بيروت - لبنان

اخر الأخبار

7 شباط 2022 12:02ص مجلس الأمن يُفاقم الخلافات بدل المساهمة بحل أزمات لبنان

الحدث اللبناني خارجي بين الأمم المتحدة و«الدول الصديقة»

حجم الخط
بقي الحدث اللبناني خارجياً بإنتظار إقرار مشروع موزانة العام 2022، وتطبيق خطة الكهرباء وخطط الاصلاح الموعود والتفاوض مع صندوق النقد الدولي، حيث ترددت معلومات ان وزير خارجية فرنسا جان ايف لودريان سيزور لبنان للإطلاع على سير التطورات فيه، ولكن موعد الزيارة لم يحدد بعد، ونفت مصادر الخارجية اللبنانية علمها بما اذا كان هناك من زيارة او متى موعدها. وفي حال تمت زيارة لودريان ستكون هي الثانية من دولة صديقة للبنان بعد زيارة وزير خارجية الفاتيكان بول ريتشارد غالاغير، وقبله وزراء اوروبيين وبعض العرب، وكلهم جاؤوا في زيارات استطلاعية للوضع اللبناني وبوعود لا بحلول واقعية للازمات القائمة. فيما ينتظر لبنان يوم غد الثلاثاء او بعده وصول الموفد الاميركي للمفاوضات غير المباشرة حول ترسيم الحدود البحرية آموس هوكشتاين لمعرفة ما يحمل من افكار اومقترحات لإستئناف التفاوض.

وترافقت المعلومات عن زيارة لو دريان مع بيان مجلس الامن الدولي حول لبنان، يُعيد إحياء المواقف الخلافية اللبنانية حول تطبيق القرارات الدولية كلها الصادرة منذ سنوات طويلة، برغم علمه انها قد تسبب مزيداً من الخلاف والانقسام الداخلي وتُحرّض اطرافاً على اطراف، في حال استمر الضغط الخارجي حول هذه القرارات الاستنسابية التطبيق على لبنان والبعيدة عن المس بإعتداءات العدو الصهيوني وانتهاكاته اليومية للسيادة اللبنانية. وإلّا ما معنى مطالبة لبنان فقط بتطبيق القرار 1701 الصادر بعد حرب تموز- آب 2006 من دون الضغط على الكيان الاسرائيلي لتطبيقه والوصول الى ما نصّ عليه من حالة «وقف الاعتداءات نهائياً» بدل البقاء على حالة «وقف العمليات العسكرية او العمليات الحربية»، وعدم ممارسة اي ضغط او عقوبات عليه بسبب الانتهاكات اليومية للقرار المذكور.

يُمكن تفهم إصرار مجلس الامن الدولي على حماية عناصر قوة اليونيفيل العاملة في الجنوب من اي اعتداء او تحرش او استفزاز، وهذا امر طبيعي ومطلوب، لكن ماذا عن حماية المواطنين والمزارعين والرعيان اللبنانيين الذين تخطفهم قوات الاحتلال او تهددهم او تطلق الرصاص فوق رؤوسهم او على ماشتيهم؟ ولماذا لم يصدرعنمجلس الامن الدولي مرة واحدة قرار او بيان يضغط على اسرائيل او يدينها او يهددها بإجراءات او عقوبات؟ 

ويمكن تفهم حرص مجلس الامن الدولي على استقرار لبنان من ضمن الاستقرار في المنطقة بإعتبار ان حفظ السلام والسلم العالميين من صلب دوره واختصاصه، لكن لا يمكن تفهم تدخل مجلس الامن في سياسة لبنان الداخلية ودعوته الى تبني مواقف وخيارات سياسية واقتصادية ومالية وقضائية خلافية– وحتى خيارات انتخابية رئاسية ونيابية- تثير إنقسامات وتُفاقم الازمات بدل المساهمة بحلها نتيجة تبني خيارات ومواقف اطراف معينة وتجاهل خيارات ومواقف اطراف اخرى وازنة موجودة على الساحة السياسية والرسمية. (راجع النص الحرفي لبيان مجلس الامن الصادر السبت).

لا يُخفى ان مجلس الامن يواكب سياسات الدول العظمى والكبرى ويلبي طلباتها وسياساتها ويتبنى خياراتها، وبالأخص السياسات والطلبات والخيارات الاميركية، ويكيل بمكاييل عديدة وليس بمكيالين فقط، وقد كانت تجربة لبنان وفلسطين المحتلة مع القرارات الدولية من اصعب التجارب، لأنها كانت تُفرض عليهما من جانب واحد وتتعاطى مع النتائج لا مع المسببات، كسبب الإحتلال الاسرائيلي مثلاً، وهذا الامر عبّر عنه رئيس المجلس النيابي نبيه بري مرات عديدة وامام موفدين دوليين وحتى امام الامين العام لمنظمة الامم المتحدة. بحيث انه لا استقرار مستداماً في الشرق الاوسط من دون الحل العادل والشامل لقضية فلسطين والاراضي العربية الاخرى المحتلة، والتي تنعكس إضطرابات في كل المنطقة.

 لذلك لا بد من أن يعتمد مجلس الامن مقاربات مختلفة في التعاطي مع لبنان، من منطلق احترام سيادته اولاً، وطبيعة نظامه ودستوره، وتركيبته السياسية وظروفه المختلفة عن ظروف اي دولة في العالم، وقد اثبتت التجارب ان فرض السياسات الفوقية تؤدي الى ازمات مستدامة لا الى حلول مستدامة.