بيروت - لبنان

اخر الأخبار

22 نيسان 2022 03:03م تيار المستقبل و"حزب الله" يلتقيان على دعم حرفوش في دائرة الشمال الثانية

حرب إشاعات فاشلة تستهدف تحالف ريفي - القوات وتكامل موضوعي مع لائحة "إنتفض للسيادة للعدالة" في البيئة السنية

حجم الخط
تشهد دائرة الشمال الثانية مواجهات حامية الوطيس بين اللوائح المتنافسة، أبرز وسائلها "حرب الإشاعات" ورمي القنابل الدخانية والسعي لإثارة الخلافات داخل اللوائح، بينما برز في الأيام القليلة الماضية سلاح آخر أشهره النائب فيصل كرامي وهو سلاح التحريض الطائفي والشحن المستند إلى اجترار أحداث الحرب الأهلية واستحضارها كوسيلة لمواجهة لائحة "إنقاذ وطن" التي يتحالف فيها الوزير أشرف ريفي مع القوات اللبنانية ومرشحين عن المجتمع المدني وهي تتميز بالعناوين السيادية وعمق الانتماء للمدينة، وذلك بالتوازي مع بروز أجواء احتضان لافتة للائحة "إنتفض للسيادة للعدالة" من أوساط النخبة السنية الفاعلة.

حرب الإشاعات: إكذب إكذب إكذب لا بدّ أن يصدقك الناس
ركّز القائمون بهذه الحرب على استهداف تحالف الوزير ريفي مع القوات اللبنانية، وكان لافتاً أن أدوات هذه الإشاعات محسوبة على الرئيس نجيب ميقاتي، فيما يبدو أنّه أحد تعبيرات الأخير عن التوجه الانتخابي غير المعلن لديه، والمتمثّل في استهداف حضور القوات في طرابلس والعمل لمنع مرشحها من الفوز في الانتخابات، من خلال الحرب الاستباقية، ومن خلال دعم ترشيح سليمان جان عبيد على اللائحة المدعومة من ميقاتي.
اللافت أيضاً أنّ هذه الدسائس والإشاعات يجري رميها ليتضح كذبها بعد ساعات قليلة، ورغم ذلك يستمرّ مطلقوها في ترويجها. ولتوضيح هذه النقطة نورد على سبيل المثال: أنّ هذا "الدكتيلو" زعم وقوع خلاف بين الوزير ريفي والقوات اللبنانية وأنّ هذا الخلاف يهدّد لائحة "إنقاذ وطن" بالانفراط، وجرت حياكة الكثير من التوقعات الوهمية بناءاً على إشاعة نفتها الوقائع سريعاً، ومع ذلك لم يكلّف الأشخاص الذين أطلقوها أنفسهم عناء الاعتذار أو التوضيح.
الكذبة الأخرى التي أطلقتها ماكينة الإشاعات المحسوبة على ميقاتي وتبخّرت خلال ساعات أيضاً، هي أنّ النائب عثمان علم الدين والمرشح على لائحة "إنقاذ وطن" وضع انسحابه من اللائحة بتصرف الرئيس سعد الحريري، لتخرج التوقعات حول تهديد مصيرها.
لم يطل الوقت حتى أثبتت الوقائع كذب هذا الادعاء، وليصدر عن علم الدين موقف واضح وهو الاستمرار في خوض الاستحقاق الانتخابي من موقعه في التحالف مع اللواء ريفي والقوات اللبنانية.
المرشح الثالث الذي يتعرّض للحملات الشرسة في لائحة "إنقاذ وطن" هو الدكتور بلال هرموش، على خلفية ارتفاع حضوره الشعبي والانتخابي، في مواجهة النائب سامي فتفت، وقلق النائب جهاد الصمد من امتداد التحالف السيادي إلى عمق الضنية، وتتراوح الدسائس بين إثارة الفتن العائلية في بلدة السفيرة، وهي بلدة هرموش، وبين التشكيك في تماسك وأبعاد هذا التحالف، لكنّ كلّما تقدّمت الأيام، ثبت أنّه تحالف متماسك يؤسِّس لمرحلة ما بعد الانتخابات النيابية ولا يتوقف عندها فقط.

