بيروت - لبنان

اخر الأخبار

20 نيسان 2022 12:02ص معركة 15 أيار ستكون الأشرس.. والمال الانتخابي سيفعل فعله!

القوى السياسية تخلط الحابل النيابي بالنابل الرئاسي

حجم الخط
من الطبيعي في بلد مثل لبنان منقسم على نفسه أفقياً وعامودياً ومن مختلف الجهات، أن يشهد ما يشهده من صخب سياسي ونبش للقبور واستحضار للأرواح على أبواب الدخول في مدار الانتخابات النيابية، حيث تشرع الابواب في هذه المعركة لاستخدام مختلف أنواع الاسلحة في سبيل تأمين الطريق للوصول الى الندوة البرلمانية، لكن ما ليس طبيعياً أن تغلق الابواب والنوافذ على الازمات التي تعصف باللبنانيين في شتى المجالات من الرغيف الى الدواء الى المحروقات والبدء بالتحضير لهذه الانتخابات وكأن لبنان يعيش أحوالاً طبيعية وينعم بالاستقرار والازدهار، وهذا إن دلّ على شيء فانه يدل على أن سياسيي هذا البلد يضعون أمور الناس وأموالهم في المربع الاخير من أولوياتهم مع انهم يستخدمونهم وقوداً في معاركهم الانتخابية.

والأنكى من هذا وذاك أن المواطنين الذين يصطفون على أبواب الافران، وينتظرون على أبواب الصيدليات والمستشفيات، ويقفون طوابير أمام محطات المحروقات انصرفوا بذوات أنفسهم أيضاً للمشاركة في احتفالات اعلان اللوائح الانتخابية وفتحوا أبواب منازلهم لزوارهم من المرشحين ونسوا أو تناسوا ما يعانوه من تردٍّ قاتل في أوضاعهم الحياتية والمعيشية وعلى مستوى القطاعات المالية والاقتصادية، كل ذلك يجري بفعل الاصطفافات المذهبية والطائفية التي تحفر عميقاً في نفوسهم وتجعلهم أسرى لرغبات هذا الزعيم أو ذاك، وإن كان ذلك يأتي على حساب مصالحهم وحياة أبنائهم.

خارطة سياسية مختلفة تعقب نتائج الانتخابات يوازيها مشهد إقليمي ودولي جديد

واذا كان المعلوم أن مفعول الكلام الانتخابي الذي نسمعه من مختلف الاطراف بالتأكيد سينتهي مع طي الانتخابات بعد منتصف أيار المقبل، فإن هذا لا يعني أن خارطة سياسية جديدة ستنشأ على الساحة الداخلية من شأنها أن ترسم معالم المرحلة المقبلة للبنان، وسط الخارطة الجديدة التي يحضر لها للمنطقة بعد أن تضع الحروب المندلعة في أكثر من مكان أوزارها. وعليه فإن التحالفات التي تنسج إن على مستوى الطبقة السياسية أو ما يسمى المعارضة فانها حكما ستخضع لمتغيرات جوهرية بعد أن تعلن نتائج الانتخابات، لأن ما قبل هذه الانتخابات لن يكون كما بعدها على غرار ما كان يحصل في محطات سابقة،حيث انه لا يعود هناك من مكان للسجالات عالية السقف من دون أن يعني ذلك ان الساحة السياسية ستكون على أحسن حال، لا سيما وأن الخلافات المتجذرة بين القوى السياسية في لبنان لم تكن يوماً محصورة بالواقع السياسي بقدر ما هي خلافات على مواضيع استراتيجية لها امتداداتها الاقليمية والدولية. ويظهر من خلال المواقف المعلنة والمبطنة التي يدلو بها أكثر من فريق بأن الانتخابات النيابية إن هي حصلت في موعدها الدستوري المقرر، ستكون حجر الاساس لإنطلاق المعركة الكبرى في اتجاه الانتخابات الرئاسية، حيث ووفق المعلومات المتداولة فإن هذا الاستحقاق ورغم الانشغالات الدولية بالمشاكل الموجودة في أكثر من مكان بدأ يتداول فيه في الصالونات الدبلوماسية الخارجية بما يظهر الاهتمام الدولي الخاص بهذا الاستحقاق في ظل ما يُحكى عن تسوية يُعمل عليها للمنطقة.

وتؤكد المعلومات أن بعض الدول المعنية بالملف اللبناني بدأت باكراً بالتحرك وإن ببطء من أجل جمع المعلومات واستطلاع الآراء بشأن الشخصية التي من الممكن أن يحالفها الحظ في الصعود الى قصر بعبدا، من دون أن يلغي هذا التحرك المخاوف من امكانية دخول لبنان في فراغ رئاسي في حال تعذر لأي سبب حصول الانتخابات النيابية في موعدها في الخامس عشر من أيار المقبل.

وقد ظهر جلياً في الكلام الذي قاله رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط من انه لا يريد لا سليمان فرنجية ولا جبران باسيل في سدة رئاسة الجمهورية، عمَّق الانقسام الموجود حول هذا الامر، وهذا ينذر بأن قابل الايام سيكون حافلاً بالكثير من التجاذبات والاشتباكات السياسية، لا سيما وأن العامل الاقليمي والدولي ليس هو نفسه الآن كما كان عليه في استحقاقات سابقة،وهذا يعني أن الطريق لإنجاز هذا الاستحقاق ستكون وعرة ومعقدة ومفتوحة أبوابها على شتى الاحتمالات، وإن كان البعض من المتابعين يحصرون كلام جنبلاط بمعركة الانتخابات النيابية وأنه رفع من سقف كلامه الرئاسي لتحصيل فوائد على مستوى الاستحقاق النيابي، لأن الانتخابات الرئاسية غالباً ما يكون فيها العامل الاقليمي والدولي متقدماً على العامل المحلي، اضافة الى كون أن جنبلاط يتوجس خيفة من انتخابات أيار حيث يشعر أن هناك من اقترب من أسوار المختارة وبدأ مع ذلك الخوف من إمكانية تعرض تكريس نجله تيمور زعيماً لهذه الدار لانتكاسة مع بداية مسيرته السياسية الفعلية، وهو حيال ذلك ووفق المعلومات يتولى في أغلب الأحيان حضوره شخصياً للكثير من الاجتماعات التي تعقد مع المفاتيح الانتخابية في دلالة واضحة على أن زعيم المختارة يخشى من أن يكون نجله أمام معركة انتخابية شرسة، خصوصاً وأن خصوم «البيك» سيستفيدون الى أبعد الحدود من الفراغ الذي خلَّفه تعليق الرئيس سعد الحريري عمله السياسي وانكفاء تياره عن الخوض المباشر للانتخابات النيابية، وهذا ما يشير الى امكانية تعرض لائحة «التقدمي» للخرق.

ومن هنا، فإن مصادر مطلعة لا تستعبد تصاعد وتيرة الخطابات السياسية النارية في المساحة المتبقية من موعد اجراء الانتخابات بغية شد العصب الطائفي كون أن غالبية الاطراف تجمع على ان انتخابات أيار ستكون الاشرس والأغلى ثمناً نتيجة الواقع السياسي الراهن وكذلك الواقع الاجتماعي الذي يهدد بانكفاء الكثير من الناس عن النزول الى صناديق الاقتراع.