بيروت - لبنان

اخر الأخبار

15 كانون الأول 2023 12:02ص «التيار الوطني الحر» يطلق غداً مؤتمر النازحين: دور البلديات لمواجهة أزمة الوجود والمؤامرة الدولية

حجم الخط
لعلّه الملف الأدق والأخطر على التركيبة اللبنانية، ديموغرافيا وإقتصاديا وإجتماعيا وسياسيا، والذي لا يبدو أن اللبنانيين يتعاطون معه بقدر خطورته وسط انقساماتهم رغم ظروفهم الصعبة.
إنه ملف النازحين السوريين الذي يتفاقم يوما بعد يوم ولا نسمع سوى الصراخ العالي من دون تحرّك جديّ على الأرض، بينما يقف لبنان عاجزا في وجه مؤامرة دولية تستهدفه لإسكانهم طويلا على طريق توطينهم بما لا يخدم قضيتهم الأولى المفترضة بالعودة وطبعا بما لا يخدم اللبنانيين بجميع فئاتهم وبتلاوينهم الطائفية المختلفة. ومن المؤسف أن القضية التي تشكّل إجماعا عند اللبنانيين وقعت من جديد في متاهات الاتهامات المتبادلة بين من أوجد هذه المشكلة على طول الأرض اللبنانية وعرضها، بدلا من التصدي السريع لظاهرة تكبر باضطراد ربما إلى وقت يصبح اللبنانيون أقلية على أرضهم! ولذلك بات في غاية الأهمية توجيه رسالة إلى الخارج لدفع المجتمع الدولي إلى أخذ الأمر بجدّية وسط دعوات إلى تسهيل هجرة النازحين نحو أوروبا وهو ما سبق به «التيار الوطني الحر» غيره وتشدّد به.
في خضم كل ذلك تأتي مبادرة متجددة من التيار الذي سيرفع الصوت في مؤتمره الكبير غداً، في مركز لقاء - الربوة تحت عنوان «منتدى البلديات حول النزوح السوري: الاستقرار الإجتماعي: إعادة النازحين بتطبيق القانون وتحفيز البلديات»، بمشاركة واسعة لقت دعواتها صدى إيجابيا حتى من قبل خصوم التيار.
يؤكد مسؤول ملف النازحين في التيار وتكتل «لبنان القوي» النائب جورج عطا الله لـ«اللواء»، أن المؤتمر يأتي في السياق الطبيعي لموقف التيار من موضوع النازحين منذ العام 2011. «الملف الوجودي الذي لم يتم التعاطي معه مثل ما يلزم على مستوى السلطة السياسية، وكنا قدمنا إقتراحات قوانين في المجلس النيابي بات جزءا كبيرا منها قيد المناقشة وعقدنا مؤتمرات على مستوى التيار وعلى مستوى المناطق لكي ننبه لخطورة هذا النزوح والمؤامرة التي يقوم بها المجتمع الدولي لدمج وإبقاء النازحين في لبنان».

سلطة البلديات والرؤساء

يشدّد القيادي في التيار على الدور الأساسي للبلديات على مستوى المجتمع المحلي، «وكنا عقدنا ثلاثة مؤتمرات في الأقضية في الكورة وقضاء جبيل وقضاء كسروان ولقاء مع رؤساء بلديات في مركز التيار في ميرنا الشالوحي، لنؤكد أن للبلديات صلاحيات كثيرة لا سيما رؤساء البلديات لتنظيم هذا الوجود ومنعه من الاستمرار والاستيطان والحد منه».
هو يعطي أمثلة كثيرة مثل فرض شرط الموافقة على كل من يفتح محلا تجاريا على أن لا يكون نازحا والسؤال حول صفته وما إذا كان يستحوذ على إقامة وإجازة عمل التي تحدد بدورها أنواع العمل التي من حقه ممارستها. كما لدى البلديات سلطة على صعيد المحلات غير المستوفية للشروط مثل المحلات التجارية والمخازن التي يسكن فيها نازحون غير معروفي الهوية، ومثلا في موضوع السكن منع التجمعات في الشقق السكنية التي لا تتحمّل مساحة والسكن غير المستوفي الشروط الصحية والسلامة..
المؤتمر هدفه وضع البلديات أمام واجباتها في سبيل أمن القرى، خاصة وان النازحين يُلقون عبئا على كل البنى التحتية من كهرباء وماء وطرقات وصرف صحي ونفايات.. وهي أمور يزيد استهلاكها وكلفتها والبلديات أصلا شحيحة الموارد..
سيكون على المؤتمر وضع خطة عمل مع الاستفادة من خبرات بلديات تقدمت في جهودها على هذه الصعد بينما وقفت أخرى مكتوفة الأيدي، حسب عطا الله.

