بيروت - لبنان

اخر الأخبار

5 تشرين الأول 2022 08:07ص بصراحة... وإن كانت جارحة؟!!

حجم الخط
أخطر شيء في مسيرة الأمم والأوطان عندما تغيب أو تغيّب حقائق الوقائع والأمور، ويتعامى الحكام وحكوماتهم عن ما يجري في أوطانهم وما يُرسم لبلدانهم، فيصبح حال كل منهم كمريض السرطان القاتل فتسقط عنه كل العلاجات ولا أمل بشفائه ويكون تمنّي الموت له هو الحل والرحمة الإلهية لإنقاذ المريض مما هو فيه من آلام وعذابات فوق قدرة الإنسان على تحمّلها ويكون الموت هنا للمريض نعمة واستمرار الحياة نقمة.
وبصراحة متناهية، هذه حال بعض من دولنا العربية حاليا يفتك بها وبكثير من شعوبها هذا المرض وسموم قاتلة مشابهة، ودول عربية أخرى غير مبصرة ولا متبصرة لتلك المعاناة لشعوبها ولمصيرها وان أدرك البعض شيئا من هذه الحقائق الكارثية فلا يجرؤ على إعلانها والتحذير من عواقبها ولا يملك منفردا كدولة أو مع الأشقاء من دول أخرى تقديم أي من الحلول حتى الصغيرة منها لانها لا تملك استقلالية الإرادة الوطنية المطلوبة ولا استقلالية القرار الوطني بل هي في مكان آخر لدى أمم ودول أخرى أجنبية ترسم إنهاء الحياة لدول المنطقة العربية تحديدا ولشعبها العربي المجيد، من هذه الدول الأجنبية، الصهيو-أميركية بغاية التقسيم والتفتيت واحداث حروب أهلية عنصرية تحت يافطات طائفية ومذهبية وسيادة الدولة اليهودية على أنقاض الأمة العربية. وأمم أخرى جارة دأبها مد النفوذ والسيطرة والقضم والضم واحداث انقلابات عنصرية وإنشاء تجمعات وحشود عسكرية مليشياوية وهي الأخطر بنتائجها لتكون هي القوة الممسكة بمفاصل الدولة والحياة العربية وهي التي تمنح وتمنع..
والمثال الصارخ الآن هو ما يجري في العراق على انقاض نتائج الغزو الأميركي المجرم الذي أطاح بالعراق دولة وجيشا ونظاما وحكما وحكومة وباتت الفوضى الهدّامة الأميركية وما رسمه المبعوث الأميركي بريمير من دستور أسقط منه هوية العراق العربية وجعله كيانات طائفية ومذهبية وعنصرية وتعاون مع من لم يرفع السلاح والمقاومة لغزوه واحتلاله وقتل وحاصر وعاقب المقاومين  المجاهدين من الشعب العراقي البطل الذي دحر المحتل وأعوانه والذين صمتوا عن غزو العراق واحتلاله، أن الشعب العراقي يناضل لاتمام التحرير الكامل وإعادة الحرية والسيادة والريادة، وان العراق لن يكون شأنا أميركيا ولا عثمانيا ولا فارسيا أنه عربي الهوية والانتماء والموقع والتاريخ والحضارة، وأي عبث بهذه المقومات وبوحدة الشعب العراقي يضع أصحابها في خانة التآمر والعدوان على العراق وطنا وشعبا ودولة وعلى الأمة العربية وشعبها المقدام، وهذا ما يجب على الدول العربية وقادتها ادراكه وتداركه والوقوف إلى جانب القادة العراقيين والشعب الذي ينتصر للوطنية العراقية المبرأة من أية انقسامات عنصرية طائفية ومذهبية وجهوية وتبعية ولهويته العربية.
وما جرى ويجري في العراق قد يتكرر في سوريا التي تتنازع عليها دول عدوة للعرب ولسوريا وهي أميركا، وحلفاؤها وأخرى صديقة روسيا وإيران وتركيا وكل منها بات لها فوق الأرض السورية، جيوش ومليشيات وقواعد عسكرية فضلا عما أصاب الوطن السوري من خراب وتدمير والأخطر هو تهجير الملايين من الشعب السوري إلى بلدان العالم للعيش حياة الذل والهوان داخل مخيمات اللاجئين ومن غير المستبعد التآمر العربي سواء الرسمي أو قوى التطرف والإرهاب كل هذا يجري والمسؤولون العرب بموقف المتفرج وفي نقاش حول عودة سوريا إلى موقعها, الريادي والطبيعي الى جامعة الدول العربية كأنهم يدفعون بها لتكون شأنا غير عربي أو تجزئتها إلى مقاطعات موزعة للقوى القائمة فوق أراضيها أعان الله سوريا وخزل أعداءها وحماها من أصدقائها ودول عربية أخرى ليست أحسن حالا كليبيا  والسودان واليمن ولبنان، وسوقه الى جهنم وبئس المصير وتداعي الانهيارات بمعظم مؤسساته السياسية والقضائية والتشريعية والمالية والاقتصادية والاجتماعية والكهرباء والمياه وكل مرافق الحياة.
في الشهر القادم انعقاد مؤتمر القمة العربي والذي بات انعقاده تجاه هذه المخاطر المحدقة بدوله وشعبه ضرورة ملحّة اليوم قبل الغد وتأجيل انعقاده كما يشاع  تفريط وإفراط بأمن الأمة وسلامها وبحاضرها ومستقبلها فماذا حكام العرب فاعلون لحماية الوجود العربي؟!
سوف ننتظر الخير والأمل والرجاء واتخاذ القرارات العربية الشجاعة لحماية أوطان الأمة من الغزو والسيطرة الأجنبية المتعددة الرؤوس والغايات والاطماع ووقف الصراعات الداخلية التي أنشأتها القوى الخارجية التي تضمر الشر لكل ما هو عربي الهوية واللسان.
 ومن أولى المهام عودة مصر إلى موقعها الطبيعي والأصيل مع شقيقاتها الدول العربية ولم الشمل العربي بأوسع معانيه ومسؤولياته الوطنية والقومية وإنهاء حالة الفراغ الهائلة التي أوجدتها مصر باتفاقاتها المتعددة مع عدو الأمة الوجودي إسرائيل والصهيونية.
أن الأمم والشعوب ليست شركات ومخازن يتصرف القيّمون عليها طبقا لمصالحهم ورغباتهم، وأهوائهم وإنما هي أوطان ووجود بشري وإنساني مقدس تحميها الشعوب عندما يتخاذل الحكام وتدافع عنها بكل ما تملك لديها من عوامل القوة والتضحيات، وعلى هدي هذه الحقائق نردد مع زعيم الأمة جمال عبد الناصر الغائب جسدا والحاضر مبادئ وقيم أن الحق بدون القوة ضائع ومع العالم نصادق من يصادقنا ونعادي من يعادينا.