بيروت - لبنان

اخر الأخبار

21 تشرين الأول 2023 12:00ص صبحي غندور .. هكذا يرحل الكبار بصمت

حجم الخط
ياالله يا الله يا الله لا يُحمد على مكروه سواك ولا على موت أو بلاء وابتلاء سواك يقيننا وايماننا بأن كل نفس ذائقة الموت إنه قرار الهي لا رادَّ له نقبله بنفوس مطمئنة ولا نقول سوى قول المؤمنين  إنا لله وإنا اليه راجعون، امس الجمعة مثل كل يوم جمعة الساعة العاشرة ليلا بتوقيت بيروت تدعونا لنتابع معك الحوار والنقاش مع نخبة وصفوة من المفكرين والمثقفين والمحللين في القضايا العربية وأحوالها وقضاياها وشؤونها وشجونها، وكنا معك نلبي النداء ونستمتع معك على مدى ساعتين في بحور الأمة، اسست منذ ذهابك إلى واشنطن مركز الحوار العربي وتواصلت مع كبار المفكرين والمهتمين بالعروبة وبالوطنيات وبالرسالات السماوية الدينية التي هي ثورات استهدفت شرف الإنسان والأمة والكرامات، وأوجدت طريق التلاقي والتواصل مع المفكرين ومثقفي الجاليات العربية المنتشرين في بلاد الاغتراب المبعدين عن اوطانهم واماكن ولادتهم قسرا بسبب أنظمة مخابراتية متهاوية انشغلت عن رصد الاعداء ومراقبة المتآمرين على أوطانها وأمنها وباتت لا تلاحق الا أبناء جلدتها ومواطنيها وتزج بهم بالسجون وتنزل اقسى العقاب بهم من تدمير وهدم للمنازل وتهجير المواطنين بالملايين، لم يعد يكفيهم التهجير بالآلاف بل اوصلوه للملايين وصارت الغاية بقاء الرئيس ودونه الشعب كله والوطن والأمة كلها وشعار الحق  بالروح بالدم نفديك يارئيس وهم بأغلبيتهم زحفوا على خلفياتهم ليصلوا إلى عدو الأمة والدين الصهاينة بأوامر من أسيادهم الأميركيين ليس من احد منهم يستحق هذا الشعار الذي نسجته جماهير الأمة العربية ومناضليها وادبائها وشعرائها لقائد كبير عظيم في دفاعه عن كل الأمة هو جمال عبد الناصر فقط الذي قهر الاستعمار وخاض العدوان الثلاثي وانتصر وأسقط الدول المعتدية بريطانيا العظمى، فأسقط عنها العظمى وفرنسا المشاركة لكل عدوان على العرب والمسلمين،وها هي ممارساتهم الآن في عدوانها مع أميركا واسرائيل والصهيونية العالمية، هذه دول سايكس بيكو التي قسمتنا واقامت حكم الانتداب الاستعماري علينا وانشأت دويلة اسرائيل بقلب فلسطين ..
كل يوم جمعة ومنذ تاريخ طويل نحن معك على موعد الساعة العاشرة ليلا مع مركز الحوار العربي بواشنطن يا اخي المناضل الكبيرصبحي غندور، تغيب في يوم طلتك البهية كل يوم جمعة والاثنين  لم اعلم انك مريض أو تعاني من شيء، رحيلك صدمني وزلزل مشاعري، قيل لي بسبب المرض الخبيث وإنك قادم الى بيروت ومن الامس أحضِّر نفسي لأكون معك بندوة اليوم، انا القائل لك دوما ان ما تقوم به بغاياته المتعددة يعادل ما يقوم به عشرون حزبا من احزابنا البائسة وانظمتنا الفاقدة وعيها والتي لم تعد تمثل قيادات لمواطنين ودول وانما اصبحت سلطة وتسلطاً لا غير.
اخي صبحي الزلزال الذي اصابنا برحيل الاخ القائد والمؤسس كمال شاتيلا أخذ منا كل الحزن وكل الدموع التي بمقلتنا،ومع ذلك نستمد من دموع أهالي غزة من أطفالها وبناتها ونسائها حزنا إضافيا وبكاء يغسل في كل الامة بعضا من خيبات حكامها وتآمر بعضهم الآخر. انت قائد كبير يا اخي صبحي وروح الشباب نقطة مشهودة لك ولنضالك الذي بدأته طالبا، وفي معركة معادلة الشهادات العربية بالشهادة اللبنانية وكنت قائدا فذا اسست وبنيت قطاع الإعلام باتحاد قوى الشعب العامل وأطلقت اول إذاعة شعبية ببدايات حرب 1975 صوت الناصرية وعندما توقفت قسرا بهجوم اخوي بربري انتقلت إلى المكان العالي الشامخ بشموخك ضهر البيدر.
 لم اعرف انك كنت مريضا وهل كان أحد من اخوان التنظيم او اخواته يعرف ولم يبلغنا، وهي حالة عهدناها برحيل الاخ المجاهد سمير طرابلسي الذي فوجئنا أيضا بوفاته ورحيله المبكر.
كان للاخ صبحي البطل نفس المعاناة المادية، قلتها وندرتها وأسس مركز الحوار باللحم الحي ولم تأته أية مساعدات مالية لتوسيع النشاط وخدمة الامة وقضاياها لا من اجل بناء قصر أو شراء شقة تكون له بيتا في بيروت وظل بلا قصر يبنى وبلا بيت يسكن. امتنع الاغنياء والمتمولون وحتى السفارات في بلدان العالم عن التبرع لكنهم بمعظمهم يتبرعون لمن لا يستحق ولا تعنيهم قضايا الأمة.  عاش المناضل الفذ صبحي غندور  فقيرا ومات أكثر فقرا كإخوانه في اتحاد قوى الشعب العامل. رحمك الله ايها المؤمن الوطني العربي الناصري، انت في عداد شهداء الامة لكفاحك واخلاقك وحسن سيرتك ونبل وصدق علاقاتك. لك جنات الخلد بإذن الله ورحمته ورضاه وإنا لله وإنا اليه راجعون.