بيروت - لبنان

اخر الأخبار

3 آب 2021 12:02ص ماذا ستعترفون أمام الله...!

حجم الخط
بهمس وفحيح الموت رمى السؤال الجواب...

بدمع العالم كله الهادر قالت... حزناً... بيروت لا تبكي...

انتظر الوطن بهدوء مجنون... ابتسمت الطفلة... تأهّبت الممرضة... ضحكت الصبية... ذهب عبدو للصيد... ذهبت العائلة للغداء في المطعم.. ذهب الوطن بنعوش الضحايا... وانكسرت بيروت... وهوى الوطن... في نعش بقرطبة فقط يد ضحية بدون جسد دفنت وبعد شهر أشلاء وربما كما قالت كارين زهر القمح أنبت من دماء الضحايا...

ومن كان ساكن البيت ملاذ الأمان طار مع تهدّم البيت... وسقطت القلوب.. بيروت قومي من الردم..!

ناس كُثر تمشي في المدينة... ناس تمشي على الكورنيش البحري... والمدينة فرحة فرح الحق.. كشّر الغدر عن أنيابه... ونادى لها...

قالت.. دقيقة.. واحضر الطعام دخلت غرفة النوم ولَم تخرج... انتظرها أولادها، ابتلعها عصف الموت وإجرام الفاعل والفاعل معلوم مجهول.. والدولة في سبات وسكوت وَيَا عمر لا تنوح فالوطن موجوع...

كان يا ما كان في بيروت الحبيبة مرفأ فيه قمح الجوع ومدخل المدينة... وباب يسرق البحر الى اليابسة.. وناس تسرق وتدخل و... يا ليل خبّأ الأسرار..

دقّ الهاتف في محطة الاطفاء... هناك حريق خفيف على المرفأ... هرول الفريق... إنذار بدون تحذير والكل عارف بالعنبر رقم ١٢ عنبر الموت والشؤم..

ابتسمت العروس.. ابتسامة عريضة اتصلت بخطيبها رفيق الحياة : آلو... بقلب واجف رأى النار وراءها قالت له هناك شيء مريب قال لها سحر اركضي اركضي، ركض الموت وراءها والفساد والاهمال أمامها.. رأت الموت وفِي داخله المجرمين... رحلت وابتسامتها تحوّلت الى دمع الوطن.. ودمع الوطن تحوّل الى نعوش..

كانت... مدينة تعجُّ بالحياة... كانت اسمها بيروت.. مدينة آمنة على شط البحر وكان الفساد يدخل بارتياح ويخرج مطمئناً... والنَّاس نيام والحق مندهش... ومن يهتم بالشعب والشعب متروك لقدره والكل برّاء من جريمة أجل جريمة مع سابق تصوّر... وهو تفجير وليس انفجار.. همس أبو جيسيكا... جيسي قومي من الموت قومي لأكون مكانك... وانكسرت الحياة...

سألتها بحزن العالم كله صفي لي ابنك الضحية ضحية الانفجار.. 

قالت لها والدمع يبتسم...

ابني حلو كل العالم تقول عنه جميل...

سكتت .. وابتدأ الدمع بالكلام...

كان لديّ ابن ابتلعه الانفجار...

كانت لديّ أمّ...

كان لديّ ابنة.. كان لديّ أب بحثنا عنه عشرة أيام بعد الانفجار.. وجدنا قطعة أو قطعتين ربما له ربما لضحية أخرى.. ولَم نعرف من دفنّا... همس الموت دفنت وطن..

سكتت وبكل حزن أجابها الوطن...

انهم أبناء الوطن... نعوشهم دفنت كرامة الوطن..

انهم دمع الموت.. الذي سرق ضحايا الفساد...

مشت بهدوء... أغلقت شاشة الوطن...

فالوطن صار مقبرة الفقراء...

صار سارق الحياة..

صار حرامي الكرامة..

الوطن صار لجان.. لجان..

نعوش تنادي الضحايا وضحايا تنادي عائلات.. ووجع ينادي عمر.. ووطن ينادي ضمير..

