بيروت - لبنان

اخر الأخبار

20 أيلول 2023 12:00ص رسالة اعتذار من أحفادي

حجم الخط
أتقدّم من أحفادي ببالغ الاعتذار والأسف، والأسى والندم، باسمي وباسم أجدادهم لأننا جميعاً لم نستطع أن نخلق ونهيّئ لهم وطناً بقدر طموحاتهم وأحلامهم، وجُلّ ما أستطيع أن أقدّمه حالياً هو الدعاء لهم بالتوفيق في حال اختاروا الهجرة والغربة!
لقد تخاذل اللبنانيون جيلاً بعد جيل وتمادوا في الخنوع، وأصبحوا عبيداً لحُكام أمعنوا فساداً وطغياناً، وِجرِّوا البلد إلى قعر هاوية الجحيم السحيقة.
اللبنانيون كُبّلوا بقيود وسلاسل العبودية من الطائفية والمذهبية والمناطقية والزبائنية، ووصلوا إلى قناعة أنه إذا كان زعيمهم وعائلته وزمرته وزبانيته بخير فهُم بخير! ونسوا أن واجبهم الأول والأخير أن يكون الوطن بخير وعائلاتهم بخير.
في إهـداء كتابي «وجع الناس» (الذي صدر عام 2004)، والذي وجّهته إلى أحفادي، كتبت «مع الأمل بأن يُصبح ما في هذا الكرّاس مجرّد ذكريات من الماضي، ومجال طرفة وتندّر»، فإذا بالحاضر أكثر مضاضة وقسوة ومرارة وعبثية وخطورة عما كان عليه في العام 2004، وإذا بالسُلطة الفاشلة الفاسدة المجرمة تتقاسم وتنهش البلد، وإذ بأبنائه مديونين بألوف الدولارات من قبل أن يولدوا!
المؤلم أنه، حتى برنامج توفير الأقساط الجامعية الذي سدّدتُه بالدولار على مدى سنوات عديدة، والذي يُفترض أن يؤمّن أقساط الدراسة الجامعية لأحفادي، تحوّل إلى رهينة مُحتجزة لدى المصرف المُغتصِب!
كان لدينا كلبنانيين فترة 100 سنة لتأسيس دولة، لكننا أمضيناها في النزاع وانحدرنا خلالها من لبنان الكبير إلى مزرعة الصغار والفاسدين!
ولقد تقاعسنا جميعاً عن تحقيق أحلامنا وأحلام أبنائنا وأحفادنا... وأنا شديد الأسف يا أحفادي، وخجل منكم، وحزين ومُنكسر إلى أقصى الحدود.
آمل أن تتفادوا يا أعزائي أنتم وأبناء جيلكم تكرار أخطائنا القاتلة، وأن تكونوا أكثر نضجاً ووعياً واستعداداً وصلابة، وأن تكونوا يداً واحدة ولا تساومون إطلاقاً على مستقبلكم، وأن تحاذروا الوقوع في الفخ المُميت الذي أوقعنا أنفسنا فيه!