لا يمكننا الانتظار

بالنسبة إلى التوقيت كان الموضوع قيد الدرس وتم إرجائه بسبب الأوضاع، «لكننا توصّلنا الى انه لا يمكن البقاء حتى تستقر الأمور وكل الأوضاع لكي نباشر به ويجب عدم تضييع الوقت، خاصة وأن المجتمع الدولي لا يتجاوب معنا».
ويلفت النظر إلى قرار سياسي دولي لاستعمال النازحين كورقة. «هم لا يريدون الاعتراف بشنّهم حربا على النظام السوري لكن النظام بقي، واليوم لا يريدون التحدث معه وفي الوقت نفسه لا يريدون للنازحين العودة لأنهم يريدون التحدث مع النظام، وإذا لم يعودوا إلى بلادهم ثمة خوف من أنهم قد ينزحون في اتجاه اوروبا لذا يريدون توطينهم بالمغريات والتهديد والترغيب».

ضغط على العائلات أولاً

يؤكد عطا الله أن الكثير في لبنان غير نازح ويتخذ صفة لجوء للظهور بأن ذلك لضرورات أمنية، بينما هناك من يذهب إلى سوريا في الأعياد وفي المناسبات وفي الشتاء مثلا حين تقلّ الأشغال ثم يأتي بعائلته وهذا نازح اقتصادي لا يناسبنا وجوده، وبالتالي فالبلديات عندما تتخذ القرار بالتضييق عليهم سيبدأ هؤلاء بترحيل عائلاتهم ثم يرحلون بعدها، مع اعترافنا ان جزءا كبيرا منهم لا يُحل أمرهم إلّا بقرار دولي.

القوى السياسية متجاوبة

ويشير ردّاً على سؤال ألى ان التجاوب السياسي قائم مع التيار من غالبية القوى، «خاصة أننا طرحنا ورقتنا للبلديات على الجميع، ومن الطبيعي أن لا تلقى إجماعا على كل ما فيها وقد تكون هناك ملاحظات على بعض البنود».
على أن الأهم الآن هو ما بعد المؤتمر فتسجيل الموقف لم يعد ينفع ويؤكد عطا الله أهمية التوصيات والخطوات العملانية المقبلة، «ونحن نعرض على الكثير من القوى لجانا مشتركة للتعاون بغض النظر عن الإختلافات في السياسة، للمساعدة مثلا في العنصر البشري وتأمين الدعم المادي واللوجستي لكي تتمكن من تسجيل كل من في القرية وتصنيفه وإعطاء مهل لتنظيم أو تجديد ما يتعلق به أو العمل على تسوية أو توجيه الإنذار له لترك القرية بمهلة معينة».

الجلسات.. وما بعدها

ستتناول الجلسة الإفتتاحية أبعاد الأزمة: تحليل لمخاطر النزوح ومستوى التهديد الذي يشكّله على لبنان بعد اندلاع الحرب في غزة. تحديد مخاطر الأزمة التي تحوّلت الى أزمة وجود. الأبعاد الداخلية والأبعاد الخارجية. شرح خلفيّات المواقف الدولية، الأوروبية بشكل خاص والجهد الديبلوماسي للبنان. 
ويشارك فيها رئيس التيار جبران باسيل ووزير الشؤون الاجتماعية هيكتور حجار وممثل وزير الخارجية والمغتربين.
ثم يبحث المؤتمر تحديد واقع الوجود السوري في لبنان بين نازحين وعمّال وعائلات. تحديد صلاحيات المحافظين في لبنان وحدود تدخّلهم. التحديات التي تواجهها البلديات ومنها مثلا موضوع الرشاوى للشرطة والتدخّلات السياسية والأمنية لتغطية نازحين مخالفين وإعادة النظر في الصلاحيات الواسعة الممنوحة لرؤساء البلديات. وتحديد إجراءاتها ودراسة بنيتها التحتية وبرامج الدعم المستقبلية.. وغيرها..
كما سيتم تناول العلاقة بين النازحين وبيئة العمل في ضوء قانون العمل اللبناني ومثلا اقتصار مجالات عملهم في أعمال البناء والزراعة والنظافة. وتأثير أزمة النزوح على العمالة اللبنانية من خلال تحديد نسبة البطالة بين اللبنانيين.
ثم تأتي التوصيات وخطة المتابعة كتعزيز التعاون والتنسيق مع القوى الأمنية والجيش اللبناني لمنع التسلّل عبر المعابر الحدودية غير الشرعية. وحثّ الحكومة اللبنانية على تنفيذ خطة عودة النازحين السوريين لعام 2020 وتسهيل أي مبادرة للعودة. والضغط على الجهات المانحة ووكالات الأمم المتحدة لتعزيز برامج إعادة التوطين في بلدان ثالثة ودفع الجهات المانحة إلى إنشاء مسارات تكميلية. واقتراح تشريعات في المجلس النواب لمنع التجنيس المقنع أو التوطين الدائم في البلديات. وإشراك الأطراف السياسية اللبنانية في الخطة.