غادرنا من دنيا الفناء الى دنيا البقاء الأمين العام الأسبق لاتحاد المحامين العرب الراحل المغربي العروبي الكبير إبراهيم السملالي.
نشأ المغفور له في المغرب حيث نما فكره، منحازاً الى روح الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان ودرس الحقوق في جامعة دمشق عاصمة العروبة في بداية الستينات فكانت بداية إيمانه بالوحدة والحرية والاشتراكية، ولعشقه للعدالة بدأ حياته قاضياً ليختار لاحقاً جناح العدالة الآخر رسالة المحاماة عام 1966 فإلتحق بنقابة المحامين في الدار البيضاء، أحبّ نقابته والمحامين وبادلوه الحب، فإنتخبوه نقيباً عام 1991، ورئيساً لهيئات نقابات المحامين المغربية عام 1994، وعضواً منضماً في النقابات المغربية وأميناً عاماً مساعداً في اتحاد المحامين العرب، وكان عضواً قيادياً في الاتحاد الاشتراكي المغربي برئاسة المناضل الرئيس عبد الرحمن اليوسفي الذي شغل منصب الأمين العام المساعد لاتحاد المحامين العرب في الشؤون الدولية، وتقديراً لنضال الراحل العزيز انتخبه المحامون العرب أميناً عاماً للاتحاد بتاريخ 8 ديسمبر 2003 في اجتماع المكتب الدائم في بيروت برئاسة نقيب محامي بيروت آنذاك الأستاذ سليم الأسطة، وتم تجديد ولايته لمرة واحدة نظراً لما بذله من جهد وعطاء لرفع شأن المحاماة العربية والمحامين مهنياً وعلمياً، ومشدّداً على تبادل الخبرات العلمية والفقهية والقضائية بين نقابات المحامين العرب، مؤكداً على دورها في صياغة القوانين على المستوى القومي والوطني، كما والعمل على تعزيز الروح الوحدوية العربية في جميع المجالات، من خلال المواقف والندوات والمؤتمرات والاتصالات والنشرات وتحريك كل القوى الحيّة في العالم.
في عهد الزميل الراحل جرت في مركز الاتحاد بالقاهرة أهم محاكمة شعبية حقوقية لكل من جورج بوش الابن، وتوني بلير، وشارون برئاسة المغفور له فخامة الرئيس مهاتير محمد، ومثّل فريق الادّعاء المناضل القومي الزميل خالد السفياني الذي هو اليوم المنسق العام للمؤتمر القومي الإسلامي ورئيس لجنة المتابعة للمؤتمر العربي، فأكدت المحاكمة على ان المتهمين يجسّدون الارهاب الدولي وهم عنوان لكل الذين ارتكبوا جرائم ضد البشرية في فلسطين والعراق...
وكان المغفور له الداعم القوي لي بصفتي كنت آنذاك رئيساً للجنة المرأة باتحاد المحامين العرب في عقد مؤتمر للمرأة العربية في المنامة - البحرين بولاية النقيبة الزميلة جميلة سلمان عام 2008، حضره أكثر من 150 محامية عربية وصدر في نهايته إعلان المنامة للمرأة العربية الذي يعتبر خارطة الطريق لكل المحامين العرب والمؤسسات والمنظمات والاتحادات النسائية العربية.
تميّز الراحل بالكلمة الطيبة، والبسمة الصادقة، ملبّياً متطلبات الواجب ونداء الإنسانية بعامة ولقضيتنا المركزية فلسطين بخاصة، مهما تقلّب الحال والزمن كان من الذين يرسمون على وجوههم نظرة الرضى مهما كانت المحن نفتقدك أيها الزميل الأمين وأنت من رحيل الأغنياء بالخلق والانتماء في هذا الزمن الذي يسوده التطرف، والطغمة، والزبائنية، وحب الذات، والهرولة الى العدو الصهيوني لكسب رضاه، لكننا سنستمر في مسيرتك مسيرة الصمود والتصدي مهما كلفنا ذلك من تضحيات مع زملائك واخوانك في المغرب والأمة العربية.
تغمدك الله برحمته وأنزلك منزلة الصدّيقين والأبرار وألهم عائلتك الكريمة والزملاء المحامين في المغرب والمحامين العرب والمناضلين والشرفاء جميل الصبر والعزاء.
* الأمين العام السابق لاتحاد المحامين العرب