بيروت - لبنان

اخر الأخبار

8 أيلول 2023 12:30ص لمصلحة مَن هذه البروباغاندا الإعلامية ضد الحريري؟

حجم الخط
سؤال موجّه إلى العميد الركن نزار عبد القادر حول «السُنّة وتحديات الحفاظ على الحضور واسترجاع النفوذ»؛ عنوان المقال الإفتتاحي في جريدة «اللواء» تاريخ ٦ أيلول ٢٠٢٣: لمصلحة من ولماذا تستمر هذه البروباغاندا الإعلامية الموجهة ضد الرئيس سعد الحريري؟
كتب العميد الركن يقول: «السنّة غائبون عن المسرح السياسي منذ خروج سعد الحريري من العمل السياسي والوطني». ويضيف: «الكيان برمّته مهدّد بالسقوط في ظل مفاعيل الأزمة السياسية والاقتصادية والمالية المدمّرة، ولا أمل بالخروج منها في ظل فقدان حالة التوازن الوطني، بفعل وجود سلاح مهيمن، يوطّنه حاملوه لخدمة مشروع خارجي، يرتبط بطهران وبولاية الفقيه».
النقطة الأولى ربط فيها غياب السُنّة عن لعب دورهم المفترض على المسرح السياسي اللبناني بغياب الرئيس سعد الحريري عن المشاركة والحضور السياسي والوطني الفاعل في هذا الزمن العصيب. والنقطة الثانية ربط فيها انعدام الأمل بالخروج من الأزمة المدمّرة بفقدان التوازن الوطني الناتج عن توطين سلاح حزب الله في خدمة مشروع خارجي تقوده طهران على حساب مشروع الدولة في لبنان. ويمضي العميد الركن في تحميل السُنّة عموماً وقيادة الحريري خصوصاً مسؤولية التخلّي عن لعب دور الندّ للطوائف الأخرى في بلد تحكمه سياسة التوازن الطائفي كما يقول، متهماً الطائفة السنية بنسيان أو تناسي هذه الحقائق ومسؤوليتها في الحفاظ على مكتسباتها ونفوذها الخاص! ومع ذلك أُذكِّر بما أورده في ذات المقال عما أظهره الرئيس رفيق الحريري منذ الأيام الأولى لصعوده من طموح إلى قيادة لبنان بكل مكوناته وطوائفه، فلم يكن الزعيم الطائفي يوماً حتى يقود الطائفة من موقع الندّ للطوائف الأخرى - وعلى نهجه سار الرئيس سعد الحريري - بل كان أميناً على العيش المشترك في لبنان وساعياً إلى تحقيق التكامل والتعاضد بين مختلف الطوائف اللبنانية، وكان الزعيم الوطني والاستثنائي الذي نجح في إعادة إعمار العاصمة ولبنان وإعادته إلى الخارطة السياسية العربية والدولية بعد سنوات الحرب البغيضة والندّية القاتلة في لبنان.
بعض ما ورد في مقال العميد الركن نزار عبد القادر: «ارتكب سعد الحريري خلال فترة ترؤسه لتيار المستقبل ورئاسة الحكومة أخطاء كبيرة وجسيمة وكان أخطرها طي صفحة الخلاف مع النظام السوري بعد أن كان اتهمه لسنوات باغتيال والده». المقال نفسه الذي استسهل تصويب السهام نحو حركة الحريري باتجاه سوريا أشار إلى المبادرة السعودية - السورية لتطويق الأزمة الناشئة بفعل صدور قرار ظني عن المحكمة الدولية الخاصة واتهام عناصر من حزب الله بتنفيذ عملية الاغتيال!
تابع: «اتجه الحريري نحو ركوب مغامرة جديدة مدمّرة له ولدور السنّة في لبنان من خلال رضوخه للضغوط وقبول انتخاب العماد ميشال عون مرشح حزب الله لرئاسة الجمهورية، فاتحاً بذلك الطريق لإنهاء سياسي واقتصادي شامل، أودى في نهاية المطاف الى وصول لبنان الى جهنم التي وعدنا بها الرئيس عون». وللتذكير مجدداً فإن هذه البروباغاندا المستمرة بغرابة شديدة بوجه الرئيس الحريري وهذا الاجتزاء المخلّ بالأحداث لا يستقيمان مع حقيقة وصول ميشال عون حليف حزب الله إلى رئاسة الجمهورية كنتيجة حتميّة لاتفاق معراب الذي كان بوابة لبنان الحقيقية إلى جهنم، وذلك بعد ترشيحه من قبل غريمه وحليف الرياض رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع بضوء أخضر عربي ودولي.
تابع المقال الذي أقرّ باصطدام الحريري بعرقلات كبرى منعته من تشكيل الحكومة وفق المبادرة الفرنسية في تحميله المسؤولية عن قراره بالتنحي تاركاً ورائه الطائفة السنية دون قيادة وفي حالة تشرذم وضياع تام. هنا سؤال آخر للعميد الركن ولأصحاب البروباغاندا: كيف توفِّقون بين اتهامات باطلة وبطولات زائفة في التنازلات التي تزعمون تقديمها من قبل الرئيس الحريري لحساب حزب الله ومحوره، وبين إلقائكم باللوم عليه بسبب تحمّله المسؤولية وتلبيته لمطالب اللبنانيين وعدم تمسّكه بالسلطة التي حاول فيها العهد البائد وحلفاؤه إبقائه فيها لتغطية فسادهم وإمعانهم في خرق الدستور وحربهم على الطائف، وذلك قبل منعه من القيام بمهماته الدستورية والإنقاذية وفق المبادرة الفرنسية؟
وإذا كانت غاية المقال فعلاً حفاظ السُنّة على الحضور واستعادة النفوذ بعد خروجهم العملي من اللعبة في اختيار الرئيس العتيد أو في وضع خطة إنقاذية لإخراج لبنان من أزمته المالية والاقتصادية، وذلك بعد تعليق الرئيس الحريري لعمله السياسي، فالسؤال الرئيسي المطروح: لمصلحة من ولماذا تستمر هذه البروباغاندا الموجّهة ضد الرئيس سعد الحريري؟ وإذا كان الحل المنشود والأمل الوحيد لاستعادة السنّة لدورهم بحسب ما ذهب إليه المقال هو أن تفشل كل المبادرات الراهنة بما فيها مبادرة الرئيس بري الأخيرة للحوار وعقد جلسات متتالية لانتخاب الرئيس، وأن يترك الحل لتوافق عربي - إقليمي يعيد تصحيح الخلل الحاصل في موازين القوى الداخلية، فهل يمكن تصوّر ما لهذا الحل على المدى الطويل وإعادة التوازن الوطني إلى الحياة السياسية في لبنان من دون عودة الرئيس سعد الحريري إلى لعب دوره الطبيعي رجل دولة وزعيماً للسنة ورمزاً للاعتدال على مستوى الوطن؟