السياق الآخر الذي يجب تسجيله، هو امتناع النائبين فيصل كرامي وجهاد الصمد عن تنفيذ المشاريع ذات النفع العام في الموسم الانتخابي، مثل المساعدة في حفر آبار أو دعم مشاريع زراعية إنتاجية لصالح مؤسسات خيرية، بذريعة عدم توفر التمويل، والاكتفاء بتقديم الخدمات الشخصية التي لا يمكن اعتبارها سوى رشاوى انتخابية.
هنا تبرز ملاحظتان:
ــ الملاحظة الأولى: أنّ النائبين كرامي والصمد ينتسبان إلى محور الممانعة الذي يضخّ "المال النظيف" في عروق اللوائح المدعومة منه في كل المناطق وخاصة دائرة الشمال الثانية، لأنّه يسعى لتعزيز الاختراق داخل البيئة السنية، فإمّا أن الصمد وكرامي يقبضان الأموال ولا يصرفانها إلاّ بالخدمات التي تشكل رشاوى، وإمّا أنّهما لا يأخذان المال، وهذا مستبعد، فيكونان مغفلَين ولا يستحقان الثقة.
ــ الملاحظة الأخرى، هي أنّ المرشح على لائحة كرامي أحمد الأمين، والذي تموضع بعيداً عن بيئته وخياراتها السيادية، طمعاً في الوصول إلى مقد نيابي سيكون بلا قيمة ولا اعتبار، لأنّه لن يملك حقّ التعبير عن التوجه السيادي ولا المطالبة والنضال من أجل حقوق طرابلس، فتاريخ محور الممانعة مع طرابلس مكشوف ومعروف، ولن يستفيد الأمين من ترشحه، بل إنّه يتحوّل إلى جامع أصوات لصالح من لديهم الكتل الكبيرة، وأخطر ما يفعله هنا رفع فرص مرشح جمعية المشاريع (الأحباش) طه ناجي للفوز.
يعتمد الأمين إثارة الأخبار حول أنّه يتنافس داخل لائحة كرامي مع طه ناجي، في محاولة منه لاستقطاب الجمهور السني الرافض للأحباش، لكنّها محاولة قاصرة، لأنّها لا تحظى باهتمام الشارع السني، لأنّ الأمين وقع في إشكالية التصنيف على أنّه مرشح في لائحة عميلة تابعة لـ"حزب الله"، وهي لائحة تتحالف مع مفجري مسجدي السلام والتقوى، ولذلك، أصبح كلّ تاريخ الأمين في العمل الخيري والشأن العام، مهدَّداً بالتداعي، وبالتالي فإنّ جهد أكثر من عقدين من الزمن أطاح بها الأمين في شهرين هما مدّة الحملات الانتخابية.

احتضان سنّي للائحة "إنتفض للسيادة للعدالة":
تكامل موضوعي مع لائحة "إنقاذ وطن"
في المقابل، برزت أجواء جديدة في طرابلس، تمثّلت في إعلان عدد من رجال الأعمال، أبرزهم بديع مطر ووائل ازمرلي وآخرين، تأييد ودعم لائحة "إنتفض للسيادة للعدالة"، وأبرز وجوهها المرشحون: رامي فنج، هند صوفي، مصطفى العويك (طرابلس) ومحمد أسوم (المنية)، في خطوة تحمل أبعاداً وآثاراً هامة، سيكون لها مفعولها في الأداء الانتخابي لهذه اللائحة، بحيث يمكن القول إنّ لائحتي "إنقاذ وطن" و"إنتفض للسيادة للعدالة" أصبحتا تسيران في خطين متكاملين، وإذا أحسن القائمون عليها إدارة المعركة، سيكون للشأن السيادي والوطني والتنموي حضوره المطلوب، خاصة إذا تمكن الجميع من احتواء التنافس الانتخابي لحفظ ضرورة التعاون بعد انقضاء الاستحقاق الانتخابي.

