بيروت - لبنان

اخر الأخبار

25 تموز 2023 12:00ص ماذا يعني أن تكون لبنانياً؟!

حجم الخط
أن تكون لبنانياً، يعني أن تعيش تحت رحمة نظام طائفي مذهبي مناطقي عشائري، يُحدّد هويتك وخط سيرك، ويجعلك مرتهناً مدى الحياة «للواسطة» والمحسوبيات.
أن تكون لبنانياً، يعني أن تُصدّق كذبة العيش المشترك، والتميّز والتفرّد اللبناني، و«لبنان يا قطعة سما»، و«جنة الله على الأرض»، وأحلام سعيد عقل، وفانتزيا الرحابنة.
أن تكون لبنانياً، يعني أن يبقى وطنك الصغير عرضة دائماً للقلاقل والنزاع والسجالات والأزمات، والصراعات المحلية والإقليمية والدولية، والحروب والمِحن.
أن تكون لبنانياً، يعني أن ترضخ وتعتاد العيش في دولة تحكمها دويلة تسعى لانتزاعك من محيطك وتاريخك وجغرافيتك.
أن تكون لبنانياً، يعني أن تخاف على مستقبل أولادك وأن تستعد لأن تخسرهم إلى الهجرة، وأن تبقى قلقاً خائفاً على مصير عملك، وأن تصل إلى مرحلة الشيخوخة والمرض دون أي ضمانات أو مساعدات اجتماعية.
أن تكون لبنانياً، يعني أن تتعرض طوال حياتك لتجارب عدم انتظام التيار الكهربائي وعدم وصول المياه وانقطاعها، وأن تشتري المواد الغذائية منتهية الصلاحية، وأن تتناول أدوية فاسدة ومزوّرة، وأن تعيش فوق أرض تُدفن فيها النفايات السامة وتقطع فيها الأشجار، وأن تسبح على شاطئ ملوث بالنفايات وبُقع النفط.
أن تكون لبنانياً معناها أن تدفع رسوم المعاملات الإدارية والمالية الحكومية مع الاضطرار صاغراً ومبتسماً، لدفع خُوّة ورشوة (إكرامية) إضافية، وأن تدفع مرّتين مقابل كل خدمة، فاتورة مؤسسة الكهرباء واشتراك المولد الكهربائي، وفاتورة مصلحة المياه وثمن قوارير مياه الشرب وصهريج مياه الخدمة، وهكذا...
أن تكون لبنانياً، هو أن تعيش تحت رحمة وجشع الاحتكار والمستشفيات والتجار ووكلاء الأدوية والمصارف والمدارس ومستوردي المحروقات وغيرهم، دون أي حماية أو رادع قانوني أو أخلاقي.
أن تكون لبنانياً، يعني أن يقودك ويحكمك ويتحكّم بك مسؤولون أنانيون عديمو الضمير والوطنيّة والأخلاق، ينهشون وعوائلهم وأنسباؤهم ومناصريهم خيرات الوطن، ويسرقون جنى عمرك جهاراً ظهاراً ويحوّلونك إلى فقير متسوّل بين ليلة وضحاها، بل ويفجّرونك ومنزلك بالنيترات دون أن يرفّ لهم جفن ودون أن يلاحقهم تحقيق أو قضاء!
أن تكون لبنانياً، يعني أن تدرك أن لبنان الماضي لن يعود، وأن لبنان الحاضر لم يعد بالإمكان المضي فيه، وأن لبنان المستقبل وهمٌ وسراب.
أن تكون لبنانياً، يعني أن تعيش في وطن كلّ ما فيه قائم على أسس وقواعد مغلوطة، يُعاني من الانفصام بين الشعارات والتوقعات والواقع.
أن تكون لبنانياً، يعني أن تكون مشبوهاً في مطارات العالم، وفي أعين رجال الأمن على امتداد الكرة الأرضية.
أن تكون لبنانياً ليس جنسية... بل لعنة وعقوبة أبدية!