بيروت - لبنان

اخر الأخبار

28 حزيران 2021 12:01ص تقي الدين الصلح حارس الميثاق الوطني في حياته وفي غيابه رَسَمَ خارطة الطريق الوطنية (2/3)

حجم الخط
ونتابع ما قاله حارس الميثاق، وما دعا اليه، وما تبناه قولاً وعملاً، وهي من المبادئ الوطنية والثوابت التي يقتضي اعتمادها والنضال من اجلها، لبناء دولة القانون والمؤسسات تحت مظلة فكرية واضحة وحاسمة لما فيها من تمسك بالوطن واستقلاله وسيادته عملياً لا لفظياً فيقول:

الحرية لها طعم واحد سواء أكان الذي يسلبك اياها إبن وطنك او اجنبياً، ويجب ان تعرف كيف تمارس الحرية وتستعملها، فهي ضرورة وبدونها تنعدم الحياة لانها الاساس، والحرية هي ان تأخذها لنفسك ولا تحرم منها نقيضك.

(فأكد بذلك ان السالب للحرية والمعتدي على حقوق الانسان ليس بالضرورة ان يكون اجنبياً بل من الممكن ان يكون مواطناً او فئة او حزباً، او سياسياً، وبالتالي ينزله منزلة الاجنبي في الجريمة، ويدعونا للانتباه الشديد من هؤلاء، وعدم افساح المجال لهم لارتكاب ذلك، ولا بد من خضوعهم للمحاسبة والمساءلة. وفي كل الاحوال علينا ان نتعلم ممارسة الحرية).

وهو القائل: القوة التي تحملها الفكرة هي اعظم قوة، اهتدى اليها الانسان.

(دعوة واضحة الى المفكرين والادباء واساتذة الجامعات وسواهم الى توليد الافكار التي تضع الدولة في مسار صحيح، ومطلوب ذلك على الاصعدة السياسية والاجتماعية والاقتضادية والثقافية والبيئية والزراعية والصناعية والتجارية والسياحية....).

 ويؤكد بأنه: يجب ان يكون جيش لبنان لكل لبنان، وان يكون كل لبنان للجيش الواحد الموحد.

(كم نحن اليوم بحاجة الى بناء الانسان في لبنان على المواطنة والتي منها ان نكون جميعاً للجيش داعمين له بكل الوسائل المتاحة وهو منذ الاستقلال الى اليوم لكل لبنان ولم يحد عن هذا الخط الوطني ويجب ان يبقى كذلك الى الابد) وهو القائل ان لبنان يذوب كالشمعة فلنتداركه قبل ان ينتهي.

(الرئيس تقي الدين الصلح غادرنا من دنيا الفناء الى دنيا البقاء عام 1988 وكأنه اليوم بيننا يشاهد ما وصلنا اليه من انهيار ويحذرنا ويدعونا الى تدارك ذلك بالوحدة الوطنية الحقيقية غير المزيفة).

وهو القائل ايضاً، لقد شهدنا الاستقلال كيف يولد، ولن نرضى ان نشهد الاستقلال كيف يزول.

(وعدم الرضى يعني هنا ان نكون مقاومين للاعداء وللجهل والفقر والبطالة....).

وهو القائل ايضاً وايضاً:  بأنه لا يمكن للسنّة ان يفكروا بالتفرد والاكتفاء بأنفسهم، والا يكونوا يلعبون لعبة التقسيم، ولعبة التجزئة والشعوبية الجديدة التي يخطط لها الاستعمار.

(توجبه بأعلى درجات من الإناقة في تحذير كل الطوائف من ذلك حيث اعطى مثلاً عن السنّة منعاً للتأويل وعلى قادتهم وقف الشحن الطائفي والمذهبي، ولم يعط المثل عن اي طائفة اخرى لتصل الفكرة اليهم جميعاً، اي الى كل الطوائف والمذاهب، وحذر الجميع من التفكير او العمل في التفرد داخل الوطن، من خلال هذا المثل، علماً ان السنّة لم يفكروا يوماً بذلك).

وهو المنبه بأن الذي يمهد للمؤامرة ويسهل لها النجاح ليس المتصل بالمصدر المتآمر فقط وانما ذلك المواطن البريء الذي لا ينتبه الى مخاطر الانزلاق والوقوع في تصرفات هي في النهاية عدوة.

(وهنا كما ترون يشير الى ضرورة التربية على المواطنة التي ينشأ عليها ابناء الوطن حيث يستطيعون معها التمييز بينما هو لصالح الوطن من اعمال وما هو ضده، بحيث اذا فقد المواطن هذه الميزة وقع في فخ المؤامرات التي تحاك ضد الوطن وعلينا واجب قيادة هؤلاء المواطنين الابرياء لما فيه مصلحة الوطن ومصلحتهم).

وهو الذي وضع قاعدة في الوظيفة العامة وطبقها اثناء توليه رئاسة مجلس الوزراء: «لن تبقى وظيفة حكراً على طائفة بل كل الوظائف لكل الطوائف».

(بعد ان رأى كيف تتحول الوظائف الى مراكز نفوذ للطوائف، بحيث تصبح كل واحدة من المؤسسات الحكومية منطقة نفوذ لطائفة او مذهب من المذاهب، وطبعاً تقل او تكبر وفق نشاط المسؤول التدميري، والمواطن ليس لديه الصعوبة في معرفة طبيعة الموقع الرسمي الذي يدخله ويتعامل معه وكأنه يدخل الى جمعية او ناد مذهبي في منطقة من المناطق، ومن هنا تتفشى المحسوبية والمحاصصة والفساد، ويهتز الوطن، ومن اجل ذلك يدعونا الرئيس الصلح جازماً، ويعطي الامر لتطبيق هذه القاعدة التي تعبّر عن البناء الصحيح لدولة المؤسسات والقانون).

هذا النوع  من الرجال الرجال افتقدناه مع الاسف، لكن علينا العمل الدائم إلى البناء وليس الهدم من البيت الى المدرسة فالجامعة بتعميم مفهوم المواطنة الذي هو الطريق الوحيد لنجاح الدولة، والحفاظ على استقلالها وسيادتها ونهضتها وتقدمها، ويقتضي العمل ايضاً لإزاحة  الأميّين والفاسدين والمنفذين للمخططات الاجنبية بوعي او بدون وعي في السياسة والاقتصاد والاجتماع وغيرها وذلك بعمل دؤوب ومنظم وبالتضامن والتكافل الشعبي الذي من خلاله نعزز قيادات وطنية حقيقية تتبنى الدولة الحديثة. 



*  الامين العام السابق لاتحاد المحامين العرب.