بيروت - لبنان

اخر الأخبار

19 كانون الثاني 2023 12:00ص تفجير مرفأ بيروت وتهجير منطقة الكرنتينا جرائم مستمرة

حجم الخط
مع حلول اليوم التاسع عشر من كانون الثاني الحالي تسجل على جبين هذا النظام المتهالك وعلى الذين تولوا الرئاسات والحكومات والتمثيل النيابي فيه ومواقع الإدارة الخزي والعار الذي لحق بهم والذي ما زال قائما بعد مرور 47 عاما على جريمة التهجير والمجزرة الدموية التي ارتكبتها المليشيات الطائفية في ذلك اليوم الأسود على المواطنين اللبنانيين المسلمين من أهالي منطقة المدور، بأسمائها الثلاث، محلة الكرنتينا نسبة لمركز الحجر الصحي الكبير الذي انشأته الدولة العثمانية حفظا للسلامة الصحية للقادمين والمسافرين الى بيروت ومنها إلى الخليج العربي وتحديدا إلى الأماكن الإسلامية المقدسة في مكة والمدينة لأداء مناسك الحج، ومحلة الخضر عليه السلام حيث المقام والمسجد المنسوبين إليه وجودا منذ أزمنة طويلة ثم محلة المسلخ نسبة أيضا إلى المسلخ الوحيد في بيروت وكل لبنان، والذي أنشأته أيضا الدولة العثمانية العليّة ليكون مكانا لذبح كل أنواع الماشية وأعادت بنائه من جديد الدولة اللبنانية في منتصف ستينات القرن الماضي وسُمّي بمسلخ بيروت الحديث وشمل باسمه أهالي المنطقة أسوة بكل معلم من المعالم الهامة في أي بقعة أو منطقة أو مكان وجد، وهذه ظاهرة منتشرة تاريخيا في المناطق والأقطار العربية ومنها بيروت، كمنطقة المنارة، وبرج البراجنة وبرج حمود والأشرفية وغيرها، نقول ذلك ليعرف الجاهلون الذي استخدموا هذه الأسماء زورا وخبثا ليكون بابا لانقسامات طائفية حينا وعنصرية أحيانا وطبقية بين أغنياء وفقراء ووطنيا بين لبنانيين وغرباء.
47 عاما وما زال أهلها مهجرون في وطنهم وقسم منهم انتشروا مؤقتا في مناطق دول عدة من دول هذا العالم خلاصا من قهر التهجير وذلة وصعوبة العيش في وطن امتهن المسؤولين فيه والأحزاب والهيئات الطائفية والتدخلات الأجنبية الحروب الأهلية بين أهله ومواطنيه واحداث المجازر بحق القاطنين فيه من لبنانيين وفلسطينيين بما عرف بمجزرة صبرا وشاتيلا، وما زال أهل المنطقة متمسكون بوطنهم لبنان أولا وينتظرون العودة إليه ومتمسكون بالعودة إلى منطقتهم، موطن الأجداد والآباء، وولادة جيلين محرومين من العودة إلى مواقع عيش الآباء والأمهات والأجداد وغالبية هؤلاء رحلوا بالموت الذي هو ملاقيهم، أملاك هؤلاء المهجرون أزيلت من فوق الأرض بأبنيتها الكثيرة وعماراتها المكونة من عدة طوابق، كما أزيلت مباني المصانع المهمة والمتاجر وبساتينها الوارفة ومزروعاتها التي تمد بها أسواق بيروت الغذائية وتعطيل العمل لسنوات عدة لمسلخ بيروت الحديث ورغم استبداله بهنكار بعد وقف الحرب غير أن محافظة بيروت وبلديتها لم تبدِ الاهتمام المطلوب لإعادة تشغيل هذا المعلم الغذائي الوحيد لبيروت ويمد كل لبنان باللحوم ومشتقاته إلى أن وصل الأمر بالبلدية والمحافظة معا بقرار همايوني انتدابي سافر قضى وسيقضي بنقل هذا المعلم الغذائي الوحيد