بيروت - لبنان

اخر الأخبار

8 أيلول 2021 12:00ص الحاج رياض عيتاني خسارة للعمل الإنساني في لبنان

حجم الخط
آخر اتصال بيني وبينه كان الإثنين الماضي حيث طلبت منه كالعادة أن يزوّدني بالآليات التي يمكن معها أن نساعد سيدتين بحاجة ماسّة للمساعدة، فكان تجاوبه كالعادة سريعاً وحققنا لهما المطلوب، أقول هذا لأشير بإنه بقي الراحل يقدّم الخير حتى آخر دقيقة من حياته.

المغفور له الحاج رياض عبد اللطيف عيتاني، قامة بيروتية لبنانية بدأ حياته متوثباً متميّزاً حاملاً للقيم الأخلاقية، وهو بذلك من ناس التعمير لا من ناس التدمير، الذين أوصلوا البلد الى الانهيار الشامل، وهو المؤمن بالعمل الجماعي، بأن ما يوجد يكفي الجميع، وهو مع مبدأ أنا وأنت ننجز العمل بسرعة وبأقل جهد، ومن هنا كان وجوده الفاعل بالمؤسسات الخيرية المتنوعة، وجوداً مميّزاً بالالتزام بشؤون الناس بكل نزاهة ومسؤولية وأمانة، ويشهد بذلك الجميع وكان عمله وسيرته ومثابرته في عمل الخير أدّى الى كشف المجموعات المزيفة التي تدّعي عمل الخير وهي تعمل لذاتها.

من هنا كان الخير والحب والطيبة شعاره وقناعته في الحياة، ويمكننا القول عنه «الخير يمشي على قدمين» وفي البيئة اللبنانية عامة والبيروتية خاصة لن نعدم والحمد للّه من أمثاله، حيث في سلوكه طيلة حياته أنشأ مدرسة للخير، ستبقى مستمرة في ظل غياب الدولة عن رعاية أبنائها في كل مراحل حياتهم بما فيها الشيخوخة.

الراحل عربي أصيل ككل بيروتي ولبناني كانت فلسطين قضيته المركزية، عمل لها في لبنان كما في كل بلد عربي عمل به، لإيمانه الثابت ان العدو الصهيوني الذي احتل أرض فلسطين لا بد للعمل على إجلائه عن أراضيها من البحر الى النهر، وعودة أبنائها إليها، وكانت المقاومة عنده الطريق الوحيد للخلاص من هذا الغاصب المحتل.

الراحل الكريم من مؤسسي الجبهة الموحدة لرأس بيروت خلال الأحداث الأليمة التي مرَّت في لبنان، والتي ضمّت جميع الأطياف اللبنانية المقيمة في منطقة رأس بيروت، ونظمت الحياة الوطنية فيها وبخاصة الحياة الاجتماعية والمعيشية والاستشفائية، فكان دوره بارزاً في الحفاظ على العائلات وأخلاقياتها والروح اللبنانية الميثاقية الصافية.

الراحل العزيز كان حسن الخُلُقْ، وما عمله من رفق بالخَلْقِ سيكون أثقل ما يوضع في ميزانه يوم القيامة.

نودّع رجلاً وطنياً آمن بالسلم الأهلي، وبالوحدة الوطنية وعمل لهما، كما ومحارباً للفساد والفاسدين، ومقاوماً لثقافة الإقتتال والإنقسام، الى جانب اهتمامه بالضعفاء والفقراء ليأخذ بيدهم الى دنيا الآمان والحياة الشريفة، وذلك على الصعيد الشخصي ومن خلال وجوده وفاعليته بقيادة المؤسسات الإجتماعية والدينية التي عمل من خلالها.

تغمّده الله بواسع رحمته، وأنزله منزلة الصدّيقين والأبرار وحسن أولئك رفيقاً.

تعازينا الحارّة للعائلة الكريمة والأحباء والأصدقاء وهم كثر والحمد للّه، وسيبقى بيت المرحوم الشيخ الأستاذ عبد اللطيف عيتاني وأبناؤه وأحفاده مدرسة دائمة في عمل الخير بإذنه تعالى، ولنقتدي بها جميعاً ولتعمل عائلاتنا في هذه المسيرة بالتكافل والتضامن فيما بينها لنرتفع بمجتمعنا الى أعلى المراتب. 

 * الأمين العام السابق لاتحاد المحامين العرب