بيروت - لبنان

اخر الأخبار

22 آذار 2024 12:00ص لماذا يُضيّع الفلسطينيون الطريق؟!

حجم الخط
لم تمضِ أيام قليلة على اجتماع موسكو الذي ضمّ مختلف الفصائل الفلسطينية بما فيها حركة فتح وحماس والجهاد الإسلامي وصدور بيانها المشترك الداعي إلى إنهاء الإنقسام الفلسطيني وتأكيد وحدة الشعب وكافة الفصائل والقوى في إطار «منظمة التحرير الفلسطينية» الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني، ولم تذهب الآمال بعيداً بتحقيق شيءٍ من روح الإتفاق العليل والمرجو بين الفلسطينيين حتى جاء قرار رئيس السلطة الفلسطينية «محمود عباس» (أبو مازن) بتعيين رجل الأعمال البارز وعضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير «محمد مصطفى» رئيساً للوزراء، وتكليفه بالمساعدة في عملية إصلاح السلطة الفلسطينية وإعادة إعمار قطاع غزة، ليضرب مجدّداً على وتر شرذمة المكونات والقوى الوطنية، حيث رأت  فصائل حماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية والمبادرة الوطنية في هذا القرار تفرّداً وتعميقاً للإنقسام عبر تكليف شخصية وإن لم تكن منتمية إلى حركة فتح، إلا أنها من نفس الخندق السياسي لرئيس الحكومة المستقيل «محمد أشتية»، وذلك دون مشاورة باقي الفصائل التي كانت تتطلع من خلال اجتماع موسكو إلى حدوث توافق من أجل تشكيل قيادة وطنية موحدة تعمل على إجراء انتخابات ديمقراطية حرّة تشارك فيها كافة مكونات الشعب الفلسطيني.
إنتقاد حركة حماس لقرار التكليف وهجومها القاسي على خطوة الرئيس عباس التي شكّلت من وجهة نظرها ضربة في عمق القضية الوطنية ووحدة مكونات الشعب الفلسطيني وتطلعاته السياسية في تحرير الأراضي المحتلة وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وكاملة السيادة وعاصمتها القدس، قابله ردٌّ بالمثل من حركة فتح التي أكدت في بيانها على أن من تسبّب في إعادة احتلال إسرائيل لقطاع غزة بعد مغامرة السابع من أكتوبر  لا يحق له تحديد أولويات الشعب، وأن قيادات حماس لا تشعر بحجم الظلم الواقع على أبناء الشعب الذي يتعرض لحرب الإبادة الجماعية في قطاع غزة وباقي الأراضي الفلسطينية، وأنها هربت مع عائلاتها إلى الخارج بعد أن تسبّبت للغزّيين والقطاع بنكبة تفوق نكبة العام ١٩٤٨. ويبدو أن هذا التضاد والخلاف المتكرر بين القوى  الفلسطينية له جذوره وأنفاقه وأحلافه ومحاوره، وله طرقاته الوعرة ومفارقها يسلكها كل فريق ويعبرها ولو كانت حقول ألغام فيما الطريق الصحيح يُركن في صفحات البؤس وعذابات الضمير والجوع القاتل ينهش أجساد الأطفال ويفترس أرواح الشعب الفلسطيني كما آلة الإرهاب الإسرائيلية - الأميركية، فلا يجد له ناصراً حقيقياً عربياً ولا إسلامياً ولا دولياً، ولا يخفّف عنه مساعدات ضئيلة وبائسة ترمى هنا وهناك وتسقط كسقوط ضمائر العالم فوق مدن الأشباح الهالكة والدمار. 
هناك يُطبَق الحصار وتزداد تحذيرات الأمم المتحدة من الهجوم الوشيك على مدينة رفح الجنوبية، وتداعياته الكارثية من تعريض حياة السكان المكتظين في هذه البقعة الضيقة لأخطار المجاعة والموت بأعداد كبيرة. أعين الفلسطينيين تتوجه دائماً نحو مصر، لا ليذهبوا إليها بل لتأتي هي إليهم،  لكن هناك أيضاً لا طريق، وهناك طريق أضاعتها مصر منذ اتفاقيات «كامب دايفيد»، وهناك طريق قاتل وخطة موثوقة تريدها الإدارة الأميركية بالتنسيق مع «نتنياهو» وتزعم من خلالها العمل على حل أزمة الغذاء في قطاع غزة وتجنب قتل المدنيين ومخالفة القانون الدولي، وذلك بعد أن بدأ التداول في مشروع قرار أميركي سيقدم إلى مجلس الأمن من أجل وقف إطلاق النار بعد الفيتويات الأميركية السابقة التي منعت استصدار قرارات لوقف إطلاق النار في غزة. المجرمون الصهاينة يجدون  طريقهم ومستشار الأمن القومي للبيت الأبيض «جيك سوليفان» يعود للقول بعدم الجهوزية لوقف إطلاق النار، ويعلن عن إبلاغ نتنياهو للرئيس الأمريكي «جو بايدن» موافقته على  إرسال فريق مشترك من الوكالات إلى واشنطن لبحث العملية العسكرية المحتملة في رفح. ولكن ماذا عن الفلسطينيين؟ ماذا عن الشعب؟ وماذا عن القيادات الفلسطينية ومعها القيادات العربية والإسلامية؟ يقول الكثير من الفلسطينيين ولديهم الحق في ذلك: ضلّ العرب والمسلمون طريقهم نحو فلسطين. ولكن سؤال في المقابل: لماذا يُضيّع الفلسطينيون الطريق؟ ولماذا يصرون على ضياع ما تبقى من فلسطين؟ عودوا إلى الله! وعودوا إلى فلسطين!