بيروت - لبنان

اخر الأخبار

20 آب 2018 12:03ص هذا يوم عرفة

حجم الخط
يوم من الأيام التي اقسم الله بها في كتابه الخالد فهو اليوم المشهود في قوله تعالى: {وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ}[البروج: 3]، حيث خصه الله بالأجر الكبير والثواب العظيم عن كل أيام السنة، اليوم الذي يعم الله عباده بالرحمات، ويكفر عنهم السيئات ويمحو عنهم الخطايا والزلات ويعتقهم من النار... هو اليوم الذي يرى فيه إبليس صاغرًا حقيرًا... اليوم الذي أكمل الله فيه الدين وأتم النعم على المسلمين.. إنه يوم عرفة... 
وما أدراك ما يوم عرفة هذا اليوم العظيم الذي يتجلى فيه العظيم جل جلاله على عباده فيباهي بهم ملائكته فالعباد المجتمعون في الموقف مع مافيهم من ذنوب ومع مافيهم من خطايا يباهي بهم الكريم ملائكته، من كان يرجو عتقاً من النار فعليه بيوم عرفة أخبر بذلك من لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى حيث قال: «ما من يوم أكثر من أن يعتق الله تعالى فيه عبداً من النار من يوم عرفة ، وأنه يباهي بهم الملائكة فيقول ماذا أراد عبادي هؤلاء»، من أراد أن يكيد عدوه اللدود إبليس فعليه بيوم عرفة فعن طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم : (ما رؤي الشيطان أصغر ولا أحقر ولا أدحر ولا أغيظ منه في يوم عرفة، وما ذاك إلا أن الرحمة تتنزل فيه فيتجاوز عن الذنوب العظام). 
يوم عرفة يوم  التجليات والنفحات الإلهية، يوم العطاء والبذل والسخاء، هو اليوم الذي يقف فيه الناس على صعيد واحد مجردين من كل آصرة ورابطة إلا رابطة الإيمان والعقيدة، ينشدون لرب واحد ويناجون إلهاً واحداً، إله البشرية جميعاً.  تتنزل فيه سحائب الرحمات تنزلا فتغمر أهل الموقف فما أعظمه من موقف وما أبركها من ساعات تتصل فيها الأرض بالسماء، وللفضيل بن عياض كلمات بليغة في موقف يوم عرفة حيث نظر إلى بكاء الناس بعرفة فقال أرايتم لو أن هؤلاء صاروا إلى رجل واحد فسألوه دانقاً أكان يردهم ؟ قيل لا، قال: والله للمغفرةُ عند الله عز وجل أهون من إجابة رَجُلٍ لهم بدانق. 
في يوم عرفة ينبغي للعبد ألا يتوجه إلا إلى الله ولا ينشغل بغيره فعن سالم بن عبدالله بن عمر بن الخطاب أنه رأى سائلاً يسأل الناس يوم عرفة فقال يا عاجزاً في هذا اليوم تسأل غير الله تعالى هذا اليوم تمنى اليهود أن يكون عندهم ليتخذوه عيدا أخرج البخاري. 
فأين من يتعرضون لنفحات الله تبارك وتعالى؟ أين من يتعرضون لمغفرة الله وكرمه؟ أين من يغتنمون هذا اليوم بالتجارة مع الله تعالى كما يغتنمه أهل الدنيا بتجارة الدنيا؟ هذا يوم عرفة، يوم المغفرة، فإذا كان الحجيج وهم واقفون في عرفات ينعمون برحمات الله تعالى وغفرانه ورضوانه.. فان أبواب الرحمة والمغفرة والرضوان مفتوحة أمامنا ونحن في بيوتنا باستغلالنا لهذا اليوم بطاعة الله تعالى.... (بصيام وصلاة ودعاء واستغفار وابتهال وصدقة).  
الشيخ محمد الخانجي