بيروت - لبنان

اخر الأخبار

8 تشرين الأول 2020 12:02ص «الجنوب».. مُغامرة الصحافة التي تُحاكي المُعارضة و«الثورة»

من حراك الثورة في صور من حراك الثورة في صور
حجم الخط
جاءت إنتفاضة 17 تشرين الأول في الجنوب لتشكل فرصة لكثير من المعارضين الحزبيين والمستقلين، لتأطير الجهود والمراكمة عليها والإنطلاق منها نحو تأسيس عمل معارض لا يقتصر على مكان الإنطلاقة نحو آفاق مناطقية أوسع.  

والحال أن الانتفاضة فعلت في تحفيز الجنوبيين لكسر حاجز الخوف من السلطة، ونشطت فيها أحزاب ومجموعات وشخصيات كانت في الأصل تعمل على الأرض في إطار ما اصطلح على تسميته بقوى الاعتراض التي تواجدت في الانتخابات الأخيرة تصويتاً أو خاصة عبر المقاطعة، وهو ما دلت عليه نسبة المشاركة غير العالية في الانتخابات ليس في الجنوب فقط بل في لبنان كله.

اليوم، تبني قوى الاعتراض على عملها ما قبل وخلال الانتفاضة لتأسيس فعل سياسي معارض برزت على طريقه مغامرة إعلامية ورقية في عكس سير الإعلام الصحافي المكتوب: «الجنوب».

يشرح حسان الزين، أحد المؤسسين والمشرف على تلك الورقية بحكم تمرسه الصحافي، ظروف النشأة وقرار التأسيس في ظل العمل المُعارض. هي فكرة فرضت نفسها في زمن «كورونا»، «فبينما كنا نعمل لتنظيم مؤتمر في الجنوب يؤسس لمعارضة وطنية، برزت صعوبات عملية لعقد اللقاءات وتنظيم الذات، وكانت فكرة إصدار «الجنوب» في سبيل التأسيس لنجاح هذا المؤتمر».

وقبل الولوج في أهمية المغامرة الورقية، يتوقف الزين عند ضرورة المؤتمر في هذه الظروف الذي لا يشكل إطارا لتجميع ساحات الثورة أو لتوحيدها، فساحات النبطية وحاصبيا وصور وصيدا تلتقي في الثورة، ولكن هدفنا بناء معارضة، ونريد المؤتمر للمساهمة في عملنا في الجنوب لبناء تلك المعارضة كما يجب أن يتم في كل لبنان. ويزيد: المؤتمر سيأتي بين أناس اتفقوا على خيارهم السياسي ويريدون بناء اطار لهم يكون له صدى لدى الناس بعد الاتفاق على قضايا كبرى، على أن يتفق هؤلاء في المؤتمر على الباقي أو تأجيل المختلف عليه.

وقد بدأ العمل في فترة ما قبل 17 تشرين لتوفير مجموعة عناصر لتلك المعارضة بين قوى الاحتجاج والاعتراض عبر الاحزاب والمجموعات والافراد. يقول الزين: كنا نريد إطلاق المؤتمر في ذكرى الاستقلال الماضي في 22 تشرين الثاني، وكانت شبكة الاتصالات مفتوحة مع الاحزاب السياسية الاعتراضية المتواجدة في الجنوب كـ«التنظيم الشعبي الناصري» و«الحزب الشيوعي» و«منظمة العمل الشيوعي» وحزب «الطليعة» وبعض المجموعات والأفراد، لكن مع اندلاع الثورة تغيرت الظروف ثم جاء «كورونا»، لنتخذ قرارنا بإصدار «الجنوب».

