بيروت - لبنان

اخر الأخبار

24 حزيران 2023 12:00ص القرار الارتجالي في إلغاء شهادة «البريفيه»؟

حجم الخط
فوجئ اللبنانيون (ووزير التربية) بقرار جاء من خارج جدول أعمال مجلس الوزراء طرح إلغاء امتحانات الشهادة المتوسطة «البريفيه» المقررة في 6 تموز 2023 بناء على قول وزير الداخلية عن صعوبات لوجستية لدى قوى الأمن في تأمين سلامة الامتحانات، وضرورة تركيز الجهد على إجراء امتحانات الثانوية العامة بدل الجهد الذي سيُصرف على الشهادة المتوسطة!
هذا مع العلم أن وزارة التربية على استعداد تام وجهوزية لتنظيم امتحانات الشهادة المتوسطة، وقد أمّنت مراكز الامتحانات والأساتذة المُراقبين والمُصححين وفرق إعداد الأسئلة والاعتمادات لدى وزارة المالية، كما أمّنت مع الجهات المانحة دعماً بالدولار الأميركي يُدفع إلى الذين سيشتركون في هذه العملية بواسطة شركات تحويل الأموال مباشرة.
قرار إلغاء شهادة «البريفيه» يعني بوضوح وصراحة أن وزارة التربية ستستلم من المدارس الرسمية والخاصة اللوائح الاسمية للطلاب، وأن تمنح الجميع إفادات دون قياس أهلية المتعلمين للانتقال من المرحلة المتوسطة إلى المرحلة الثانوية، «يعني راح الصالح بعزا الطالح»، فهل أدرك أصحاب القرار مدى خطورة هذا القرار الاعتباطي؟!
ردّة الفعل على القرار جاء من طرف العديد من العاملين في الشأن التربوي حيث أكدوا على أهمية التقويم الرسمي في نهاية المرحلة الأساسية، ولأنها تشكّل مفصلاً رئيساً في حياة المُتعلّم، يتمكّن من بعدها من المضي في التعليم الثانوي العام أو الانتقال إلى التعليم الثانوي التقني. وحذّروا أيضاً من أن المَسّ بشهادة «البريفيه» يُصيب التعليم الرسمي الأساسي بمقتلٍ لا شفاء منه، تماماً كما أدّى التعديل الاعتباطي للمناهج إلى انهيار المستوى التعليمي في جميع المواد، وخصوصاً اللغة العربية.
المؤسف أن القرار الارتجالي بإلغاء الشهادة المتوسطة «البريفيه» لم يأخذ بالحُسبان وجود وظائف عديدة في دوائر الدولة والمؤسسات العامة والبلديات والقوى الأمنية والعسكرية تشترط حيازة شهادة «البريفيه» للتوظيف، ومنها على سبيل المثال لا الحصر: الكُتّاب والجُباة وبعض فئات الأجراء والحُجّاب، والتلامذة الرتباء (الجيش)، والمأمورون المتمرنون (الأمن العام)، والخفراء المتمرنين والخفراء البحريين المتمرنين والخفراء السائقين المتمرنين (الجمارك)، وغيرها من الوظائف، ما يستدعي تعديل أنظمة التوظيف ومتطلباتها، ولا سيما أنظمة مجلس الخدمة المدنية.
الأمور في لبنان مُعقّدة ومتشابكة ومتداخلة جداً، و«مْكَربَجِة» بعضها في بعض، ويستلزم فكّها صبراً وحنكة، ولذا فإن القرارات يجب أن تتم بكل دقّة وشمولية، مع الانتباه إلى التداعيات في اتخاذ أي قرار.