بيروت - لبنان

اخر الأخبار

18 كانون الأول 2017 12:04ص منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة يختتم أعماله: توصيات بإعادة ترتيب البيت الإسلامي وإشاعة قيم التعايش بين المجتمعات

حجم الخط
اختتمت نهاية الاسبوع الفائت فعاليات الملتقى الرابع لمنتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة والتي أقيمت تحت رعاية الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي بدولة الإمارات العربية المتحدة وامتدت لفترة ثلاثة أيام.
وانتهت حوارات الملتقى النقاشية وبنود أعمالها بمخرجات هامة وتوصيات ورؤى توافقية بعد اعمال تشاورية واطروحات عديدة رفعها المشاركون في الملتقى تهدف إلى تحقيق وتعزيز السلم ونبذ العنف والتطرف بكافة صوره وأشكاله حيث تطرقوا إلى موضوع الخوف من الاسلام من زاوية مغالطة تأثيره على السلم العالمي في السياق الدولي وما يتبعه من حالة التوجس والاحترام، وتناولوا بالدراسة والتحليل أسباب الظاهرة وخطورتها واثارها على السلم الاجتماعي والدولي، مبينين في المقابل الرؤية الإسلامية الصحيحة للسلم العالمي المنسجمة مع مقاصد الدين والمعززة بالتجربة التاريخية والميدانية قيم التعارف ومبادئ التعايش، كما قدم المشاركون في بيانهم الختامي رؤى استشرافية لمسارات التعارف والتضامن بين المسلمين وبين غيرهم من الملل والنحل المختلفة.
التوصيات
هذا وقدم المشاركون توصيات هامة في هذا المجال انطلقت من الأسس التالية:
أولا: خطورة ظاهرة الخوف من الإسلام وآثاره، وثانياً: أسباب الظاهرة التي نتجت عن عدم التواصل والقطيعة بين العقلاء والحكماء من جانب المسلمين وغيرهم، وثالثاً مقترحات العلاج من خلال إعادة ترتيب البيت الإسلامي، والحوار مع الآخر والتحالف مع بقية من أهل الاديان ومناصري الإنسانية والوسائل «إشاعة قيم السلم والتعايش والمحبة بين الديانات وبني الإنسان في مختلف منابر التأثير والتنشئة خاصة الموجهة للطفولة والشباب، ومراجعة المناهج الدراسية في المجتمعات المسلمة.
أما التوصيات فجاءت كما يلي:
تأسيس مرصد دولي للإسلاموفوبيا وانواع الكراهية، يكون معداً لدراسة اسبابها ومظاهرها وقوة اقتراحية لسبل التصدي لها والتوعية بمخاطرها.
تنظيم ملتقيات جامعة على الصعيد الدولي لمؤسسات التواصل والتحاور بين الديانات والثقافات لتقويم المنجزات وتبادل الخبرات وتوحيد الجهود.
 تأسيس برامج علمية ومنح دراسية في جامعات العالم الإسلامي والجامعات المتخصصة في تدريس الديانات الأخرى.
 تخصيص جائزة سنوية لأفضل الدراسات الاسلامية والانسانية والاجتماعية في موضوعات التعايش والتعارف.
كما اكد الملتقى ضرورة وجود ميثاق شرف إعلامي ينضم إليه المؤمنون بتوجه السلم والتعايش، يسعى إلى تضييق فجوة الخلاف بين أنصاره ومعارضيه لمصلحة التعايش بين البشر.
وكان اليوم الاخير من المؤتمر شهد إقامه عدة ورش تناولت في محورها الاول قضايا الخوف من الإسلام الاسباب والسياقات، وفي محورها الثاني قضية الإسلام والعالم رؤية إسلامية للسلم والتي تضمنت ورشة باسم (الجهاد في خدمة الإسلام) تحدث فيها المشاركون عن خطأ اختصار مفهوم الجهاد بجهاد القتال وإن مفهوم الجهاد في حقيقته يحمل معاني أخرى تحث للسلم والبناء، وبقيت هذه الورشة تفاعلا كبيرا من قبل الحاضرين وابدى عدد كبير من الحضور سعادتهم عما خرجت به هذه الورشة وما طرحته من افكار تعطي لمعنى الجهاد مفهوما جديدا مغايرا.
وفي المقابل دعا المشاركون والحاضرون في ختام الملتقى على أن استمرارية هذا النوع من المؤتمرات والأفكار التي تخدم الإسلام والسلم العالمي وترسم الصورة المشرقة للإسلام والمسلمين في العالم، وحثوا الدول الإسلامية على دعم وتبني فكرة المؤتمر واعطائه المزيد من الزخم والدعم بالمشاركة أو الحضور.
علام
هذا وكان مفتي مصر الدكتور شوقي علام قد أكد على أن الجهاد في معناه الحقيقي هو طريق لتحقيق السلم وليس القتال والعنف كما يتصور بعض ضعاف العقول، وهو حق ثابت لولي الأمر لا ينازعه فيه غيره.
