بيروت - لبنان

اخر الأخبار

12 كانون الثاني 2024 12:00ص ليس كل ما يلمع ذهباً!

حجم الخط
يقول المثل الشائع: مجنون يحكي وعاقل يسمع!
مع مرور الزمن، تكشّفت تفاصيل الصفقة بين المخابرات الأميركية وأجهزة استخباراتية شرق أوسطية وعربية، لتشكيل تنظيم «المجاهدون الأفغان» للقتال ضد الاتحاد السوفياتي، لكن في فترة نشوء التنظيم لم يكن أحد من العامة يجرؤ على طرح أي تساؤل حوله، أو أن يطرح شكوكاً تتعلق بمصادر تمويله وتجهيزه وتسليحه!
وعندما انطلق تنظيم القاعدة لم يكن هناك من يتخيّل من العامة، أو يقبل فكرة، أن التنظيم قد يكون صنيعة الاستخبارات الأميركية.
وبينما كان أبو بكر البغدادي معتقلاً في سجن «غوانتانامو»، تمّ الإفراج عنه فجأة بعفو أميركي، ليُعلن بعدها بستة أشهر فقط بناء جيش جرّار يحمل اسم «جيش الدولة الإسلامية بالعراق والشام (داعش)»، مجهز بأحدث الآليات والعتاد والأسلحة!
والسيناريو ذاته ينطبق على جبهة النصرة، وعلى معظم الأحزاب والتنظيمات والتيارات والجبهات والهيئات التي تدّعي أنها إسلامية، وأنها جهادية.
وجدير بالذكر أن السحر كان ينقلب أحياناً على الساحر، فتتمرد هذه التنظيمات على قوى الظلام التي خلقتها وصنعتها، فتفوح روائح الخديعة والتآمر، وتتسرب وتتكشف معلومات خطيرة ومذهلة عن دور المخابرات الغربية.
إن مراجعة النذر القليل من وثائق الأرشيف التي تُفرج عنها المخابرات الغربية، والتي يمرّ عليها 30 أو40 أو50 عاماً (وفقاً لتصنيف مدى سرّيتها وأهميتها)، ومجرد الاطلاع على محتوياتها أمر «يشيب له الولدان»، على الرغم من أن جزءاً من المعلومات قد يكون مظللاً بالحبر الأسود لإخفائه إلى الأبد.
إن نظرية المؤامرة ليست بالكامل وهماً وخيالاً مريضاً، وليست بالضرورة مجالاً للتندّر والتهكّم والسخرية، أو لجلد الذات لدى العرب، فإن ما يحدث على صعيد السياسة الدولية من خفايا، وما يتسرّب من مؤتمرات ولقاءات التخطيط والتآمر في الغرف السوداء، يفوق أحياناً أغرب حكايات الخيال.
إن المنطقة مقبلة على مخاطر وأمر جلل، وسيظهر لاعبون جدد على الساحة، لذا أدعوكم بإلحاح إلى الشكّ في كل ما تشاهدونه وتسمعونه وتقرأونه، فليس كلّ ما يلمع ذهباً، ولا كلّ ما يبرق فضة، لذا تبيّنوا، وتيقّنوا من الأمور، وتثبّتوا من المعلومات، ولا تدعوا عاطفتكم تطغى على عقلكم، وتريّثوا قبل أن ترفعوا سقف آمالكم وتوقعاتكم فوق المُمكن والمعقول والمستطاع، فألم السقطات وأضرارها (وربما الموت بسببها)، هي على قدر ارتفاع سقف التوقعات وعلوّه!