بيروت - لبنان

اخر الأخبار

14 كانون الأول 2023 12:01ص الفيتو الأميركي في مجلس الأمن موقف عنصري يُعرّي سياسة واشنطن الخارجية

حجم الخط
هو موقف عنصري لأنه لا يساوي بين أهمية حياة الإسرائيليين والفلسطينيين ويعطي الحق والوقت والأدوات لإسرائيل كقوة احتلال بالانتقام من المدنيين وارتكاب صنوف المجازر بدعم عسكري واستخباري ومالي وإعلامي وسياسي ودبلوماسي وقانوني من خلال تشريعات تعتبر معاداة الصهيونية هو معاداة للسامية مع التوسّع في استخدامات تلك المصطلحات لتشمل أصناف من الابتزاز السياسي.
لفهم السياسة الأميركية وعلاقتها بإسرائيل في منطقة الشرق الأوسط تتطلب بعض التفكيك المعرفي من خلال الربط بين «هل حياة العصفور في الجبل هي ضرورية لحياة السمكة في البحر؟».من حيث الشكل لا ترابط. لكن عندما يتم تفكيك التركيب المعرفي استناد الى الوظيفة البيئية لكل منهم، نرى ان سبب بقائهما مرتبط جدلياً.
نفس العنوان الإشكالي يواجه المعضلة الفلسطينية بشكل عام والغزاوية بشكل خاص في التعاطي معها من حيث الترابط الوجودي بين المصالح الاستعمارية الغربية وادواتها في المنطقة في عالم تسيطر عليه «الصهيونية».
الشرق الأوسط في قلب متاهة يلزمها أكثر من منطق تفكيكي لفهمها وأكثر من آخر تركيبي لحلّها ولإعادة تشكيلها. من المعلوم ان الوسيط هو شخص نزيه ومحايد وهذا ما لا ينطبق على الإدارات الأميركية المتصهينة المتعاقبة بشهادة تاريخ استفراد رعايتها شؤون التسوية ومسار أوسلو الذي يضع المنطقة دائماً على حافة الهاوية.
بالأمس القريب استخدمت الولايات المتحدة الأميركية، حق النقض (الفيتو) خلال تصويت في مجلس الأمن الدولي ضد مشروع قرار يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة.
وبسردية متناقضة قال نائب المندوبة الأميركية في المجلس «روبرت وود» إن الولايات المتحدة استخدمت حق النقض (الفيتو) ضد مشروع القرار لأنه لم يذكر الهجمات التي شنّتها حركة «حماس» ضد إسرائيل، علماً ان إسرائيل كدولة احتلال ليس لها الحق بالدفاع عن احتلالها عكس المقاومة التي تقوم بواجبها الوطني وتمارس حقها القانوني والإنساني كما ان القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني يلزم قوة الاحتلال حماية المدنيين والأعيان، وبالتالي تصبح الحجّة الأميركية معاكسة تماماً لما استخدمت من أجله.
وصوّتت 13 دولة لصالح مشروع القرار، واستخدمت الولايات المتحدة حق النقض وامتنعت المملكة المتحدة عن التصويت.
ودعت نسخة مسودة مشروع القرار، التي قدمتها الإمارات، إلى «وقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية»، وكذلك «الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن» و«ضمان وصول المساعدات الإنسانية».
وانضمت ما لا يقلّ عن 97 دولة أخرى إلى هذا الجهد، وشاركت في رعاية مشروع القرار الذي صاغته الإمارات.
وكان التصويت هو المحاولة السادسة التي تقوم بها المجموعة المكوّنة من 15 عضوا للتوصل إلى توافق في الآراء بشأن الحرب المستمرة على غزة ولم ينجح سوى تصويت واحد سابق دون جدوى، والذي دعا الشهر الماضي إلى إقامة «هدن وممرات إنسانية» في غزة.
وجاء تصويت، الجمعة، بعد لجوء نادر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى المادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة، والتي سمحت له بالدعوة إلى اجتماع لمجلس الأمن بشأن «قضية قد تؤدي إلى تفاقم التهديدات القائمة لصون السلام والأمن الدوليين»، ولم يتم استخدام هذا الإجراء منذ عام 1989.
رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني علّق على الفيتو الأميركي قائلاً: يجب أن يكون هناك وقف لإطلاق النار في غزة، وهذه أول مرة على الأقل في حياتي أرى فيها الدعوة لوقف إطلاق النار تصبح قضية مثيرة للجدل.