وقال علام خلال مشاركته  في ورشة «الجهاد في خدمة الإسلام بالجلسة الثانية بالملتقى أن الغوص في معاني الجهاد ينبئ عن حقيقة الإسلام ذاتها التي تقوم على أسس ثابتة وهي الإيمان والأخلاق والعمل، التي هي المعاني الحقيقية للجهاد، فنستطيع أن نجاهد من خلالها لنصل إلى العمران ثم إلى السلام، فالجهاد فقه للحياة بمفهومه الشامل، موضحا أن اختيار موضوع الجلسة مهم للغاية، حيث شوَّهت الجماعات الإرهابية المتطرفة مفهوم الجهاد؛ ما تسبب في وجود خلل في تصور مفهومه ومعناه وأساء للإسلام وفكره ومنهجه.
كما أكد على أن اختزال مفهوم الجهاد في القتال أصابه بالخلل، فإعلان الحرب حق ثابت لولي الأمر فقط لا ينازعه فيه غيره باتفاق العلماء، فلا يحق لأي جماعة أو أفراد إعلان الجهاد، ومن يعلنه منهم فهو إعلان للقتال على مفاهيم الدين والحياة.
شومان
من ناحيته أكد وكيل الأزهر د.عباس شومان على إن أخطرَ ظاهرةِ تشكل تهديدًا للأمن والسِّلم في العالم هي تلك الممارساتُ الظالمةُ، والتحيُّزُ المقيتُ، والقراراتُ الحمقاءُ غيرُ المحسوبةِ العواقبِ التي يتخذها المتحكّمون في السياساتِ الدوليةِ وصُنّاعُ القرارِ في العالم ضد المسلمين وقضاياهم، ومن ذلك على سبيلِ المثالِ لا الحصرِ: تقاعُسُ المجتمعِ الدولي عن إنهاء مأساةِ مسلمي الروهينجا في بورما، وغَضُّ الطرفِ عما يتعرضون له من قتلٍ وتشريدٍ واضطهادٍ، وتَركُ المحظوظين منهم الذين استطاعوا الفرارَ إلى مدينة كوكس بازار في بنجلاديش ينتظرون مصيرَهم المأساوي المحتوم؛ إمّا الموتَ جوعًا أو مداهمةَ الأمراضِ الفتّاكةِ، كلُّ ذلك يحدث في صمتٍ مَعيبٍ من المجتمع الدولي، يُنبئُ عن موتٍ حقيقيٍّ للضمير الإنساني. ومن ذلك أيضًا: عدمُ التصدي الحقيقي والجاد للتطرف والإرهاب الذي ضَرب - وما زال يَضرب - كثيرًا من بلاد العالم، وخاصّةً بلادَ المسلمين في منطقتنا المنكوبةِ التي أصبحت منطقةَ صراعٍ على النفوذ، وحقلَ تجارِبَ عسكريةٍ لقُوى العالم.
وأضاف أنه لا أَدَلَّ على تلك الممارساتِ الظالمةِ والقراراتِ المُجحِفةِ بحق المسلمين حول العالم، من هذا القرارِ المتهور، الذي اعترفَ بموجبِه الرئيسُ الأمريكي بالقدس الشريف عاصمةً للكِيان الصهيوني المحتل، وأعلنَ فيه عزمَ الإدارةِ الأمريكية نقلَ سفارتِها إلى القدس الشريف بعد ستةِ أشهر، والأزهرُ الشريف من هذا المِنبر يُجدِّدُ رفضَه القاطعَ لهذه الخُطوة المتهورة، ويحذرُ من خطورةِ الإصرار على التمسك بهذا القرار الباطل الذي تتجلى فيه مظاهرُ الغطرسةِ، والتحيُّزِ المقيتِ، وتزييفِ التاريخِ، وتصديقِ النبوءاتِ الكاذبةِ، والعبثِ بمصائرِ الشعوبِ ومُقَدَّساتِها، ويؤكد الأزهرُ ما سبقَ أن أعلنَه في وثيقتِه حول القدس في 2011م، وفي بياناتِه الأخيرة؛ أن عروبةَ القدسِ وهُوِيَّتَها غيرُ قابلةٍ للتغيير أو العبث، ولا شك أن خُطوةً كهذه من شأنها تأجيجُ مشاعر الغضب لدى جميع المسلمين، وتهديدُ الأمنِ والسِّلمِ الدوليين، وتعزيزُ التوتر والانقسام والاستقطاب في العالم، فضلًا عن أن تلك الممارساتِ الظالمةَ والقراراتِ المنحازةَ تُفقِدُ الشعوبَ الثقةَ في نزاهة المجتمع الدولي، وتُغَذّي رُوحَ الكراهية والانتقام، وتَزيد من حالة الحَنَقِ والإحساس بالتهميش والظلم لدى المسلمين، وتؤكد ما يجول في أذهان كثيرٍ منهم من وقوفِ بعضِ دول الغرب خلفَ هذه الجماعات الإرهابية، واستخدامِها كوسيلةٍ لإضعاف المسلمين من داخلهم، واتّخاذِ محاربة الإرهاب ذريعةً للاستيلاء على بلاد المسلمين بزعم حمايتهم وتخليصهم من هذا الإرهاب الأسود، ولا يخفى على أحدٍ أن هذه الأمور يتخذها بعضُ السفهاء مُبَرِّرًا لاستهدافهم مصالحَ الغربِ داخل بلاده وخارجها، ومُسَوِّغًا لأعمالهم الخسيسة ضد غير المسلمين في الشرق والغرب على السواء؛ بدَعوى الثأر للمسلمين ودفْع الصائل عنهم.