بيروت - لبنان

اخر الأخبار

8 كانون الثاني 2022 12:02ص شِهاب العلم والأخلاق

حجم الخط
أمضى مطلع شبابه في جامعات ومستشفيات فرنسا ليُتابع تخصّصه في جراحة أمراض القلب للأطفال، الذي كان نادراً وجوده في لبنان. ولما أنهى دراساته عَمِل في كبرى المستشفيات الباريسية، لكنه ما لبث أنْ ترك المناصب الطبية العليا التي كان يتولاها، مُقرِّراً العودة إلى بيروت ليخدم أبناء وطنه.

لمع اسمه في كليات الطب والمستشفيات الجامعية، التي سبقته شهرته وكفاءته إليها، وكان لا يتوانى عن القيام بالمسؤوليات التي يتولاها في مجالي التدريس والمعالجات الجراحية، رغم صعوبة الظروف التي واجهته على أكثر من صعيد.

نجح في تجنيب آلاف الأطفال عمليات جراحية كانت مُقرّرة لهم، كما أنقذ المئات في عمر الورود من مخاطر داهمة عبر إجراءات عمليات دقيقة أصبحت نماذج تُحتذى في العديد من مستشفيات الأطفال في العالم. 

دفعته إنسانيته الرقيقة إلى افتتاح عيادة شبه مجانية لتصوير وتخطيط قلوب الأطفال الذين لا يستطيع أهاليهم تحمّل تكاليف الفحوصات في المستشفيات، فضلاً عن إجراء العشرات من العمليات المجانية لأطفال من ذوي العائلات الفقيرة والمهمشة. 

لم يتحمّل رؤية الوطن ــ الحلم وهو ينهار تحت نير الحكّام الفاسدين والفاشلين، وما تجرّه الانهيارات المتوالية من محن وكوارث على هذا الشعب المقهور، فقرّر الهجرة إلى عرينه العلمي في فرنسا، لكن قلبه بقي يخفق على إيقاع التشنّجات المتزايدة بين أطراف المنظومة الفاشلة التي أوصلت البلاد والعباد إلى الطريق المسدود، فكان أنْ انسدّت شرايين قلبه الرقيق في تلك الليلة الظلماء. 

البروفسور غسان شهاب، الجرّاح البارع، الطبيب الناجح، العالِم المتواضع، الإنسان الحالِم بوطن يحتضن عائلته ويصون شعبه، رحل إلى عالم الحق بعدما خابت رهاناته في هذه الدنيا الفانية.

إلى جنّات الخلد يا شهاب العلم والأخلاق، وكل العزاء لزوجته الفاضلة والصابرة مي محمد بديع سربيه ونجليه المهندسين كريم وبديع وإبنته المهندسة دينا.