بيروت - لبنان

اخر الأخبار

5 حزيران 2023 12:00ص باسيل يسقط من حسابات نصر الله.. كيف سيرد «الثنائي» على محاولات حشره في الزاوية الرئاسية؟

حجم الخط
فعلها جبران باسيل، وهو على طريق الجلجلة الرئاسية، انفصل عن حزب الله، ووضع تفاهم مار مخايل جانباً، وعاد إلى حيث أن يكون إلى بيئته المسيحية المتشددة، وتحالف مع الشيطان، ليس لشيء، بل لإبعاد مرشح «الفرض الشيعي» (على حدّ تعبيره) رئيس تيار المردة النائب السابق سليمان فرنجية عن سلوك طريق بعبدا، أو الوصول الى القصر الرئاسي..
ترك حزب الله حليفه المسيحي الأكبر والأقوى يلعب لعبته إلى آخر الإمكانات المتاحة له، فهو أوقف الاتصالات المباشرة معه، وتركه «يهوج ويموج» كما يحلو له، ليس من زاوية أن لكل فريق فرح بما لديه، بل لأن مرحلة الطلاق كان لا بدَّ لها من أن تسلك هذا المنحى، ولم يكن بمقدوره أن يحول دون ذلك، ولا بأي شكل من الأشكال.
تبرَّع الوزير السابق وئام وهاب ومعه النائب السابق إميل رحمة، لنقل رسالة، لم تكن ممهورة بتوقيع قيادة حزب الله، لكن الحزب، على الأرجح، أخطر بها، بأن ما يذهب اليه رئيس التيار الوطني الحر لجهة الردّ على حزب الله بالتوجه «شرقاً» (أي الى  خصومه في المناطق التي كانت تسمى «الشرقية» أيام الحروب والتوترات، يتجاوز الخلاف مع حزب الله أو مناجزة فرنجية الى الرمق الأخير، بل هو سلوك يؤدي الى وضع المسيحيين، بجملتهم الساحقة بمواجهة مكشوفة مع طائفة أخرى، هم الشيعة التي يعبّر عنها بنوابها الـ27، ورئاسة المجلس والوزراء ما يسمى ثنائي أمل- حزب الله.
لوقت ليس ببعيد كان حزب الله ما يزال يراهن على أن الوعي السياسي أو «الرشد السياسي» سيعود إلى عقل باسيل، ولكن لاحقاً تبيَّن أن مثل هذا الرهان ليس بمحله، بعد إجتماع تكتل لبنان القوي، بحضور الرئيس المؤسس للتيار رئيس الجمهورية السابق ميشال عون، والذي طرح فيه «الخيار الجديد» بالإنفكاك عن الحزب، والعودة الى «الجماعة المسيحية»، بغطاء من بكركي، التي حملت راية «التقاطع المسيحي» أو الإتفاق المسيحي على إبعاد مرشح حزب الله، والسير بمرشح آخر، ليس بحجم المرشح السابق النائب ميشال معوض «عداء للحزب»، هو وزير المال السابق ومدير شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في البنك الدولي جهاد أزعور الذي يغلب عليه الطابق المالي الاقتصادي، وجاء اختياره بعناية بالغة، وبدقة لجمع كلمة المسيحيين والتغييريين، وبعض نواب السنّة من قوى 14 آذار، من دون معارضة درزية، تعيد وضع الحزب التقدمي الاشتراكي، الذي قرَّر رئيسه وليد جنبلاط، الابتعاد عن المشهد في لحظة رئاسية حاسمة.
في الشكل، بدا «المشهد ديمقراطياً»، مرشح بمواجهة مرشح: أزعور المناهض لحزب الله بمواجهة فرنجية المؤيد لحزب الله، وما على الرئيس نبيه بري إلَّا الدعوة الى جلسة لمجلس النواب لإجراء عملية الانتخاب، والخروج من الشغور الرئاسي كيف سيرد حزب الله، ومعه الرئيس بري على هذا التحدي الجديد، وكيف سيتصرف الرئيس بري، الذي بيده وحده حق الدعوة لجلسة لانتخاب الرئيس؟
