بيروت - لبنان

اخر الأخبار

10 حزيران 2023 12:00ص شرائح من 17 تشرين تتبرأ من التجربة

المزاج العام لنواب "التغيير" مؤيد لأزعور

حجم الخط

لعلها الظاهرة الأكثر عرضة للنقد وحتى للجلد هي تجربة نواب "التغيير" في المجلس النيابي.

ليس الاستحقاق الرئاسي أول وآخر الامتحانات التي سيخضع لها النواب التغييريون الذين تعرضوا للهجمات المتنوعة منذ ما قبل ولوجهم الندوة النيابية وتباعاً خلال الاستحقاقات المختلفة.

فقد تقاطعت تلك الهجمات بين أخصامهم على ضفتي الطبقة السياسية في معسكري 8 و14 آذار وما بينهما، وصولاً الى معسكر "الثورة" نفسها حتى باتت الدعوات جهارة إلى الفصل التام بين انتفاضة 17 تشرين والتجربة التغييرية متبرأة منها.

لكن الأمر لا يتعلق فقط بالظروف الموضوعية في بلد شديد التعقيد، بل أيضا بالنواب التغييريين أنفسهم وهم الذين فشلوا منذ البدء في تكوين جسم موحد على القضايا الرئيسية نتيجة خلافاتهم الشخصية الحادة التي وصلت إلى حد التهجمات (فضيحة تهجمات النائب سينتيا زرازير على آخرين هي الأولى في العلن وهناك الكثير مثلها بين الأروقة المغلقة)، كما نتيجة انقساماتهم في الخيارات السياسية وهم الذين أتوا من مشارب مختلفة سياسياً وعقائدياً وإقتصادياً وإجتماعياً.

حاول هؤلاء قدر الإمكان الحفاظ على مراهقتهم السياسية الحالمة وعدم التلوث بـ"وسخ" السلطة. لكن الأمر سرعان ما انبثق عن خيار جزء منهم بالـ"المواجهة" وعدم الانتظار بسلبية رفضية أمام دور تاريخي، ما يحتم عليهم المبادرة حتى لو تحالفوا مع جزء من المنظومة غير متورط كما أركان آخرين فيها.

على أن الاستحقاق الرئاسي شكل الامتحان الأهم والأدق حيث اختار ثلاثة من النواب الـ 12 الاصطفاف لصالح خلفيتهم الآذارية المناهضة لقوى الممانعة، تحت شعار المواجهة ولو كانت الشخصية المؤيدة من قبلهم شاركت في شكل أو في آخر في عمل محط جدل كبير المنظومة، أي جهاد أزعور.

لكنه أمر مفهوم في لحظة اصطفاف حادة رأى فيها النواب الثلاثة، وضاح الصادق ومارك ضو وميشال دويهي، حتمية أداء الدور الذي قالوا إن الشرائح التي اختارتهم تطلبه منهم.

في مقابل هؤلاء كانت حليمة قعقور السباقة في اختيار الموقف الرفضي للانغماس في لعبة السلطة ومناهضة أي خيار تسووي مع أركان في المنظومة مع رفضها طبعاً خيار سليمان فرنجية الأكثر جذرية في منظومة حكمت البلاد منذ نيف و 30 عاماً. وسار زرازير والياس جرادة في الخيار نفسه بعدم انتخاب جهاد أزعور أو سليمان فرنجية.

واليوم تتجه الأنظار نحو النواب الستة المتبقين بين التغييريين الـ 12: بولا يعقوبيان وإبراهيم منيمنة وفراس حمدان وملحم خلف ونجاة عون وياسين ياسين.

المزاج العام لهؤلاء التغييريين غير متردد كما هو متداول، بل هم على قلب أزعوري واحد سيُعلن عنه في جلسة الانتخاب من دون حسم ما إذا كان ذلك سيحدث في الدورة الأولى أم الثانية، وسيكون ترجيح كفة أزعور خياراً لا بد منه لدى القسم الاكبر منهم ولو ذهبوا في الدورة الأولى مثلا إلى إسم غير مستفز قد يتقاطعون عليه مع غيرهم يرفضونه في المنظومة مثل "التيار الوطني الحر" أو غيره.

استبعاد جمهور "الثورة"

طبعاً نعني هنا غير الراديكاليين في رفض أزعور "مرشح المنظومة"، لكن السؤال سيبقى محرجاً في هذا السياق لدى من اعتقد ان لديه شرعية مطلقة من ناخبيه بغض النظر عن ماهية أدائه وطبيعة خياراته، وهو ما يتطلب حواراً متجدداً مع شرائحهم الشعبية التي ابتعد كثير منها عنهم متهماً إياهم باستبعاده لدى اتخاذ الخيارات الاستراتيجية التي انتُخب التغييريون لأجلها، ما دفع إلى صبغ هذه التجربة في شكل عام بالاحادية وبالشخصية وحتى بالسلطوية.. مهما كان الظلم اللاحق بتقييم كهذا.