وفي هذا الصدد يقول المحامي مصطفى العويك:"ترشحنا لأننا نمتلك ارادة التغيير، ومشروعا سياسيا واقتصاديا لإعادة النهوض بالبلد، والتغيير لا يكون الا بكسر الجمود السياسي في طرابلس والجوار، وكسر حصرية العمل السياسي أيضا، والتحرر من عباءة الاحزاب التقليدية والشخصيات السياسية التي كرست واقعا لا يشبهنا ولا يشبه المدينة، والتأسيس لمرحلة طرابلسية جديدة تكتبون انتم اليوم حرفها الأول".

تيار المستقبل و"حزب الله" يلتقيان على دعم حرفوش
رصد المتابعون للحركة الانتخابية في دائرة الشمال الثانية تطوراً لافتاً تمثّل بتوجّه المجموعات الموالية للأمين العام لتيار المستقبل أحمد الحريري للانخراط في الحملة الانتخابية للمرشح عمر حرفوش، وذلك في تطوّر لافت يعاكس ما يدأب الحريري على إعلانه عبر مواقفه الإعلامية.
وحسب مصدر مطلع على هذه الحركة، فإنّ هناك من يبرّرها على أساس أنّ الحريري يريد الحفاظ على الماكنية الانتخابية الخاصة به، وهو لا يريد الإنفاق عليها من ماله أو مال الرئيس سعد الحريري، لذلك سوّلت له نفسه تحويل المجموعات التي يمون عليها باتجاه صاحب مشروع "الجمهورية الثالثة"، وكأنّ لسان حاله يقول "إقبضوا من عمر حرفوش".
في الوقت نفسه، يمارس الحريري ضغوطاً كبيرة على المجموعات المؤيدة للواء أشرف ريفي، لتركه والالتحاق بعمر حرفوش حيث تظهر وفرة مالية واضحة، في مسعى منه لإضعاف ريفي وتفريغ حاضنته الشعبية بمختلف الأساليب.
لكنّ المتابع والمدقِّق لما يجري يدرك أنّ المسألة أبعد من تأمين التمويل للماكينة المرتبطة بالحريري، رغم أنّه عامل هام، لكن البعد السياسي حاضر بقوّة في هذا التحرّك على مستويين:
ــ الأول: محاربة اللواء ريفي والسعي لمنع وصوله إلى الندوة النيابية.
ــ الثاني: التضييق على مرشح القوات اللبنانية في لائحة "إنقاذ وطن" الياس الخوري.
ــ الثالث: هو هذا التقاطع الواضح بين الدعم الذي يحظى به حرفوش بشكل عملي من "حزب الله" وتبادل الخدمات بينهما، وبين الدعم الذي يقدّمه الحريري لحرفوش، بحيث أصبحنا أمام معادلة جديدة لا ترتبط بشخص حرفوش، بل بالمشروع الذي يؤمِّن له هذا التمويل ويسعى لفرضه على طرابلس، وهو الغريب عن قيمه ونسيجها.
لقد أعلن حرفوش منذ ظهوره على مسرح الشأن العام، تأييده لـ"حزب الله" وقد وثّق ذلك بمقابلات عدة، كما يذكر اللبنانيون دخوله الدرامي إلى الضاحية وإعلانه أنّه لم يجد أي سلاح، قبل أن تندلع بعد تلك "الزيارة" والسيلفي الناتجة عنها، بساعات، اشتباكات عشائرية عنيفة في شوارع الضاحية الجنوبية، لم يكن ينقصها سوى استخدام المدفعية، لتوضح لحرفوش حقيقة وجود السلاح في هذه المنطقة.
ومن الامتيازات التي حظي بها حرفوش نصبُ صوره على طريق المطار، وهذا امتياز لا يمكن أن يحظى به إلا المرضيّ عنه، وإلاّ فإنّ الصور تتبخـّر على الفور، وصور حرفوش صامدة حتى الآن، ربما مكافأة له ليس على تأييده لـ"حزب الله"، بل على تشويهه لصورة المدينة بمثل هذا الحضور الغريب.
أن يتلاقى "حزب الله" وتيار المستقبل، كلٌ بطريقته، على دعم عمر حرفوش، فهذا يعني وجود قرار بوصم طرابلس بشخصية تمثّل هذا المدى البعيد عن هويتها، وهذا يعتبر أحد أبشع أنواع الإهانة لما يمثله المقعد السني في طرابلس بتاريخها وحاضرها ومستقبلها.