بيروت - لبنان

اخر الأخبار

26 تشرين الأول 2023 12:00ص وترجّل الفارس عن الفرس.. رحم الله د. أنس

د. أنس طبارة د. أنس طبارة
حجم الخط
عن أبي الدَّرداءِ رَضِيَ اللهُ عنهُ قال: قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «وَمَوْتُ الْعَالِمِ مُصِيبَةٌ لَا تُجْبَرُ، وَثُلْمَةٌ لَا تُسَدُّ، وَهُوَ نَجْمٌ طُمِسَ، مَوْتُ قَبِيلَةٍ أَيْسَرُ مِنْ مَوْتِ عَالِمٍ».
ويقولُ سيِّدُنا عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عنهُ: مَوتُ ألفِ عابِدٍ قائِمِ اللَّيلِ صائِمِ النَّهارِ أهوَنُ من مَوتِ عالِمٍ بَصيرٍ بِحَلالِ الله وحَرامِهِ.
تعتبر خسارة عالم الدين في المجتمع أمراً مؤسفاً ومقلقاً، حيث أن الدين يمثل أساساً أخلاقياً وروحياً للإنسان، ويساعده على تشكيل شخصيته وتوجيهه في الحياة.
في المجتمعات الحديثة، يعاني الدين من انحرافات وتشويهات، ويتعرض للهجوم والانتقاد من بعض الأفراد الذين يرون فيه عقبات لحرية الفرد والتقدم العلمي والتكنولوجي.
ومن أبرز أسباب خسارة عالم الدين في المجتمع، الإهمال والتجاهل الذي يتعرض له الدين من بعض الأفراد، وعدم الاهتمام بتعليم الأجيال الصغيرة القيم والأخلاق الإسلامية السمحة، والتركيز على الجانب الشكلي للدين دون الجانب الروحي والأخلاقي.
وتشكّل خسارة عالم الدين في المجتمع خطراً على الأخلاق والقيم الإنسانية، ويؤدي إلى فقدان الاتزان النفسي والروحي للإنسان، ويجعله يفتقر إلى الهدوء والسكينة والثقة بالنفس.
بكل الرقيّ والهيبة نودّعك اليوم، كلماتي لك اليوم بالمغفور له بإذن الله الشيخ د. أنس طبارة لن توفي حقك ولن تعلو فوق قدر علمك، عالم الدين، الهادي، معلّم الايمان والطهر المتواضع.
من كانت له الروح سبيل وقائد، وكانت كلماته نورا يشعّ في الظلمات البعيدة. خلفت في القلوب ذكرى لا تُمحى، وفي الأرواح أثراً لا يُنسى.
لك الوداع يا عالمنا الجليل، فقد كانت روحك سماءً عالية لا تُدانى، وذكاؤك نجماً لامعاً لا يُطفأ، وعلمك بحراً عميقاً لا يُنضب.
أنت الذي بدأت الحياة بالسعي المستمر للعلم، واختتمتها مع جميع طلابك بل أولادك بالتوجه المستمر إلى الله.
أنت الذي علّمتنا أن الدين ليس مجرد كلمات، بل هو حياة تعيشها، وروح تتنفسها، وقلب يحتضنها.
رحيلك ليس نهاية لأثرك، بل هو بداية لرحلة جديدة في الأبدية، ومع كل دعاء نرفعه للسماء، سوف يدعو لك كل كبير وصغير كل قائد وشيخ وإمام وقاضٍ وداعٍ الى الله.
فلترقد بسلام يا عالمنا العظيم، وفي قلوبنا ستبقى دائماً حاضراً، وفي أذهاننا ستظل ذكراك خالدة، وفي دعائنا ستكون دوماً ضيف شرف.
واكبتني وغيري والجميع منذ مرحلة الثانوية إلى العالمية، وساعدت الكثيرين بالخفاء فكنت أبا وأخا وموجّها، فأيقنت برحيلك أن فقدك ليس فقد عالم بل عَالَم ومخزون عبر دروسك ومحاضراتك وجلوسك المتواضع أينما كنت لا سيما برامجك الإذاعية الهادفة العلمية.
ها نحن نودّعك، ولكن لا بالوداع، فقدتك بيروت بل الكون بل بالأمل في لقاء آخر، في جنات الخلود، حيث لا يوجد مكان للحزن، ولا مجال للدموع، ولا مكان للفراق.
رحمك الله يا عالمنا العظيم، وغفر لك وأسكنك فسيح جناته وجزاك الله عن الأمة خيرا.