لبيروت إلى منطقة الشويفات بصفقات مالية دون أي اعتبار للمنطقة وأهلها ولبيروت التي ستبقى دون سواها من عواصم العالم غربه وشرقه بدون مسلخ لذبح الماشية وتأمين هذه المادة الغذائية الحياتية للبشر واستبدالها بمحرقة للقمامة شبيهة بوجوههم الكالحة وعقولهم الخبيثة التي لا تنتج إلا كل ما يضر بالبلاد والعباد وحال لبنان الآن النكبوي والكارثي الذي أوصله المسؤولون إليه دليل ساطع على ما نقول وما نستعرضه في هذه المناسبة المؤامرة على مهجري المنطقة وأهلها وناسها، بعد جريمة التهجير المستمرة حوّلت المنطقة مقرا قياديا للقوى العسكرية المليشيوية وأمكنة للذبح على الهوية والاعتقال وأقسى صنوف التعذيب واستمرت قابعة في منطقتنا وأملاكنا وتاريخنا المجيد 17عاما متواصلة إلى أن تم إزالتها بدخول الجيش اللبناني إليها وهذا ما رسم الأمل لأهل المنطقة بالعودة لمنطقتهم وأملاكهم وتاريخهم وإنهاء حالات التهجير الحربي والعدواني والطائفي والعنصري ووقف كل حالات الفرز السكاني بين اللبنانيين، وهذا ما هو موجب وطني تحققه الجيوش الوطنية بإعادة المهجرين إلى الأماكن التي هجّروا منها ولا فخر لهم في هذا الموجب الوطني فضلا عن تنفيذ اتفاق الطائف الذي نص على إعادة كل مهجر إلى المكان الذي هجر منه وفوق كل ذلك أسوة بإعادة كل المهجرين اللبنانيين ومنهم مهجري الجبل إلى مناطقهم وبلداتهم وقراهم بدون أدنى تمييز بين مهجر وأخر. فاللبنانيون جميعا متساوون أمام القانون، دخل مجموعة من قوى جيشنا الوطني اللبناني إلى المنطقة العام 1993وطالت إقامته وها قد مرَّ على إقامته غير المبررة ثلاثون عاما رغم مراجعات المهجرين لتمكينهم من العودة ورغم الوعود التي حصلوا عليها من قيادة الجيش كتابة عبر رسائل رسمية وشفاهة دون إنجاز العودة حتى الآن وكان جواب قيادة الجيش عدم الخروج من المنطقة حتى إزالة الأسباب التي من أجلها دخل الجيش ما هي?! ومتى?! الله وحده أعلم، وها قد قارب المهجرون اللبنانيون الخمسين عاما دون عودتهم ومن يدري قد تتحقق عودة الإخوة الفلسطينيون إلى وطنهم حربا أو سلما وهذا ما ندعو الله تحقيقه عاجلا وقد يعود النازحون الإخوة السوريون إلى وطنهم وهذا ما نتمناه لهم.. ومهجرو منطقتنا باقون مهاجرون في وطنهم وفي بلدان الدنيا ولا أفق لعودتهم والخشية هي جعل جيشنا حائلا دون عودة أهل المنطقة إلى منطقتهم وأملاكهم.
منطقة المدور التي نكبت بالتهجير وعذاباته منذ ما يقارب النصف قرن نكبت أيضا بجريمة مماثلة تفجير مرفأ بيروت وما نتج عنه من ضحايا وجرحى ومعاقين بالآلاف وأضرار مادية في الأبنية والمؤسسات والمحال وأضرار معنوية تفوق أي أثمان مالية، المرفأ والمدور الكرنتينا والمسلخ والخضر ومار مخايل وحتى الأشرفية والصيفي منطقة واحدة وشعب واحد ووطن واحد على مساحة كل الوطن وما هو المصير مصير وطن ينهار بكل مؤسساته وشعب يموت غرقا في البحار وجوعا وعطشا ومهجرون لم تستكمل عودتهم وجعلوه جهنم الحمراء.. فأي مصير أعظم وأخطر من ذلك لن نبقى منتظرون؟!؟!