بيروت - لبنان

اخر الأخبار

20 كانون الأول 2019 12:00ص المهم أن تبقى روح الميثاق

حجم الخط
«ان الحكــم الوطني الصالــح هو الـــذي يصـــرف اللبنــانيين عن كل تفكير طائفي ليحلّ محله التفكير الوطني الخالص»

«تقي الدين الصلح»

لا بد من القول بأن الانتفاضة الوطنية والمعيشية التي بدأت منذ ستين يوماً ونيّف أعطت صورة ليس في لبنان فحسب بل في العالم، كله بأن اللبنانيين يعملون للوصول الى حقوقهم الإنسانية والوطنية بصورة صحيحة وجيدة بعيدة عن كل الصغائر والكبائر، بحيث قدّموا أبهى صورة متقدمة لانتفاضة سلمية رائعة أرست وما زالت قواعد ناجحة غير مسبوقة في طبيعة التحركات التي تضمنت كل الفئات العمرية وكذلك في شعاراتها الهادفة وفي زخمها وفي حجم المشاركة البارزة للمرأة وللطلاب في النشاطات العلمية والثقافية والاجتماعية والفنية، وفي انكفاء النقابات والاتحادات العمالية التي كانت فيما مضى محور التحركات المطلبية، فأصبحت غائبة عن مسرح الانتفاضة كقيادة، لكن تشترك فيها جماهيرها من منطلقاتها وقناعاتها الذاتية، وهكذا أيضاً يسجل غياب الأحزاب، ولو ان بعضها تظهر من خلال إشارات خجولة، ولكن لا تظهر دورها المطلوب منها في هكذا انتفاضة لا فكراً ولا تحضيراً ولا تنظيماً ولا تنفيذاً.

ونعتقد ان الجماهير المنتفضة بشعار «كلهن يعني كلهن» المقصود منه ليس فقط الفاسدين من المسؤولين الذين تسلموا مهمات على مستوى هيكليات الدولة، بل المقصود قيادات كل الاحزاب التي شاركت في المسؤوليات الحكومية، لكن لم يكن لها الدور الرقابي والمعارض والمحاسب لكل التصرفات والجرائم المرتكبة بحق الوطن والمواطن، ونلاحظ بشكل فاضح محاولة تعطيل مسيرة الانتفاضة في كل ساحات نضالها وفي كل نشاطاتها ليبرز ليس فقط الضرب والحرائق بل الشعارات المذهبية والطائفية لإجهاض الانتفاضة التي تحوّلت الى ثورة فعلية على الواقع بكل جوانبه، وندعو الثوار المحافظة على روح 43 الميثاقية التي اعطاها الزعيم تقي الدين الصلح الأولوية حيث قال:

«المهم الآن هو المحافظة على روح 43 التي أعطت اللبنانيين تلك القوة التي وقفوا بها في وجه الانتداب، وانتزعوا بفضلها استقلالهم وسيادتهم، وان هذه الروح إن حافظنا عليها لقادرة أن تعطينا كل الصيغ التي يتطلبها تطوّر لبنان وتقدّمه وبناؤه من جديد مع المحافظة على جوهر القضية وهو وحدة لبنان شعباً وأرضاً وبناءً، لتكوين وطناً عزيزاً مستقلاً سيداً حراً متقدماً يلعب دوره العربي والعالمي».

وهنا نشدّ على يد الثوار لبناء الدولة التي عطّل بناؤها «كُلْهن»، وليبقى صراعنا مع من يريد عدم قيامتها، ونذكر قول دولته أيضاً:

«ان لبنان كان دائماً ساحة صراع بين الدولة والدويلات التي تبنى على نفوذ اشخاص زعماء وطوائف وأحزاب».

فعلينا واجب منع هؤلاء من تحقيق دويلاتهم التي يعملون لتحقيقها بدعم من كل الدوائر الأجنبية المتربصة بالوطن وبالشعب، كي نفوّت عليهم فرصة القبض على روح الميثاق. وذلك بالوعي الوطني المبني على المواطنة، والبرامج التي أصبحت واضحة، لكن قضيتنا اليوم هي قضية الرجال رجال الذين بإمكانهم تحقيق هذه البرامج.

 * الأمين العام السابق لإتحاد المحامين العرب.