بيروت - لبنان

اخر الأخبار

1 أيار 2023 12:23ص الأول من أيار... يا للعار!

حجم الخط
مرة أخرى تأتي ذكرى الأول من أيار... وربما سوف يقام احتفال يحضره عدد قليل من العمال، وتُلقى فيها الكلمات الجاهزة عن مواقف جامدة ومُعلّبة، تُستغلّ في نطاق السجال السياسي الدائر.
كانت الحركة النقابية والعمالية في لبنان في طليعة الحركات على المستوى العربي وحتى وفق المعايير الدولية، وكان لها وزنها وحضورها على صعيد السياسة الداخلية وخصوصاً النواحي الاقتصادية ولا سيما مؤشر غلاء المعيشة والمؤشر الاقتصادي السنوي وما يستتبعه من تصحيح الأجور. كما كان للحركة العمالية اللبنانية وزنها الإقليمي وحضورها الدولي، وكانت تُضاهي الأحزاب تنظيماً وتأثيراً ووضوحاً في الرؤية، وسرعة في التحرك، واستقلالية في الرأي والقرار.
لكن سياسة التدجين وتفتيت القوى الشعبية المؤثّرة، ووباء المذهبية والمناطقية، والفساد والمحسوبية، طالت النقابات والاتحادات العمالية. ولأن «الكثرة فيها البَرَكة!» فقد أصبحت النقابة نقابات، والتجمع هيئات، والاتحاد اتحادات. ورصدُ الجريدة الرسمية يُنبئ بالعجب عن النقابات والاتحادات التي تنشأ و«تفرِّخ» بين ليلة وضحاها.
وصار الصراع النقابي الداخلي يطغى على أي صراع آخر مهما كان أهميته وصلته بلقمة العيش ومستقبل الأبناء، ووصلت فداحة الأمر إلى أن يُـعتبر الاعتصام الذي يجمع خمسين شخصاً، والمظاهرة التي تحشد ثلاثمئة مُشارك، مدعاة للزهو ومؤشر على النجاح!
كانت النقابات والاتحادات العمالية تجتمع في أحلك الظروف وأصعب الأوقات في زمن الحرب الأهلية، محافظة على وحدتها في زمن الانقسامات، وعلى وضوح الرؤية في زمن التفلّت والضباب وعمى الألوان، مُناضلة من أجل لقمة «الغلابة والمعتّرين»، والآن في زمن «السلم» لم تجتمع هذه القوى العمالية منذ سنوات على موقف واحد مؤثِّر، بل لا تستطيع أن تجتمع!
للأسف لن تقوم للعمال قائمة بعد اليوم ما دام البعض من قادتهم ليسوا عمالاً أو حتى موظفون بل هم أشبه بالمديرين التنفيذيين، يصلون إلى الاجتماعات والمظاهرات في سياراتهم الفارهة برفقة سائقين ومرافقين وحرّاس شخصيين، وتجد صورهم تتصدر المدعوين الدائمين إلى حفلات عشاء النافذين العامرة.
أجل، لن يقوم للعمال قائمة بعد اليوم بعد أن أصبح البعض منهم رهينة للسياسيين ومطيّة لهم، والبعض الآخر رضخ للجمود الاقتصادي والخوف من البطالة والسعي إلى لقمة العيش بأيّ ثمن.
ولا تنسوا أن الدولة الخبيثة سلبت العمال حقّهم في عيد مُخصّص لهم، فأسمته «عيد العمل» وهو عيد أصحاب العمل والعمال سوياً!
يأتي عيد العمال في الأول من أيار دون «عمال» ولا حركة عمالية، يا للعار...