بيروت - لبنان

اخر الأخبار

25 آذار 2024 12:02ص عبّود في حيّ اليهود!

حجم الخط
يُقيم عبّود في مونتريال (كندا) في حيّ معظم سكانه من الطائفة اليهودية الحريدية، وهي الأكثر مُحافظة وتشدّداً وتزمّتاً (وما تنُطّوا وتقولوا شو جَبَرُه على هالعيشة!).
وعبّود يتبع في نهج حياته النمط المشهور «بيمشي من الحيط، للحيط وبيقول يا ربّي السِتر».
لكن... وفي لحظة تخلٍّ لم يدر فيها ماذا دهاه، خطرَ لعبّود أن يُقدِّم للجيران لمحة عن تراث شهر رمضان الذي ألِفَه في موطنه، فلبس الجلباب، وخرج من الباب يطوف في شوارع الحيّ، وهو ينقر الطبلة بعصىً قصيرة ويصيح: «يا نايم وحِّد الدايم... يا نايم وحِّد الله».
أضيئت أنوار المنازل المُطلّة على الشوارع، وبانت وجوه الجيران المذعورين من خلف زجاج النوافذ، ومنهم من فتحوا الأبواب يستفسرون عما يجري، وآخرون خرجوا إلى الشرفات مُستطلعين، وتعالت التساؤلات والهمهمات وصيحات الاستنكار والاستهجان.
ولم تمضِ دقائق إلّا ووحدة التدخل السريع في الشرطة تُحيط بعبّود وتأمره أن يُلقي أرضاً بالطبلة والعود، وأن يستلقي على وجهه ويديه خلف ظهره، وهجموا عليه وكبّلوا يديه بالقيود، ووضعوا غطاءً داكناً على وجهه وعينيه.
ثمّ دُفع بعبّود داخل شاحنة الشرطة، وأخذوه للتحقيق، وتمّ تصويره في مختلف الأوضاع، بينما هو يُعاني من الذهول والصدمة والأوجاع.
كما اقتحمت الشرطة سكنه، وفتّشوا كلّ ركن فيه، وصادروا مرطبان «الكشك» وبهارات المُغربيّة وبقايا جبنة «الشنكليش» لفحصها في مختبر المخدرات، وأخذوا كل ورقة سواء مطبوعة أو مكتوبة بخطّ اليد، بما فيها الفواتير والوصفات الطبيّة، و«الحِجاب» الذي كتبته له المرحومة أمه حين كان رضيعاً! وكان على رأس المضبوطات كمبيوتره العتيق الخارج من الخدمة منذ سنوات.
وعلى مدى ساعات، تناوب المُحققون على طرح الأسئلة عن شتى المواضيع والاستفسارات، بما فيها أسباب «بخاويش» الكلسات!
لم تشفع لعبّود إجاباته الصادقة، ولم يقتنع المحققون بحُسن نيّته، وأرسل مخفور إلى القضاء، الذي حكم عليه بتهمة مُخالفة القوانين، وإقلاق راحة السكان، وإزعاج السُلطات، والنيّة المُبيّتة في إثارة النعرات، ومعاداة الساميّة، واحتقار وكراهية بقيّة الأديان، ولم يشفع له أنه زيّن الشجرة في الشارع أمام منزله بمناسبة الميلاد (كريسماس)، وأن لديه إثباتاً رسميّاً كناية عن نُسخة من محضر مخالفة وإيصال غرامة تعدٍ على الملكيّة العامة!
ومن باب الانتقال «من تحت الدلف... لتحت المزراب»، انتقل عبّود إلى حيّ للسيخ والبوذيين والهندوس... وصار عبّود جار الهنود!