بيروت - لبنان

22 أيلول 2023 12:00ص الفنان محمد قباوة لـ«اللواء»: «كثيراً ما كنت أرى ذاتي في كتاب جبران خليل جبران (النبي) كأنه يُمثّلني»

حجم الخط
ما من حكمة إلّا وفي طيّاتها تسكن الرؤى والتصورات التخيّلية التي تبعث جمالية اليقين الفكري أو العكس لتكون بمثابة الضوء الذي ينير الطريق بصريا لمن يريد السير في درب الحياة بجمالية وفهم يؤدي الى السلام. فالفنان «محمد قباوة» حمل مشعل الحكمة الجبرانية في لوحاته المطرزة بالإيحاءات الإنسانية وشمولية الحركة البصرية بقوة الخط واللون لبث روحية التفاعل مع الوجود الإنساني برمّته. فالحكمة الجبرانية هي بمثابة أفعال لا أقوال وينبثق عنها عدة تأويلات، لأنها خلاصة الفعل وردّات الفعل. ومع الفنان التشكيلي محمد قباوة أجرينا هذا الحوار:
{ القوة الجمالية هي عقدة يفككها الفنان والأديب والمتأمّل غالبا، كيف ترى القوة الجمالية في الكلمة وما هي تأثيراتها في لوحاتك؟
- لعل الخيالات الكامنة لدى الإنسان تجعله يرتوي بجمل وعبارات في القوة الجمالية يلتقطها ويجسّدها عبر اللون والصياغة التشكيلية، متمثلة بمشاعره الشخصية وخبرته الحياتية، وسلوكياته بتغيّراتها بين الماضي والحاضر، لتثير انتباهه بتلك الجمل أو العبارات، وتثير انتباهه بما هو لم يكن يجيد تلك التعابير في الكلمة. أما تأثيراتها فتتمثل بوجهة نظره للجمال الفكري والإحاطة به، وتكون تأثيراتها لا محدودة ومحرّضة على إيجاد تفسير ولغة تشكيلية تعبّر عن تلك الكلمة بالإضافة إلى خبراته الكامنة وطباعه ورؤيته عن البيئة التي عاشها وصقلته واعتاد على فهمها وحبها.
{ محمد قباوة بين الحداثة جمالياً وما بعد الحداثة بصرياً بالمعنى التجديدي، ما الذي تراه وما الذي تحاول تطويره؟
- لا بد من التماشي ومعاصرة الزمن الآني والمستقبلي. فلا يمكن رفض الماضي لأنه كان السبيل لحضور الآني، فالبحث المتجدد يجعلني أغامر وأطوّر ما استطعت فيه، الممارسة والبحث والتجارب.
{ الأدب الجبراني يحمل حكمة، وفي لوحاتك استطعت تلغيز الرؤية المشتركة بينك وبين المعنى لأقوال جبرانية، هل اعتبر هذا خيال محبوك أم معقّد؟
- كثيراً ما كنت أرى ذاتي في كتاب جبران خليل جبران (النبي) كأنه يُمثّلني. أحببته جداً لذلك لم أجد فيه العقد، وكأنه ملهمي حقيقة.
{ محمد قباوة بين اليوم والأمس والفن التشكيلي، ما يعنيه لك اللون والشكل؟
- اللون والشكل هما كنه الكائنات المتحركة جميعها والبشرية كلها، فأينما اتجهنا نحن البشر أمامنا الأشكال والألوان، وما يميّز الإنسان هو رؤية الأشكال الجمالية النسبية، والألوان التي طالما أحبها ورغبها، وهذا ما ينطبق عليّ اليوم هو أقرب ما يمكن أن أتفاعل مع هذا العصر من تطور وحضور بحيث لا أرفض الأمس عبر مجرياته، لأنه كان السبب للوصول للحاضر.
{ هل تسعى لخلق المعنى الحياتي إنسانياً من خلال الفن؟ أم هو الإيمان بمبدأ الجمال عند الفنان محمد قباوة؟
- هما مرتبطان تماماً، لأفصل بين الجمال والمعنى الإنساني فهذا يتمم ذاك والعكس صحيح.
{ هل من عاطفة جمالية تحكم ريشتك الفنية وتغذّيها بعامل التطور البصري في الحركة وأُسسها؟
- لا أعتقد أحداً لا يحب الجمال أينما كان وأياً كان، ولكن ربما أحاول أن ألقي الضوء على صفة الجمال التي اكتسبتها من الحياة وأرغمتني أن أطوف حولها لأنها المخرج السليم من عقد السلبيات. وهذا التطور البصري اليوم وغداً يجعلني أكثر حبا لتطوير الذات. لأن ما يحدث اليوم من هذه التقنيات تحدّياً كبيراً للفنان، من تطور في علوم الإلكترونيات وعلوم أخرى إلخ..
لكن ممكن الإستفادة منه بالإطّلاع على معطيات الفنون دون الوقوع في مطب تلك التقنيات (فهو سلاح ذو حدّين) إما تنتفع منه أو يدمّرك. لا شك يساعد كثيرا من الفعاليات، ولكن أخذه دون العقل والقلب واليد، فهو لا يروي عطش الإنسان إلّا تشكيلياً.