بيروت - لبنان

اخر الأخبار

27 شباط 2023 12:00ص من أجل حوار بنّاء وإلّا...

حجم الخط
تدهـــــــــــــور الأوضاع العامة في البلاد جـــرّاء الأداء السياسي غير السليم والذي يشي بالكثير من التعقيدات وما سيحصل تباعاً بدأ يبرز للعيان من خلال إنهيار قيمة العملة الوطنية وهي بهذه الحالة ستفرز أكبر أزمة سيشهدها لبنان وسيتأثر بها الشارع اللبناني عامةً والمسيحي خاصة.
برزت لدى دائرة الدراسات التابعة للمؤسسة حدوث هجـــرة جماعية في عدد من القطاعات أبرزها قطاعي الطب والهندسة وهذا أمــر جد خطير نظراً لما له من تداعيات على مستوى الحياة العامة في البلاد فالطب قطاع جد مهم وهو حيوي للحياة في أي وطن يُقيم عليه مواطنون ودليل الهجـــرة تحديداً في هذا القطاع طال عدداً كبيراً من الأطباء المسيحيين إضافةً إلى أطبّاء من غير طوائف ومذاهب ممّا حدا نقيب الأطباء لإطلاق صرخة مدوية ولكن ما من مسؤول علماني أو روحي أبدى أي إهتمام على صعيد هذا الإختصاص الحيوي، إضافة إلى الهجـــرة التي تطال القطاع الهندسي وهل يُعقل أنْ يُهاجــر المهندسون من أرضهم وهذا يعني بصريح العبارة أنّ مرتكزات الوطن ستنهار وسينعدم العمــران، كما أننا لسنا بحاجة للتذكير بالأعداد المُهاجرة عن أرض الوطن مسيحيين ومُسلمين، كل هـــــــــــذا بسبب غباء السّاسة وتعنتهم وقلّة أخلاقهم وضميرهم الفاقد لأي حس أخلاقي إضافةً إلى عجـــــــــــــــــز روحي مُحْبِط بات لِزاماً وضع حد له قبل فوات الأوان.
نعم نحــن بحالة يُرثى لها وتُعّــد الأزمة الراهنة بأبعادها الوطنية والمذهبية والطائفية التي يشهدها لبنان هي الأخطـــر على مدى تاريخه فالمؤشرات السياسية - الأمنية - الإجتماعية، وإنعكاساتها الإجتماعية والديمغرافية لم يعرفها لبنان ولا مسيحيي لبنان حيث تبرز صعوبات إيجاد الحلول الكفيلة بوقف الهجـــرة وتقهقر المسيحيين في مرحلة أولى وإستعادة التوازن في المرحلة الثانية.
إنّ ما يُصيب اللبنانيين عامةً والمسيحيين خاصةً والموارنة تحديداً هو أكثر من كافٍ لإنهيار الكيان اللبناني ولاضمحلال الحضور المسيحي التاريخي في لبنان في هذا الشرق... إنّ الجوع بدأ يضرب أبواب منازل الطبقات الفقيرة المعدمة ويهدمها ولا يحتاج إلى تغطية من أحـــد بل هو مغطّى من عصابة سياسية لبنانية عامةً ومسيحية خاصةً، وإنّ تطويل مرحلة الموت البطيء على ما يبدو هي من فعل هندسة دولية وبغض نظــر كنسي محلي ودولي، وهذا ما سيوصلنا إلى سقوط اللبنانيين عامةً والمسيحيين خاصةً في فــخ الموت الحتمي إنْ لم نُبادر إلى إجــراء حـــوار لبناني - لبناني، ومسيحي - مسيحي بنّاء.
سأثير في هذه المقالة هواجس المسيحيين وفي أولها رئاسة الجمهورية التي تمثل الموقع الأول والمتقدِّم للمسيحيين حيث لا صلاحيات ولا من يحزنون إضافةً إلى عــامــل الشغور دونما الشعور بتبعاته وهذه الرئاسة باتت بمثابة ورقة إبتزاز يستثمرها طغاة موارنة وما حفل الشغـــور من أزمة فراغ أرهقت هذا المركز وكل ذلك بسبب العطب الذي أصابها من قبل من يُمارسون هذه السلطة. إنّ حضور المسيحيين عامةً والموارنة خصوصاً ووجودهم في مؤسسات الدولة وإداراتها ووظائفها ومراكزها الأساسية معطّل ويظهر أنّ لا مشاركة فعلية ومؤثرة والسبب أنّ من يُمارسون السلطة باعوا ورهنوا وقايضوا وهذا ما أحدث إختلالاً فاضحاً في إدارات الدولة المدنية والعسكرية.
إزاء ما يحصل نحن بحاجة إلى حوار وطني صادق ولكن قبل الحــوار الوطني نحن بحاجة ماسّة لحــوار مسيحي - مسيحي صادق، والحوار المنشود ليس حواراً فولكلورياً يكون بمثابة مضيعة للوقت إنّ ما أثرته على المستوى الوطني وعلى المستوى المسيحي يتطلب جدّية في الحـــوار وقلب الطاولة على رؤوس الخونة من المسيحيين والمُسلمين وإلّا سنبقى في دوّامة الإقتتال والتناحــر الوطني والتناحر المسيحي - المسيحي، هل من سيُلبّي نداء الحوار؟