بيروت - لبنان

اخر الأخبار

14 تشرين الأول 2023 12:00ص «فَتَبَيَّنُوا» رحمكم الله!

حجم الخط
يسعى أفراد مجتمعنا الإسلامي اللبناني، بشكل عام، إلى الالتزام بالتعاليم الإسلامية وإقامة الشعائر وإتمام الفروض الدينية، والنوافل وغيرها... لكن معظمهم للأسف، يُهملون، بامتياز، الآية الكريمة التي جاء فيها: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ}، صدق الله العظيم.
بينما تجري أحداث «طوفان الأقصى» تغُصّ مواقع التواصل الاجتماعي بطوفان من الفيديوهات والتسجيلات الصوتية والصور والأخبار الكاذبة والمزوّرة، ولأننا قوم على خصومة مع الآية «فَتَبَيَّنُوا»، نقوم على الفور بالترويج، وبحماسة، لهذه الأكاذيب دون أي شك أو تردد أو سؤال، أو أدنى بحث وتحقق، وبذلك نُسيء إلى القضية، ويتم استغلالنا لنشر الأكاذيب والتضليل!
إن مساوئ وسائل التواصل الاجتماعي (وخاصة في لبنان) قد فاقت محاسنه بأشواط، ولا سيما لجهة تحوّلها إلى سلاح رخيص، قذر، وفتّاك لنشر الإشاعات والتسبّب بالفتن والقلاقل.
ومعروف إحصائياً أن الإشاعة إذا انتشرت ووصلت إلى 100 شخص، ثم تبعها توضيح مُدعّم بالإثباتات والدلائل، وتمّ العمل على نشره بكفاءة وعلى أوسع نطاق، فإنه رغم ذلك لا يصل سوى إلى 65 شخصاً على أكثر تقدير! فمن يحمل وزر نشر الأكاذيب والأباطيل والإشاعات المُغرضة، ووزر تضليل الناس؟!
في هذه الظروف المعقّدة التي نحن فيها، أنصح نفسي والآخرين إلى المبادرة بحذف وعدم تناقل أي فيديو أو تسجيل صوتي أو أي موقف ليس معروفاً صاحبه أو قائله، خاصة لأن معظمنا غير قادر (أو راغب) في التحقق وتبيّن صحة المعلومات ودقّتها. وقد يُدسّ السّم في شهد العسل.
إنني عندما أرسل معلومة ويتبيّن لي أنها غير صحيحة، ينتابني القلق وأسارع إلى إرسال التصحيح إلى من أرسلها راجياً ومتمنياً عليه أن يوزّع التصحيح بالهمّة ذاتها التي نشرَ فيها المعلومة الخطأ، ثم أبادر إلى إرسال التصحيح لكل من أرسلت إليهم المعلومة الخطأ، مع الاعتذار منهم.
يلومني البعض بأنني «حنبلي» ولا «أطنّش» عمّا يصلني من تعليقات و«بوستات»، ويطالبونني أن «أخفف شوي» و«مرّقها ولو»... وأنا لا يسعني الاستجابة لتمنياتهم. والبعض «يقاوح» ويقول المهم الفكرة، أو «الله أعلم» بقصد إنكار التوضيح والتصحيح. وهؤلاء جميعاً لا يدركون أن المعلومة يجب أن تسلم من التزوير والتمويه والتلفيق وإلّا فقدت قيمتها وإمكانية استخدامها كمثال أو برهان أو إخبار.
وواقع الأمر أن كل من أضافني إلى لائحة التوزيع خاصته، ولا يُمكنه التأكد من المعلومات التي يرسلها أو ينشرها، يُجبرني (ولو عن غير قصد) على التأكد من المعلومة مع ما في هذا من جهد ووقت، ويضعني في مأزق (ولو عن غير قصد) حين لا أوفقّ في تبيّن صحّتها، أو حين لا أعلّق عليها، فيعتقد أنني موافق عليها.
إن الإشاعات يُطلقها المُغرضون، وينقلها الأغبياء، ويُصدّقها الحمقى!... فلا تكونوا منهم و«تبيّنوا».