ويشدد على أن الذين يُحَضرون للمؤتمر هم في الثورة ويريدون الارتقاء بالعمل من الاحتجاج الى المعارضة لتقديم برنامج وإطار ورؤية للبلد في شكل منفتح على القوى في المناطق الاخرى. بالنسبة إليه، الشارع لا يكفي وثمة نقص في الخطاب والمشروع السياسي ولا إطار سياسي جامع لقوى الاحتجاج، والناس اليوم تريد تطوير هذا العمل في الساحات وتحويل الفعل الى المناطق وعدم تركيز الجهود في بيروت. ويشرح: مع الانتفاضة نحن في مرحلة تطوير الخطاب في زمن الوباء، وجاء قرار تأسيس صحيفة عبر مبادرة فردية اذ اننا لسنا مجموعة منظمة بل علينا توفير الفرصة للجميع للتحاور وهذا هو منطلقنا الأساس.

الجريدة الوسيلة لتفعيل التواصل 

والحال أن ثمة جرأة في مقاربة إصدار ورقية في ظل التراجع لا بل الانحدار في تلك الصناعة، ويبدو سؤال التمويل مشروعا. 

يؤكد الزين أن الجريدة هي وصيلة تواصل في غاية الأهمية، ويشدد على طبيعة المغامرة التي شملت أيضا موقعا إلكترونيا وصفحات على وسائل التواصل، وسيكون الإصدار الورقي شهريا على أن لا يتراوح الطبع بين أكثر من ثلاثة وأربعة آلاف نسخة.

نحن حواريون ولسنا إلغائيين، وسننشر سجالات علنية ونشرح ماهية الدولة التي نريدها والخطوات العملية لنا وبرنامجنا للعمل، وستكون الجريدة منبرا مفتوحا ضمن قواعد مهنية تضمن التنوع والحوار، يقول.

لكن حسب المؤسسين، فالنفقات المادية محصورة جداً وستبقى في نطاق عملية الطبع والتوصيل الى المشتركين وبعض الأمور اللوجستية، وهم يعتمدون على بعض الدعم من الأصدقاء، والصحيفة في الاصل لن تتعدى الصفحات الثماني. لذا فالأمر لا يعني ضخامة في الانتاج الورقي في هذه الظروف الصعبة، وهو ما يدفع الزين الى مطالبة المنتظرين للعمل بعدم تحميل المؤسسين أكثر من طاقتهم.

ومع صدور العدد الأول في إحدى مطابع بيروت والذي كان مقرراً الشهر الماضي لكن تم تأجيله للضرورة الى الشهر الحالي، بدا واضحا أن المواضيع لن تقتصر على السياسة. «نحن نقدم مادة صحافية ذات اهداف سياسية وإجتماعية وصحافية، وأجرينا في العدد الاول مقابلة شاملة مع نقيب المحامين ملحم خلف ودخّلنا تقنية الفيديو في حوار متنوع المواضيع والزوايا حول مشروع بناء الدولة والمؤسسات وهي مواضيع تهمنا في إطار تحرير الدولة من تمادي هذه السلطة في ممارساتها».

نتوقع الصعوبات

ويبقى الهدف بالنسبة الى المؤسسين في نقل التجربة المرجو نجاحها الى المناطق في سبيل مؤتمر وطني عام يخدم الفكرة. 

لكن من غير الخفي أن لوضع الجنوب خصوصية نتيجة الوضع السياسي السائد. ويعلم المؤسسون بالصعوبات العمليّة على صعيد تنظيم الاجتماعات وورش العمل الضرورية للخروج بالخلاصات والتوصيات، لكنهم لا يقاربون ردة الفعل الأخرى المحتملة بسلبية. «فالناس متواجدة في الشارع برغم الاعتداءات والتضييقات، ونحن في الأصل حواريون ولا نريد الصدام مع أحد والجنوب متنوع تاريخيا كلبنان، والآخرون لا يدّعون حصرية التمثيل كما أننا لسنا صدى لكل من 14 آذار و8 آذار وللمناسبة فقد أنهتهما 17 تشرين». 

تنتاب الحماسة المؤسسين هذه الأيام في عملهم التطوعي كما يؤكدون، وهم يُعولون على عنوان «الحوار» الذي من شأنه أن يزيل الفكر المُسبق عن الآخر، ويريدون تجنب النقاش النظري والشعاراتي نحو تفاعل عمليّ يُخرجون به اللبنانيين من شيطنة بعضهم البعض.