل عصابة.
في مجتمع الوحوش الصهيوني هذا وعلى مستوى المطبعين الاقليميين والرعاة الدوليين لن يرحمه أحد، الجميع يريدون كبش محرقة طالما هو نفسه أمعن في إحراق الجميع من أجل استمراره فوق صهوة السلطة، طابخ السم آكله وسيستمر هذا المجتمع في التآكل من الداخل حد الانتحار وقد تجرّع الهزيمة الحقيقية الأولى في تاريخه وهو قد تعوّد التبجّح في سحق خصومه السابقين كنزهة ليس إلّا، حقاً الخسارة تثير الشقاق والخلاف.
ونحن نتأمل أقوال نتنياهو كعيّنة للقيادات الصهيونية لا سيما الحكومة ومجلس الحرب عندما دافع عن «أخلاقية» الحرب التي تخوضها القوات الإسرائيلية في قطاع غزة رافضا اتهامات جنوب أفريقيا للدولة العبرية أمام محكمة العدل الدولية بارتكاب «إبادة ضد الشعب الفلسطيني».
وصرّح نتنياهو لدى بدء اجتماع لحكومته في تل أبيب: «سنواصل حربنا الدفاعية التي لا مثيل لعدلها وأخلاقيتها»، مؤكدا أن الجيش الإسرائيلي يتصرف «بأكبر قدر ممكن من الأخلاقيات» في قطاع غزة.
وقال إن الجيش «يبذل كل ما بوسعه لتفادي إصابة مدنيين، فيما تفعل حماس كل ما أمكنها لإلحاق الأذى بهم وتستخدمهم دروعا بشرية».
هذه التصريحات ومثيلاتها للقادة الإسرائيليين كافية لإحالتهم كظاهرة مرضية إجرامية لعلماء النفس والاجتماع.
في 22 أبريل عانى هتلر مما وصفه بعض المؤرخين بانهيار عصبي خلال أحد الاجتماعات العسكرية لتقييم الحالة، وفي هذا الاجتماع أقرّ هتلر بأن الهزيمة قريبة وأن ألمانيا ستخسر الحرب. وصرّح بأنه سينتحر وبعد ذلك سأل الدكتور فارنر هاسه عن طريقة جيدة للانتحار. واقترح هاسه تناول السيانيد ثم إطلاق النار على الرأس، فهل يفعلها «نتنياهو»؟!