بيروت - لبنان

اخر الأخبار

19 كانون الأول 2023 12:01ص الإعلام الغربي والحرب على غزة تجاوز المنطق

حجم الخط
تاريخ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، فاجئ «طوفان الأقصى» وما تلاه من عدوان إسرائيلي على غزة  العالم الذي تتطلب نفساً عميقاً لفهم ما يجري ذلك الترف غير موجود في اللغة الاعلامية، حيث لا بد ان تكون جاهزاً ومتأهباً للتدخّل بكامل العتاد التقني والتكنولوجي والعديد البشري، وفق مسلمات القوة الناعمة الإعلامية: تقديم المعلومة الدقيقة والخبر التحقيق والتقرير الأكيد بمهنية وموضوعية، بهدف ربط الشارع بالأحداث حول العالم، والجمع بين قوّة الكلمة والصورة الثاقبة، وعمق القصة، وسابقيه الخبر ومصداقيته ونبذ رؤية العنف والدكتاتورية والقمع.
تغطية الحرب الإسرائيلية على غزة بين سرديتين: الأولى صهيونية تخدم الاحتلال والثانية فلسطينية مقاومة.
كان واضحاً ان الإدارة الأميركية والحكومة الإسرائيلية من تصريحاتهما وسقوفهما العالية للحرب بسحق المقاومة وإعادة الأسرى تضمران إبادة غزة وتهجير الضفة بما يستلزم ذلك من تعميق وتوسيع للمجازر بالقوة الغاشمة تحت تعتيم وعمى إعلامي.
لذلك عمدت كل منهما الى استهداف الإعلاميين بالمنع والتهديد والتعسّف والاعتقال والقتل، الإعلام الغربي الذي يدّعي الحرية تم تقييده من اللوبيات الصهيونية مثل الكلب وأخذ ينبح سرديتهم كطليعة للقوى المتحضّرة في شرق البرابرة وحقها الدفاع عن نفسها ضد الوحوش اللاإنسانيين الواجب إبادتهم وتراثهم دون رحمة أو شفقة وان التاريخ توقف كمبرر وسبب عند بدء «الطوفان» وليس عند وعد بلفور وسريان الاحتلال وتعتيم على ما يحدث في غزة وعموم فلسطين بالقول ان رجال «طوفان الأقصى» ذبحوا الأطفال واغتصبوا النساء في علاف غزة دون المرور على حق الذي تحت الاحتلال بالمقاومة وعبقرية العملية من الناحية الاستخبارية وكيف اخترقت حماس معاقل وأوكار الأجهزة الأمنية الإسرائيلية في غلاف غزة بما فيها الجيش الإسرائيلي نفسه.
في هذا الوقت كان بعض الإعلام وعلى رأسه «قناة الجزيرة» يكشف ما ترتكبه قوات الاحتلال في عموم فلسطين لا سيما في غزة من جرائم جماعية وإبادة إنسانية، وأن مأساتهم لا بد أن يراها العالم وتقول: انك إذا استمعت فعليا الى الفلسطينيين كبشر والى مطالبهم فسوف تدرك انهم هم من يتشاركون مع المتحضرين الحقيقيين القيم النبيلة والأصيلة وهذا يرعب الحكومات الغربية في مصالحها الجيوسياسية داخل المنطقة وان الوعي الذي بدأ يتشكّل لن يسمح لإسرائيل بالاستغراق في خيالاتها الاستعمارية الاستيطانية.
جوهر هذه التغطية الإعلامية التي اعتمدها الإعلام الحر، لم تُرضِ قادة جيش الاحتلال الإسرائيلي، فأخذ جيش الاحتلال بالتضييق عليها واستهداف مراسليها وأسرهم وعائلاتهم بالتهديد والقتل، حتى بلغت فاتورة الشهداء من الصحفيين (62) شهيداً على عداد مفتوح على كل الاحتمالات، حيث لا بد من أن يدق ناموس الخطر المتزايد الذي يطال الصحفيين والإعلاميين العاملين في غزة وعموم فلسطين.
يمكن النظر الى حالة الإفلاس الإعلامي الغربي على انها الابن الشرعي للخطاب السياسي الرسمي الاستعماري في كل من واشنطن ولندن وباريس وبرلين وقد أمعن في النقاش في المسلّمات التي هي مضيعة للجهد والوقت، وتخطّى أطروحة التفكير المنطقي التي صرعت عقولنا بها النخب الغربية، وبتنا نسمع معها في الإعلام إياه المقيّد مصطلحات منحازة تبريرية مقيتة لوحشية الاحتلال مفعمة بالثرثرة اللامسؤولة واللاإنسانية.