بيروت - لبنان

اخر الأخبار

4 كانون الثاني 2019 06:05ص مع كثرة ظهور المشعوذين تلفزيونياً وسيطرتهم على الشاشات

تحذيرات من دجلهم الذي يعمل على تجهيل الناس بدلاً من توعيتهم

حجم الخط
يؤكد العلماء والدعاة على إن هناك ارتباطا وثيقا بين الحالة النفسية للفرد وكذلك الجماعة وبين سلوكياتهم المختلفة إذ تصديق الخرافات يؤثر على قدراتهم وسلوكياتهم ولا يجدون منها مخرجا إلا باللجوء إلى الخرافات التى تجعلهم أكثر رضا، وهذا المرض لا يقتصر على فئة دون أخرى بل يصاب به حتى من يعتلى أرقى الدرجات العلمية، ولكن يبقى الأساس في ضعف الوازع الديني وضياع التنشئة اليقينية الثصحيحة التي تربط العبد بالله وتجعله على صلة وثيقة بربه سبحانه وتعالى، وككل عام... ومع نهاية عام وبداية عام آخر، تمتلئ شاشات الإعلام في بلادنا بهؤلاء المشعوذين الذين يطلقون آراءهم وتوقعاتهم وكأنهم يعلمون الغيب...؟!
والأسوأ أنهم يبررون فسادهم بأعذار قبيحة..
فهم تارة يقولون «توقعات».. 
وتارة «صورا يلتقطون إشاراتها».. 
وتارة «إلهام»..
بينما الحقيقة أنها كذب وافتراء وفساد وشعوذة مرفوضة دينياً وعلميا وأخلاقيا وإنسانيا..؟!
فلماذا انتشر سوق هؤلاء في بلادنا ...؟! 
ولماذا امتلأت الشاشات بهم وكأنهم من أكابر علماء البلاد..؟! 
وكيف نواجه خطرهم وفسادهم الذي يسرح ويمرح دون رقيب أو حسيب..؟!
فارس
{ بداية اعتبر الشيخ د. احمد فارس عميد كلية الشريعة السابق أنه  مهما تقدم العلم والمكتشفات العلمية الكثيرة في هذه الايام نتيجة تطور العقل وانكشاف المادة واستغلالها من اجل صالح الإنسانية أو من أجل هدفها بالاسلحة على أنواعها، ولا شك ان العقل الإنساني قد بلغ شأوا كبيراً في اكتشاف الكثير من الصناعات والآلات التي تخدم الإنسان وتسهل حياته وتلبي متطلباته ولكنه قد استغل العلم ايضاً في تدمير الإنسان والبنيان من جراء الاسلحة الفتاكة والمدمرة التي نشاهد نتائجها ومخلفاتها على شاشات التلفزة فكل مكتشف علمي كسيف ذي حدين يستعمل للخير ويستعمل للشر وللأسف ونحن في عصر العلم فان كثيراً من العقول قد تردت في الجهل إلى مكان سحيق حيث عادت إلى الخرافات والاوهام والاساطير والتكهن والتنبؤ وكثير من الناس يلجأون في مشاكلهم المتنوعة إلى المنجمين والبصارين فيأخذ هؤلاء الكهان والمنجمون أموالهم بالباطل ويمنونهم بحل مشاكلهم وللاسف ففي الجرائد والمجلات ومحطات التلفزة الكثير من الاعلانات عن هؤلاء الذين يدعون علم الفلك والغيب للعالم الروحاني فلان وعالم الفلك فلان لإبطال السحر وفك المربوط ومعرفة الغائب وغير ذلك من حاجات الناس.
وقال: اكثر الذين يلجؤون إلى هؤلاء الدجالين العنصر النسائي بحيث تبيع المرأة ذهبها وتبذل مالها متمنية من هؤلاء المحتالين تزويج البنت قبل ان تدخل سن اليأس والعنوسة أو الكيد لجيرانها أو اصهرتها وإلى ما هنالك من ترهات عديدة وهؤلاء جميعاً من المنجمين والدجالين والدجالات والذين يذهبون إليهم يرتكبون الآثام لأنهم يشركون ويشاركون الله في علم الغيب الذي هو لله وحده ولا يعلم الغيب إلا الله.
وكثير من هؤلاء المحتالين يرتكبون جميع الموبقات من الفواحش ما ظهر منها وما بطن من زنى وتعاطي مخدرات وادعاء قدرتهم على ان تحمل المرأة التي لم تنجب وهناك قضايا عديدة ودعاوى على اغلب هؤلاء الذين يرتكبون هذه الرذائل.
