بيروت - لبنان

اخر الأخبار

25 آب 2023 12:00ص جوزف حنا وريشار صعب: التحليق الأخير في سماء الوطن

حجم الخط
خسارة كبيرة وفادحة ومصاب أليم حلّ بالمؤسسة العسكرية وسلاح الجو في الجيش اللبناني حيث كان التحليق الأخير في سماء حمّانا والوطن للضابطين الطيارين جوزف حنا وريشار صعب. المأساة اللبنانية تستمر وقدر الجيش والأبطال فداء لبنان بدماء الشهداء وبذل الروح والحياة ليبقى البلد وأهله في سلام وأمن، وليختلط ألم الفراق والحزن العظيم لأهل الشهيدين البطلين والمحبِّين وجميع الأوفياء للوطن بعظيم التضحية والصبر ومواصلة الكفاح للنهوض والصعود من الهاوية السحيقة والدرك الأسفل الذي أوصلنا إليه السياسيون والمقامرون وتُجّار الفساد والإفساد.
النقيب الطيار الشهيد جوزف حنا، والملازم أول الطيار الشهيد ريشار صعب، وتشاء العناية الإلهية إنقاذ المعاون أول محمد صيدح الجريح في نفس الحادثة التي أصابت الطوافة العسكرية بعد سقوطها وتحطمها أثناء تنفيذها لطيران تدريبي في منطقة حمّانا بحسب بيان قيادة الجيش. شهداء وجرحى ومسيرة الشرف والتضحية والوفاء لا تتوقف، وعزيمة لا تلين، وإرادة لا تعرف الهزيمة، ونسورٌ مُحلِّقة ما دامت فيها الحياة، وما دام فيها نبض العز والكرامة. الرحمة لجميع شهداء الجيش والوطن، والشفاء للجرحى، والعزاء للأهل والأحبة ورفاق السلاح ولكل لبنان.
التعازي لقيادة الجيش توالت من قبل رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، وزير الداخلية بسام مولوي، وزير الدفاع الوطني موريس سليم، وعدد كبير من السياسيين والمراجع الدينية والجمعيات. كما تقدّمت سفارة فرنسا في لبنان بأحرّ التعازي من قيادة الجيش اللبناني باستشهاد الضابطين الطيارين في حادث تحطم الطوافة، وأكّدت على أن فرنسا ستبقى داعمة للجيش في كافة الظروف. وقد أشارت المعلومات الأولية إلى أن سبب وقوع الحادث كان بفعل الضباب الكثيف وتحليق الطائرة على علو منخفض جداً واصطدامها بالأشجار والتلة الترابية في منطقة المرج الكبير بالقرب من تمثال مار شربل في حمانا، في حين أشارت معلومات مختلفة إلى حدوث عطل تقني طرأ على الطوافة وأدّى إلى فقدان توازنها وسقوطها بالقرب من ثكنة بحمدون.
بانتظار انتهاء التحقيقات وجلاء ملابسات حادث تحطّم الطوافة التابعة للجيش اللبناني في ٢٣/٨/٢٠٢٣، أسئلة عديدة يطرحها الواقع اللبناني المرير والمنتقل بانتظام من فشل إلى فشل، ومن فراغ دستوري إلى فراغ مؤسساتي شامل، ومن دمار جزئي إلى هلاك وزوال كامل لهيبة الدولة واتساع نطاق العنف والجرائم، وفقدان الثقة بكافة المسؤولين والملحقين بسياسات خارجية على حساب مصلحة لبنان. ولعل السؤال الأهم في هذه المرحلة الحسّاسة والمفصلية في تاريخ لبنان: هل ينجح الشعب اللبناني بكل تناقضاته في تخطّي كل هذه الصعاب، وتجاوز كل فشل ودمار وموت، وتمسُّكه بانبعاث الأمل والحياة من قلب المعاناة والخيبات والمستحيلات؟ من أقوال وحكم رئيس الوزراء البريطاني إبّان الحرب العالمية الثانية «ونستون تشرشل»: «النجاح هو أن تنتقل من فشل إلى فشل بدون أن تفقد حماسك وشغفك لتحقيق ما تريد». وما هو ظاهر في لبنان أن هذا الشعب فقد حماسه في السياسة بعد فشل محاولات التغيير منذ ثورة ١٧ تشرين الأول ٢٠١٩، مروراً بفشل المبادرات الفرنسية بعد تفجير مرفأ بيروت في ٤ آب ٢٠٢٠، وليس انتهاءً بفشل المساعي الدولية واجتماعات الخماسية لحل الأزمة السياسية والحياتية في لبنان، إلا أنّه لم يفقد حماسه وشغفه في الحياة بعيداً عن إبداعات الساسة والمجرمين بحق لبنان.