بيروت - لبنان

اخر الأخبار

17 شباط 2023 12:00ص الرئيس سعد الحريري... الغياب المُرّ وألم الحياة وأمل النجاة

حجم الخط
الرئيس سعد الحريري، العائد الغائب عن المسرح السياسي الهابط في لبنان، والإنسان الحاضر دوماً في عقول وقلوب اللبنانيين الأوفياء والأحبة الصادقين، أحباء الرئيس الشهيد رفيق الحريري، قائد مسيرة الإنماء والإعمار في لبنان، وأحباء السعد المجبول بروح الرفيق وحب لبنان وألم الحياة بعد فراقه، الرفاق والنبلاء، المثقفون والناس البسطاء، مخيّلاتهم ويومياتهم وشوارع بيروت خاصةً، لا يغيب عنها طيف الزعيم السنّي والوطني الاستثنائي «رفيق الحريري» الذي قيل له أنه بات أكبر من لبنان، فقال عبارته الشهيرة: «ما حدا أكبر من بلده».
رحم الله الشهيد رفيق الحريري وأعان الله لبنان. كلمات قليلة قالها الرئيس سعد الحريري في ذكرى وداع الرفيق الثامنة عشرة، وبعد صمتٍ بليغ منذ عام، حين قرر عدم الترشح للانتخابات النيابية وتعليق عمله السياسي بسبب تضييع كل الفرص الحقيقة لإنقاذ لبنان، وتحويل مشروع بناء الدولة إلى ما يشبه وديعة محتجزة لدى مصارف النفوذ الإيراني والتخبط الدولي على حساب مصلحة لبنان وأمل شعبه في النجاة من جهنم وبئس المعاد. وقد حمل كثيرون على هذه الخطوة التي تأتي من خارج السياق التقليدي لدى الزعامات السياسية في لبنان، ولكنها الخطوة الصحيحة والطبيعية من صفحات كتاب «رفيق الحريري» التي قرأها الإبن الوفي كمرآة تعكس ملامح مضامينها المتماهية وجوداً وعدماً مع فكرة الدولة ومشروع بنائها والنهوض بإنسانها ومؤسساتها وعمرانها وحضارتها.
ينسى أو يتناسى كثيرون العوائق والعراقيل التي كانت توضع أمام مشاريع رفيق الحريري التنموية والإنقاذية من الأزمات والركود الاقتصادي، والسعي الدائم إلى إفشال المقررات والإصلاحات المنصوص عليها في خطط حكومات الرئيس رفيق الحريري والمؤتمرات الدولية لدعم لبنان على غرار «مؤتمر باريس ١» و«مؤتمر باريس ٢» وصولاً إلى اتباع نفس النهج الهدّام مع حكومة الرئيس سعد الحريري ومؤتمر سيدر الدولي لدعم الاقتصاد اللبناني المنعقد في باريس سنة ٢٠١٨ حيث أعلن الرئيس الفرنسي «إيمانويل ماكرون» عن تمكن المؤتمر الدولي من جمع قروض وهبات بقيمة تفوق الـ ١١ مليار دولار أميركي.
وهكذا تعمل البروباغاندا الإعلامية الموجهة ضد الرئيس القوي سعد الحريري على تظهير صورة مختلفة لأدائه وغير حقيقية كما لو أنه باستقالته أو تعليقه العمل السياسي قد فَقدَ السيطرة على القيادة التي تسلّمها خلفاً للرئيس الشهيد رفيق الحريري، بينما الحقيقة معروفة وهي أن ما عانى منه الرئيس سعد الحريري هو عين ما كان يتعرض له الرئيس رفيق الحريري الذي استقال من رئاسة الحكومة مستودعاً الله لبنان الحبيب وشعبه الطيب. وعلى هذا النهج لرجل الدولة المسؤول سار الرئيس سعد الحريري في تقديم استقالته استجابة لمطالب ثورة ١٧ تشرين ٢٠١٩ بالرغم من التهديدات المباشرة التي تعرّض لها لثنيه عن هذه الاستقالة، وكذلك في اعتذاره عن التكليف بتشكيل الحكومة بعد تفجير المرفأ في ٤ آب ٢٠٢٠ بسبب جموح العهد السابق إلى تعطيل إنجاز الرئيس المكلف لمهمته وفقاً لبنود المبادرة الفرنسية، وبما يؤكد على عدم تمسّكه بأي سلطة لتحقيق مكاسب سياسية فردية أو مصالح شخصية ضيقة، وإنما هي سلطة مقبولة في «كتاب رفيق الحريري» - الذي هو كتاب سعد الحريري - حيث يكون الإنجاز ممكناً لحساب الدولة والصالح العام في لبنان.
إنه الغياب المُرّ، تجرّعه اللبنانيون برحيل الرفيق قبل ١٨ عاماً، وما زال الأحباء يتجرّعون مرارة هذا الغياب ومعهم الرئيس سعد الحريري الذي قال أن «الأشخاص الذين كانوا اليوم في ساحة الشهداء هم ضمانة لبنان ورمز الاعتدال وأنا لن أتركهم». غياب الرئيس سعد الحريري عن لبنان له مرارته أيضاً، وقد أثبتت الانتخابات الأخيرة وعام مضى أنه لا أحد يملأ فراغ سعد الحريري في المعادلة الوطنية، كما أثبتت السنوات الطويلة من سوء الإدارة وتدمير أسس الدولة وعلاقاتها مع الدول العربية وأعضاء المجتمع الدولي أنه لا مستقبل في لبنان من دون العودة إلى أفضل العلاقات مع الدول العربية، ولا سيما مع المملكة العربية السعودية وباقي دول الخليج العربي، وإنجاز الإصلاحات الضرورية التي يمكن أن تفتح باب المساعدات الدولية مجدداً على أمل انتشال لبنان من الهاوية.