بيروت - لبنان

اخر الأخبار

5 حزيران 2018 06:01ص من يقف وراء المرسوم؟

حجم الخط
في عهد الرئيس الياس الهراوي، وفي نهاية ولايته (قبل ان يُمدد له لولاية ثانية) صدر المرسوم رقم 5247 بتاريخ 20 حزيران 1994 ونُشر في الجريدة الرسمية، فمنح الجنسية اللبنانية لمئات الآلاف من الأشخاص من أكثر من 80 دولة، وذلك خلافاً للدستور والقوانين. واستبق المرسوم صدور تقرير اللجنة الوزارية التي شُكّلت لإعداد مشروع قانون بهذا الخصوص، كما حام حوله الكثير من الشكوك في الدوافع، والكثير من الشبهات عن دفع الرشاوى. 
في عهد الرئيس ميشال سليمان صدرت ثلاثة مراسيم، المرسوم الأول رقمه 10214 في 22 آذار 2013، منح الجنسية اللبنانية لـ 110 أشخاص. المرسوم الثاني رقمه 10215 تاريخ 22 آذار 2013 منح الجنسية اللبنانية لبطريرك الروم الأرثوذكس مار يوحنا العاشر اليازجي (سوري الجنسية). أما المرسوم الثالث فقد صدر عشيّة انتهاء ولاية الرئيس سليمان في 19 أيار 2014 ومنح الجنسية اللبنانية لـ 644 شخصاً، وأيضاً أثار الشبهات.
والآن انشغل لبنان بمرسوم تجنيس وقّعه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بمنح الجنسية اللبنانية لحوالى 400 شخص (وفقاً للمصادر ثلثاه مسيحيون وثلث مسلمون) من الجنسيات السورية والفلسطينية والأردنية والعراقية واليمنية والتونسية والإيرانية والأميركية والتشيلية والالمانية والبريطانية والهندية ومن مكتومي القيد. حتى الآن، لم يُعرف العدد الحقيقي للأشخاص الذين حظوا بالجنسية اللبنانية وهناك من يتوقع أن يرتفع العدد عن الرقم المُتداول.
وهناك تساؤل بأنه إذا كانت الأعراف درجت على إصدار مراسيم التجنيس في آخر العهود الرئاسية، فما مغزى ان يبدأ به عهد الرئيس عون؟!
يُشاع ان المرسوم صدر قبل اعتبار الحكومة مستقيلة، واقتصر تحضيره وادخال الأسماء على القصر الجمهوري والسراي الحكومي ووزارة الداخلية، ولم يمرّ على الأجهزة الأمنية التي يفترض ان تُدقق في أسماء المجنسين لمعرفة ما اذا كانوا من المطلوبين أو الملاحقين أو المرتكبين. 
وردّاً على البلبلة دعا الرئيس عون من يملك معلومات عن غير مستحقي الجنسية تقديمها للامن العام، وكلف المدير العام للامن العام اللواء عباس ابرهيم التدقيق في أسماء الاشخاص الذين وردوا في مرسوم التجنيس، علما بأن هذا التدقيق كان يُفترض ان يتم قبل احالة المرسوم على رئيس الجمهورية للتوقيع عليه، وعلماً بأن الأسماء لم يتم نشرها رسمياً!
السؤال المطروح: بعد الطعن بالمادة ٤٩، وسقوطها، والتي كانت تسمح للمستثمر الذي يشتري شقة بنصف مليون دولار بالحصول على إقامة دائمة في لبنان، فهل جاء مرسوم التجنيس هذا كمخرج بديل لـ»الموعودين المحظيين»؟ والسؤال الأكبر مَنْ هو المُحرّك الذي يقف وراء مرسوم التجنيس؟ ومن ورّط الرئيس عون الذي كان يعارض بشدة ما اقدمت عليه العهود السابقة التي اصدرت مراسيم تجنيس.
على أي حال فإن التوجّه حتى الآن هو لعدم نشر المرسوم في الجريدة الرسمية، وقد صرح بذلك وزير العدل في حكومة تصريف الأعمال سليم جريصاتي بقوله «يُعتبر هذا المرسوم من المراسيم الإسمية التي لا تحتاج إلى النشر في الجريدة الرسمية»، وبهذا لا يُمكن تقديم طعن بسبب عدم الإطلاع على مضمون المرسوم وخلفياته ودوافعه.
هذا الملف، كالعادة، سوف يغرق تحت وطأة ملفات أخرى مُستجدة مثل الطعون النيابية لدى المجلس الدستوري، أو غيرها، ودعونا هنا نتذكر معاً شاعر الشعب عمر الزعني حين قال أن عمر الفضيحة في لبنان ثلاثة أيام، «أوّل يوم يا لطيف، تاني يوم شي خفيف، وتالث يوم كل شي نضيف!».