بيروت - لبنان

اخر الأخبار

15 حزيران 2019 12:00ص حمى الله الإنسانية من شرور بعض سياسيّي هذه الأيام

حجم الخط
صدق أحمد شوقي الشاعر العربي الكبير حين قال:

الْفَتْكُ فَنٌّ وَالخِدَاعُ سِيَاسَةٌ

وَغِنَى اللُّصُوصِ بَرَاعَةٌ ونجاحُ

وَالعُرْيُ ظُرْفٌ وَالْفَسَادُ تَمَدُّنٌ

وَالْكِذْبُ لُطْفُ وَالرِّيَاءُ صَلاَحُ

كأنّه رحمات الله عليه نظم هذه الابيات، ليس في منتصف القرن الماضي ليعكس صورة حية تعيشها البلاد اليوم من اقصاها الى اقصاها.

إرهاب وقتل وخطف وجرحى واطلاق نار ويضاف الى ذلك أوبئة وتلوث للبيئة والمياه والمواد الغذائية المسرطنة، ففن انهاء حياة الانسان سواء أكان ذلك في جسده او سمعته او شرفه او كرامته متعدد الجوانب والصور هو السائد اليوم، من خلال سياسات مدروسة متعمدة في الدوائر الاجنبية للقضاء على انساننا العربي تحت مسميات شتى.

أما الخداع والدلس والنصب والاحتيال حدث ولا حرج، كذب وحياكة وعود واوهام وإثارة العصبية والمذهبية والطائفية فيصفونها سياسة واللاعبون بها سياسيين وكل ذلك تحايل وتآمر وتخدير للرأي العام لتضليله من خلال اختراع روايات لا اساس لها من الصحة، مبنية على امور وهمية، وذلك في جميع النواحي الحياتية السياسية والاقتصادية والتربوية والانمائية والبيئية والمالية والنقدية والصناعية والتجارية....

وهذا بمجمله مبني على بث سموم الحقد والكراهية لتمرير سياسات توجهها وتفرضها جهات عدوة لتفرق بين ابناء الوطن الواحد والعائلة والمنطقة والطائفة الواحدة دون وازع من ضمير، ويسمونها اليوم سياسة.

والفساد الذي نشاهده اليوم وغنى فاعليه الذين اصبحوا يجلسون في الصفوف الامامية كما جاءت الاغنية المتداولة في هذه الايام بعنوان (مع احترامي للحرامي) لانه يصبح متميزاً ومتفوقاً في مجال جمع المال الحرام، والنظرة الى هؤلاء اليوم مع الاسف لجهة عملهم وسلوكهم يعتبر براعة ونجاح.

كم من انسان اليوم يظهر نفسه خلاف ما هو عليه، ليراه الناس على غير صورته الحقيقية فهذا هو الرياء بعينه، فيتعامل الناس معه على اساس ظاهر الحال ويقعون في فخ يضيعون من خلاله حياتهم ومالهم.

وكم من السياسيين أشبعونا من حماقات وهرطقات وكذباً ورياءً وخداعاً وعاثوا بالارض فساداً.  

من كل ذلك لا بد ان ندرك ما اصابنا ونعمل جادين بالحوار والتسامح وروح الايمان والاعتدال والتمسك في سيادة حكم القانون والعدالة والمساواة للقضاء على المعاني التي تطلق على الفتك والخداع وغنى اللصوص والفساد والكذب والرياء وبذلك تنهض الامة ليس في لبنان فحسب بل الامة العربية وكل امة على هذه الارض.

وهذه المفاهيم هي طريق حتمية من طرق الانتصار على الاعداء، بعد ان حل الارهاب بصورة عامة وارهاب الدولة بصورة خاصة، وعمّ العالم في هذه الايام سياسيو المصلحة وضربوا مفاهيم حقوق الانسان والمعاهدات والمواثيق ذات الصلة، وكأن كل ما توصلت اليه البشرية على مر السنين بعد حروب دامية قضى فيها الملايين حتفهم وسواهم شرد هذا عدا آلاف المعاقين فكأن شيئاً لم يحصل، والعالم الآن على شفير الهاوية في الطريق الى حرب عالمية ثالثة لا حدود لنتائجها القاتلة.. حمى الله الانسانية من شرورهم.

* الأمين العام السابق لاتحاد المحامين العرب