وتعليقا على الفيتو، قال وزير خارجية السعودية الأمير فيصل بن فرحان، في لقاء مع قناة PBS الأميركية: «نختلف مع واشنطن بقرارها، ونشعر بخيبة أمل كبيرة لأن مجلس الأمن لم يتمكن من اتخاذ موقف حازم»، وفق ما نقلته قناة الإخبارية السعودية الرسمية. 
من جانبه، انتقد وزير خارجية سلطنة عمان، بدر البوسعيدي، في تغريدة عبر حسابه بمنصة «إكس»، الموقف الأميركي، قائلا: «استخدام حق النقض في مجلس الأمن يشكّل إهانة مخزية للمعايير الإنسانية»، معربا عن أسفه لتضحية واشنطن بحياة المدنيين الأبرياء.
فيما أكد عضو المكتب السياسي لحركة «حماس» عزت الرشق، في بيان أن عرقلة الولايات المتحدة لوقف الحرب بغزة «مشاركة مباشرة لإسرائيل في قتل أبناء الشعب الفلسطيني»، معربا عن إدانته للفيتو.
بالعودة لجلسة مجلس الأمن الدولي كاد المندوبين الأميركي والإسرائيلي وهما كاذبين يقنعان نفسيهما ان «حماس» هي أصل المشكلة وليس الاحتلال الإسرائيلي.
مندوب إسرائيل لدى الأمم المتحدة جلعاد إردان وبشيء من التكرار والتوكيد لصناعة تصوراته الخاصة بسردية الاحتلال لتبرير ارتكاب مجازره كرّر اسم حماس عشرات المرات خلال الجلسة قائلاً: إن الأمن والاستقرار الإقليمي لا يمكن أن يتحققا قبل القضاء على حركة «حماس»، من جهته نائب المندوبة الأميركية في مجلس الأمن روبرت وود وبتناقض تام قال: ندعم بقوة السلام الدائم لكن لا نؤيد الدعوات إلى وقف فوري لإطلاق النار. هذا المنطق لدى الطرفين يحاول التعمية على أصل المشكل وهو الاحتلال وان استمراره يغزي المزيد من الدوافع الاستقلالية والتحررية.
من سخرية السياسة الدولية الحالية ان المندوبين الأميركي والإسرائيلي وقد تناسيا تحلل الأجنة في المستشفيات وعشرات الأطنان المتفجرة من القذائف والصواريخ التي أطلقتها المدفعية الإسرائيلية وقصفتها أحدث الطائرات الحربية على غزة بكثافتها الديمغرافية الأعلى في العالم 2،5 مليون نسمة ومساحتها الضيقة 360 كلم2 وقد هجروا ضمن القطاع نفسه لمساحات تم حشرهم فيها كعلب السردين، يعتبران ان حماس هي من تقتل أهلها الغزاويين وتحاصرهم وتمنع عنهم الامدادات الإنسانية، وذلك على رأي الشهير «باسم يوسف» كلما حاول قتل زوجته تحتمي بأطفالهما كدروع بشرية وان الشعب الفلسطيني يرفض الموت بالرغم من ان المنايا تحيط به من كل جانب ويتشبث بأرضه وإسرائيل تخلق كل الظروف لتهجيره وإبادته عندما تجفف كل وسائل الحياة الممكنة.
في الجهة الأخرى كان آداء المندوبين العرب والمسلمين في أروقة مجلس الأمن باهتاً يعبّر عن رتابة الأنظمة وعجز الشعوب وغير مؤثر ربما لافتقادهم الكفاءة والدوافع الحقيقية بإصرارهم على مج سردية السلام العربية الهزيلة مع الاحتلال، وهذا يدفعنا للإشارة الى أهمية وجود ممثلين أكثر كفاءة كسفير فلسطين لدى المملكة المتحدة «حسام زملط» صاحب الصولات والجولات المؤثرة في الإعلام الدولي كخير ممثل للشعب والحق الفلسطيني التحرري.
ولأن «غزة» بأهلها ومقاومتها تنتصر بصمود أسطوري في هذه الحرب ويظهر الفلسطينيين أفضل نسخة إنسانية على الإطلاق.
المفكرة التركية «ايجين اوغلو» وصفت سكان غزة بأشجع أهل الأرض، وفي المقابل يظهر العالم العاجز والمتواطئ اسوأ ما عنده، ومن لم يرَ إشارات النصر الغزاوية هذه فهو أعمى البصر والبصيرة.
وعليه على العرب والمسلمين الكفّ عن تقمّص دور (أبي رغال) مستوجب اللعنات وإلّا يكونوا باستمرار الرجل المفلس كاليد المكسورة لا يمكنك فعل شيء بها ولسان حالهم هذه جرائم حرب مروّعة وعلى الجنائية الدولية التحرك وسكان غزة جائعون ونأمل أن يسمح لنا السيد نتنياهو بفرصة تقديم الأكفان وبعض المعلبات المنتهية الصلاحية.
يجب عليهم البناء على الصمود الفلسطيني وقول كفى ولمرة واحدة ونهائية لواشنطن، على وقع:
يا ابن غزة يا بقية عزّنا...
فليحرقوا كل النخيل بساحنا... سنطلّ من فوق النخيل نخيلا
فليهدموا كل المآذن فوقنا... نحن المآذن فإسمع التهليلا
نحن الذين إذا ولدنا بكرة... كنّا على ظهر الخيول أصيلا