بيروت - لبنان

اخر الأخبار

3 نيسان 2021 09:02ص تركيا ومصر.. بوادر مصالحة؟

حجم الخط

أمام انسداد أفق النزاعات الإقليمية وتزايد الكلفة الاقتصادية على أنقرة بسبب جائحة كورونا وتخبط الليرة التركية، هناك تحولات في السياسة الخارجية لتركيا تجاه الجانب الأوروبي والأميركي، وعربيًا تجاه مصر وحكومتها بعد ثماني سنوات من الجفاء.

التحولات التركية تجاه مصر بدأت منذ شهور بمفاوضات حول المزايدات العالمية في حقول النفط في شرق المتوسط، وانعكست في الآونة الأخيرة بتطورات هامة: تحاشي القاهرة دخول مناقصة في حدود متنازع عليها بين تركيا وقبرص واليونان، كبح إعلام الإخوان المسلمين في تركيا، تشكيل حكومة في ليبيا يرضى عنها الطرفان، طلب وفد معارض تركي زيارة مصر، عرض أنقرة وساطة في ملف سد النهضة.

مصادر متابعة للاتصالات التركية-المصرية تشير إلى جدية أكبر باتجاه المصالحة من محاولات أحاطت السنوات الفائتة. فتفاقم مشاكل رجب طيب إردوغان الخارجية وتصادمه مع الاتحاد الأوروبي غربا والخليج شرقا، إضافة إلى أعبائه المالية بعد استقالة صهره بيرات البيرق كوزير للمال، وثم تغيير حاكم البنك المركزي، تدفع اليوم إلى إعادة حسابات دولية وإقليمية في أنقرة.

في مصر أيضا هناك نظرة براغماتية للعلاقة مع تركيا. فمصر لم تغلق سفارتها في أنقرة رغم تراجع العلاقة إلى نقطة الصفر بعد تولي عبد الفتاح السيسي الحكم واعتبار إردوغان أن حكمه "غير شرعي". وما حدث ما بعد 2014 أزم العلاقة باستضافة تركيا قيادات إسلامية بعضها مطلوب من العدالة في مصر، واصطفاف القاهرة في المحور الخليجي المندد بتركيا ودورها في تغذية الإسلام السياسي.

اليوم هناك إدراك تركي أن موقع السيسي في الحكم مستقر سواء اعترفت به أنقرة أم لا. وهناك تواصل تم في عواصم غربية في 2020 لمحاولة ردم الجسور وعودة التبادل التجاري إلى ما كان عليه طبقا لاتفاق التبادل التجارة الحر الموقع بينهما في 2005.

تهدئة الخطاب الإعلامي كان خطوة علنية أولى من تركيا، انما الجانب المصري يطلب أكثر، من ذلك خصوصا في ملف تسليم قيادات من الإخوان مثل يحيى موسى الذي تعتبره مصر المخطط الرئيسي في اغتيال النائب العام هشام بركات.

الجانب المصري يشكك اليوم في نوايا أردوغان رغم ما يقوله فريقه. فبعد اتصالات ووعود في التهدئة في الماضي، كان يخرج إردوغان ويهاجم الحكومة المصرية فيما فريقه يفاوض لتحسين العلاقة. هذا خلق حجما كبيرا من عدم الثقة ودفع الجانب المصري اليوم إلى التشكيك بانفتاح تركيا في ظل رئاسة إردوغان.

مصادر متابعة تقول إن القاهرة نقلت لتركيا دعوة لإردوغان لزيارة مصر ليس للاحتفال به بل كخطوة ملموسة تركية وعلنية تناقض كل ما قاله الرئيس التركي عن الحكومة المصرية في السنوات السبع الفائتة. المصادر نفسها تضيف أن تركيا لم ترد بعد على هذه الدعوة.

يضاف إلى ذلك العوامل الدولية ورحيل دونالد ترامب من البيت الأبيض الذي كان له علاقة ودية مع إردوغان والسيسي. اليوم إدارة بايدن تمضي بالعلاقة مع كل من تركيا ومصر من منظور الواقعية و"ريلبوليتيك". فهناك ترحيب بدور تركيا في أفغانستان وتنديد بدورها في أذربجيان، وهناك تضامن مع مصر في أزمة سد النهضة، وأسئلة حول علاقتها بالصين واعتراض على سجلها في حقوق الإنسان. يضاف أن بايدن لم يتصل بعد لا بإردوغان ولا بالسيسي. هذا يعيد خلط الأوراق الإقليمية وبالأخذ بعين الاعتبار بأن واشنطن تؤيد تقارب ومصالحة مصرية-تركية.

الأسابيع المقبلة وإعادة التموضع التركي إقليميا وحيال مصر، ستوضح نوايا إردوغان. أي مصالحة جدية بين القاهرة وأنقرة من شأنها تنفيس الكثير من التشنج الإقليمي وفتح أبواب تعاون اقتصادي بين الجانبين، في حال انعطف الجانب التركي عن خطاب السنوات العشر الفائتة.

المصدر: الحرّة