ولا من يسأل ولا من يجيب صمت...

والعدالة عمياء... ترتدي سواد القلب..

والتحقيق المحصّن ضد الحق والعدل... ينادي رفع حصانة...

جلست متربعة على الزمن... سنة مرت والحزن جوال..

مدّت يدها سرقت وطن فشل في المحافظة على حق الحياة..

سنة مرَّت والعمر مرَّ مرارة الفقدان...

لا الدمع كافٍ والقهر وحش جوال والاهمال مافيا الفساد.. و...

لا أحد.. لا أحد.. في نعش ابنها سوى وجوه القهر وموت الضمير والوطن برّاء منهم حتى يوم الحساب..

قالت لها بل سألها قلبها الحزين أين كنت وقت الانفجار..

قالت لها أين كنّا نحن الشعب اللبناني ونيترات الأمونيوم نائمة في المرفأ تنتظر تلحيم قصة لا هي حقيقة ولا هي خيال... تنتظر موت أحمر طال العباد..

تنتظر قلب مسحوق... يبكي دمعاً ودماً..

تنتظر وطن مسروق ليلاً ونهار...

تقدّمت ببطء شديد... بطء الموت.. بطء سلب الروح، روح منحها الخالق وسلبها النيترات... 

همست روحها... ماذا ستعترفون أمام الخالق القدير...

وقت الحساب.. 

وبأي فحيح ستردون... 

وأين ستخبؤون دليل الإجرام..

ردَّت أرواح الضحايا.. التي كانت مارّة على الطرقات...

ردّت ابنة الست سنوات التي آمنت ان الوطن بيتها وان بيتها هو الأمان.. طار السقف وسلبت الحياة...

ردَّ ابن الخامس عشر من كان جالساً في غرفته يبني الأحلام.. ردَّت المستشفيات.. ردَّ الحق أين أنا...

ردَّت قلوب الأمهات الدامعة...

وشقاء قلوب الآباء...

ردّ الوطن ماذا ستعترفون أمام الله القدير.. ماذا ستعترفون في دنيا الحق... والباطل في داخلكم لسنوات وسنوات...

والفساد والإجرام أوسمة والموت ينتظر في العنبر والشر ينتظر والشعب غافل... والبحر متأهب.. ركض عندما شاهد النيران ترتفع خاف على سيارته القديمة... وهو الذاهب الى الصيد بعد أيام وجدوه داخل سيارته غارقة في بحر حضنه من غدر الإجرام جثة فقيرة في الحياة غنية في الآخرة، اصطاده الإجرام... وَيَا بحر كم بك من أسرار...

همست الأرواح لنا رب قادر قدير..

خجلت العدالة ..

ولَم يخجل الحكام... خجل الحق.. ابتسم الإجرام.. يا ويلكم يوم الحساب..

همس قلبها بوجع العالم كله...

وانحنى الزهر رامياً شوك الوجع..

خجل الضمير أمام وجع الرحيل..

تأبط الزمن انكسار الكلمات..

رقصت نعوش الضحايا..

انه ٤ آب وصمة عار في مسيرة الوطن..

علامة خزي في اهتزاز العدالة...

همس قلبها بوجع العالم كلّه..

لا...

لن يصبح ٤ آب ذكرى...

انه بداية قيامة وطن..

انه ليس يوم ذكرى بل يوم استرداد..

قولوا لي قولوا للوطن ماذا ستعترفون أمام الله..

وسكت الحق أمام باطل يرفض رفع الحصانة..

ويمدد لذاته خنق الوطن..

وأسر البلاد والعباد..

انحنى زهر العمر أمام نعوش الموت...

همست أرواح الضحايا...

ماذا ستعترفون أمام الله...

وهل تنام أعينكم في الليالي...

وقلوب أمهات الضحايا لا تغفو...

طالبة الرحمة..

والعقاب...

انحنى العمر أمام ريح الإجرام..

انحنى الورد..

فلروحكم السلام...