وتابع: ان من يذهب إلى منجم ويصدقه يكفر بالله وبرسالاته وهناك نهي من الشريعة الإسلامية عن تصديق هؤلاء أو حتى الذهاب إليهم وقد ذكر في التاريخ في العصر العباسي عندما هاجم الروم مدينة ذبطرى وقتلوا كثيراً من اهلها وكانت هناك امرأة تنادي وامعتصماه واسلاماه وسمعها احد الاخوة وابلغ المعتصم بقصة هذه المرأة وما حل بقريتها من قتل وخراب ولما اخبر المعتصم اهتز في مكانه وقال «لبيك لبيك» كما يلبي الزعماء هذه الايام الذين يتعرضون للقتل والتعذيب وجمع قادته وسألهم عن امنع مدينة لدى الروم فاخبروه بعمورية فطلب منهم مهاجمة عمورية وهاجم عمورية وانتصر على الروم ويومها قيل «السيف اصدق إنباء من الكتب».
حمادة
{ أما الشيخ مصطفى حمادة فأشار بدوره إلى أن الكثير من المثقفين والمتعلمين في اوساطنا الشعبية ومن الفئات الشبابية تحديداً يعلقون آمالهم واحلامهم وطموحاتهم على آراء هؤلاء البصارين والدجالين من المشعوذين الذين يتلاعبون بالناس من خلال طروحاتهم وشروحاتهم مع إدراكهم الكامل ان هذا التلاعب لن يوصلهم إلى شيء ولن يحقق لهم عملياً أي شيء، والمؤسف أكثر ان جموع المطبلين والمزمرين لهؤلاء المشعوذين يدركون تماماً كذب ما يتم نشره وتعميمه من افكار وآراء وتأثيراتها على الجيل الشاب من الحريصين عن البحث عن الحقيقة في كل ما يقال ويشاع ويعمم ويتنافسون لاكتشاف ابعاد الاكاذيب التي تروج ثم يعودون للبحث في ما يقف خلف هذه الشعوذات وخلف عملية التبصير والتنجيم ثم يصدقون بعض ما يتردد من معلومات.
وقال: العجيب أنه مع وضوح كذب هؤلاء المنجمين والبصارين منذ مئات السنين حتى ولو صدقوا احياناً واعتبار الكل في مجتمعنا لهم على أنهم من المتلاعبين بالعقول فنحن نجد الكثير في مجتمعاتنا يصطفون أمام اجهزة التلفاز ويصمتون صمت أهل الكهف وهم يتقبلون الكثير من التوقعات ويصدقون انها ستحصل أو ستتحقق حتى ولو كانوا يرفضونها نفسياً، مما يؤكد أن هذا الأمر ليس سوى نوعا من الخداع النفسي الذي يخضعهم الإعلام له طيلة العام وتحول الأمر إلى منافسة على الماديات وجذب المشاهدين بأي طريقة كانت.
وأضاف: إن المؤمن الحق يدرك تمام الإدراك أنه لا يعلم الغيب إلا الله تعالى، فهو سبحانه الذي قال: {وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ}، وقال {مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا}، وقال: {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِه}، وقال: {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ}، وقال: {قُل لاَّ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلاَ تَتَفَكَّرُونَ}، فالأمر إذن جهل ديني مطبق نحتاج إلى تغييره وتوعية الناس حوله  حتى لا يدخلوا في ضلالات نحن بغنى عنها خاصة في مجتمعنا المتخم بالضلالات، فالله تعالى لا يمكن أن يسلم أمر العباد إلى غيره ولذا قال النبي  صلى الله عليه وسلم  (يا غُلامُ إنِّي أعلِّمُكُ كَلماتٍ: احفَظِ الله يَحْفَظْكَ ، احفَظِ الله تَجِدْهُ تجاهَك، إذا سَأَلْت فاسألِ الله، وإذا استَعنْتَ فاستَعِنْ بالله، واعلم أنَّ الأُمَّةَ لو اجتمعت على أنْ ينفعوك بشيءٍ ، لم ينفعوك إلاَّ بشيءٍ قد كَتَبَهُ الله لك، وإنِ اجتمعوا على أنْ يَضرُّوكَ بشيءٍ، لم يضرُّوك إلاَّ بشيءٍ قد كتبهُ الله عليكَ ، رُفِعَتِ الأقلامُ وجَفَّتِ الصُّحُفُ).. فليعد كل واحد إلى حقيقة إيمانه وحينها سيدرك وحده كم يكذب هؤلاء وكم يحتالون علينا وعلى عقولنا.