سيردّ بري مجدّداً، وبالشكل أيضاً: أعطوني مرشحين جديين اثنين، لأدعو إلى جسة، يعني ان على أزعور ان يعلن ترشيحه، ولن يلاقيه فرنجية الى منتصف الطريق، فيتعين على جبهة المعارضة، التي انضم اليها باسيل أن تعلن مرشحاً ثانياً، فهل تقدم على خطوة من هذا النوع؟
أمَّا في الأساس، فانتخابات الرئاسة اللبنانية سواء في صيف 2023 او خريف العام نفسه أو حتى في الشتاء، فهي على طريق أن تشكل منعطفاً جديداً من الانقسامات، ليس على المستوى الداخلي وحسب، بل أيضاً على مستوى الكتل والأحزاب والتيارات، بدءاً من التيار الوطني الحر، الذي  حاول رئيسه الإيهام بأن حزب «الاختلاف مقدس»، ولكن حق الإلتزام بمقررات الخيار مقدّس أيضاً..
المشهد السياسي الراهن يعيد البلاد الى المشهد الذي تشكل عام 2005، بعد إجراء الانتخابات النيابية، في دمشق كان الرئيس بشار الاسد يتلقى تهديداً أميركياً، بتدمير القصر الرئاسي حيث يقيم ما لم ينسحب من لبنان، كان حزب الله، ومعه الشيعة بمواجهة مع كل الطوائف تقريباً، بعد مهرجان 8 آذار عام 2005، الذي سرعان ما جرى الرد عليه بمهرجان 14 آذار..
نقل حينها عن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله قوله أن لا بأس من حصول فريق 14 آذار على الاغلبية النيابية، بدل وقوع الحرب الأهلية مجدداً لا سيما بين السنّة والشيعة..
المشهد الآن بعد هذه السنوات الصعبة، احدث فيه تحولات هائلة، لكنه متبدّل على ما حصل: قوى المحور الذي ينتمي اليه فرنجية خرجت قوية، بالمقابل تعرضت الجبهة المناوئة الى تصدعات لا تخفى على أحد.. وتتحرك المعطيات وفقاً لترسيمة ليس من السهل التنبؤ تماماً بمسارها، ولكن لا بدَّ من الاشارة الى ما يلي:
1 - لن يسلّم الثنائي بتقاطعاته الداخلية والخارجية بوصول رئيس غير فرنجية الى قصر بعبدا، ما لم يبادر  الأخير الى سحب ترشيحه، (وهذا المعطى المتوقع غير متوقع).
2 - لن يذهب حزب الله الى «خلاف مدمر» مع باسيل، ولن يتعرض لا بالهجوم السياسي، أو غيره للتيار الوطني الحر، لديه رهانات أخرى، هو المؤهل للكشف عنها في بروزها، وظهورها على المسرح العملي..
3 - ولكن الذين يعرفون جيداً الامين العام للحزب، يعرفون، وعن يقين، ان شخص باسيل لدى السيد حسن نصر الله الامين العام بات من الماضي، سواء بقي التواصل على نطاق محدود أم لا..
4 - لن يكون «الثنائي الشيعي» بمواجهة لا مع الكونغرس الأميركي ولا مع اي جهة أوروبية، سيبحث عن الوساطة الكفيلة بتجنب هذه المواجهة.
5 - وعلى جبهة الانتخابات، لن يكون ملكياً أكثر من الملك، كما يقال، فنواب بارزون في الحزب، قالوا مراراً أن الآلية الجديدة في مقاربة الاستحقاق الرئاسي، قد تدفعه خطوات بعيداً من دون تحقيق أي تقدُّم.
وعلى الجملة، إدارة الدولة مستمرة، بما تيسر من حكومة، ولجان مشتركة، ومجلس مستعد للانعقاد بشرط فريق رئيسه، وحاكمية مصرف لبنان على حالها، الى نهاية تموز وما بعد تموز.. أمَّا دورة الزمن الرئاسي، فهي تخضع لحركة أفلاك منظورة وغير منظورة؟!