بيروت - لبنان

اخر الأخبار

9 أيلول 2023 12:01ص اللامركزية مؤجلة وهجمة عربية دولية لحماية الطائف

حجم الخط

إنها أكثر المراحل توتراً على صعيد الخطاب السياسي منذ استهلال لبنان للشغور الرئاسي، لا سيما من جهة المعارضة التي لجأت إلى تصعيد إستباقي كان أبرز تجلياته خطاب رئيس "القوات اللبنانية" سمير جعجع ورئيس حزب "الكتائب" سامي الجميل، وإن اختلفت النبرة في كلمة جماهيرية لجعجع في معراب ومقابلة تلفزيونية بالنسبة إلى الجميل.

هذا التصعيد يتقاطع مع هجمة دولية وعربية على لبنان لمواجهة أي خيار برئيس ممانع سواء كان رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية أو غيره (ذلك أن الأسماء المُتداولة في فلك الممانعة عديدة ومنها من يتقاطع مع "التيار الوطني الحر").

لكن الأهم هنا في هذه الهجمة يتخطى في أهدافه أيضا تلك المواجهة ليحلّ موضوع حماية إتفاق الطائف على جدول أولوياته خاصة عند الطرف العربي وعلى رأسه المملكة العربية السعودية.

ثمة من المتابعين للموقف الغربي، الأميركي خصوصا، من يؤكد ان كل الطروحات التقسيمية التي خرجت من عقالها وستجهر أكثر في المراحل المقبلة في هذا الجو الطائفي المحموم، لا تحظى بدفع أميركي وغربي وهي ليست مرتبطة بمخاوف كثيرين من عودة مشروع التقسيم الى العالم العربي من البوابة السورية، علما أن الأحداث في سوريا لا يمكن مقارنتها بما حدث في العام 2011 ومن بعده، وهي لا تنذر بالسوء الذي جرى سابقاً وبتوسعه..

من هنا فإنه مهما برزت تلك الطروحات التقسيمية تحت عناوين الفيدرالية، فإن موضوع وحدة البلاد متفق عليه بين كل المتخاصمين في الخارج، وطبعا بين الأميركيين والإيرانيين.

الأمر يسقط نفسه على موضوع اللامركزية الذي يُناقش بين "حزب الله" و"التيار الوطني الحر" لناحية عدم القبول الغربي به. وهو نقاش لن يفضي الى نتيجة أقله في المدى المنظور بينما يتطلب انتخاب رئيس الجمهورية تسريعاً للمفاوضات الداخلية كون الوضع لا يتحمل أي ترف للوقت.

صحيح أن اللامركزية الإدارية التي أقرها الطائف تشدد على أن الدولة اللبنانية دولة واحدة موحدة ذات سلطة مركزية قوية، لكن الصحيح أيضاً أن القضايا التي يرفعها التيار تتخطى ما اتُفق عليه في الطائف، حسب كثيرين. فموضوع التوازن بين قوى الطوائف تطلب حربا بشعة لـ 17 عاماً للتوصل الى تسوية مقبولة وإن غير مثالية فقد كانت الأولوية لوضع حد للدماء المُسالة عبثاً.

أما اللعب في تلك الموازين اليوم وإضفاء الطابع شبه الاستقلالي المالي في التقسيمات الادارية بفعل الواقع وليس بالضرورة النص، سيفعل في تعزيز النزعة التقسيمية ناهيك عن كونه لا يحقق المطلوب وسط مرض الطائفية والفساد.

على أن المهم اليوم مواجهة الاستحقاقات الكبرى وعلى رأسها الكارثة الاقتصادية والمعيشية وإعادة اموال اللبنانيين المسروقة ومواجهة انحدار الليرة وقبل ذلك ربما التصدي لموضوع خطير يتصاعد خطره مجدداً وهو موضوع اللاجئين السوريين.

كل ذلك ستكون أولى لبناته عملية انتخاب رئيس للجمهورية وبدء دورة تشكيل السلطة مع اختيار رئيس للحكومة وتشكيل حكومته والشروع بالمفاوضات مع الخارج من صندوق النقد الدولي وغيره.

لذا فإن هذه الهجمة الخارجية على لبنان اليوم تهدف في ما تهدف الى التلاقي على رئيس توافقي يمكنه الحصول على شرعية غعادة بناء البلد، ولعلها مرحلة شبيهة بانتهاء الحرب الأهلية وبدء مرحلة إعادة الاعمار تحت ظل الطائف لكن الحذر هنا من إعادة سوء تطبيقه.

لذا يحذر كثيرون من المس بهذا الإتفاق وثمة مساعي داخلية لحمايته من قبل الطوائف المختلفة فعلى الصعيد السني ثمة موقف واضح من قبل دار الفتوى وشخصيات سياسية. وهنا تقوم انتقادات من قبل بعض الشخصيات لجلسات الحوار التي تهدف لانتخاب رئيس للجمهورية عبر الحوار دون الآلية الدستورية. لكن الموضوع مختلف لدى آخرين ممن لا يشتركون بهذه النظر تجاه الحوار.

وعلى الصعيد المسيحي لا تقبل بكركي باللعب بالطائف لكن المسيحيين في شكل عام يريدون تعديل ثغرات فيه برزت خاصة أخيراً، خاصة على صعيد المدد الدستورية التي لم يتنبه لها أو لم يرد ذلك صائغو الطائف قبل 34 عاماً، علما أن صائغي أي دستور يفترضون حسن النية ووجود أركان دولة يحسنون بعد ذلك تطبيق الدستور أو التعديلات عليه.

من هنا يبدو مشروع اللامركزية، بأشكاله المتعددة وتفسيراته المتنوعة، مؤجل اليوم حتى أجل غير منظور، لكن حماية الطائف تبقى أولوية.