بيروت - لبنان

7 تشرين الثاني 2023 12:00ص المعنى الحقيقي للفن التشكيلي والفوتوغرافي

حجم الخط
تنوّعت الأسباب والفن واحد و هو رؤية مترجمة بشتى الوسائل الفنية حيث تنبع القدرات الإبداعية من الذات، لتنمى وفق اتجاهات مختلفة، قد نستغرب بعضها وقد نرفض بعضها، وقد تجمعنا عين عدسة أو لمسة ريشة جمالية استطاعت التقاط الخطوط أو الألوان، وقد يجمعنا فيلم قصير اجتمعت فيه العناصر الفنية المتشابكة ببعضها، لتنتج الصورة والحركة، والموسيقى، والإخراج، وحبكة الفكرة الواضحة من الإخراج أو عدد المشاهد المتوافق مع الموتيفات أو العناصر المكملة لبعضها البعض، إلّا ان الطبيعة هي المدرسة الأولى لكل الرؤى الفنية حيث نتعلّم منها قيمة الحركة والسكون، وقيمة الصمت البنّاء والمثمر حيث ترتفع فيه قوة الملاحظة المرئية أو البصرية والسمعية الى حدودها القصوى، لنقرأ الصورة بتؤدة حيث المعنى الحقيقى للفن التشكيلي والفوتوغرافي وحتى الفني بأكمله بشكل عام.
المعنى الحقيقى للحياة هو الحب البنّاء المقترن بالإنسانية وقيمتها الجمالية المبنية على فهم الذات والآخر، واحترام المشاعر الإنسانية، لنتخاطب ضمن فن حياتي هو الأساس لبناء المجتمعات أو الحضارات، وهو عنصر بداية الفنون برمّتها، وهو المؤثر على النفس الخلّاقة القادرة على الإبداع والابتكار، والوصول الى مبتغاها بشتى الطرق الإيجابية، وتخطّي سلبيات لحظات الانتظار بالتعبير الفني بشتى الوسائل، ان بالتصوير أو بالرسم والتمثيل أو الرقص المسرحي التعبيري، وما الى ذلك من رؤى قادرة على تخطّي الواقع والخيال والارتقاء بالنفس نحو الجمال، وهذا ما يطرحه الفيلم من خلال نظرة حب أو نظرة عين التقطت تفاصيل الطبيعة من حولها أو من التقطت ما اثار بصيرتها، لرجل مرّ يحمل عدسته الضوئية، كما تحمل هي قلمها الرصاص ودفتر الرسم الذي تترك عليك رسوماتها كبصمة فنية تزدان بالجمال هذا ما يترجمه فيلم «فن الحب» The ART of LOVE للمخرج لويس فارنيلا (Lewis Farinella) الذي استطاع نقل الفكرة وتحويلها الى أحاسيس فنية تسري في الوجدان، وتمنحه المعاني الحياتية لشاب يبحث عن الحب في كل شيء يحيط به من طبيعة وناس، وأشياء قد يكون لا معنى لها عند البعض، إلّا انها تحمل معايير فنية جذبت الحواس إليها، ولصبية تترجم كل ما تراه عبر الخطوط لتقول انطباعاتها بصمت فني يمنح العين جمالها والنفس اشراقاتها الخاصة.
يعالج الفيلم قصة حب تبدأ من عين عدسة فوتوغرافية ووجدان فني يترجم أحاسيسه القلم على ورقة رسم في دفتر يختزن لحظات جمالية أدركتها البصيرة الفنية لفنانة أعجبت بمصور فوتوغرافي، إلّا ان الفن يكمن في المشاهد الذي تجد فيه دفترها حيث الأسلوب الفني المثير في معرفة ما تركه لها بين الأوراق، ليظهر لها وهي ترسم تباعا، فالايحاءات الفنية كثيرة في فيلم قصير لا يتخطى الدقائق، ولكنه عميق المعنى ومتقن في الأداء ويشير الى جمالية الفنون في الحياة بكل أنواعها، وهي ان اجتمعت فوتوغرافيا وفنيا في فيلم قصير بعنوان «فن الحب» حيث يستطيع بداية إبراز اللون الأصفر مع الحفاظ على صوت السوائل وصوت حبيبات الطعام التي تنقر في الصحن، لينتقل المشهد نحو رؤية الحياة اليومية لمصور فوتوغرافي يهوى حمل عدسته ليلتقط ما يثيره بصريا بلحظة تتجسّد في صورة تستطيع التعبير عن الحب والحياة والطبيعة والجمال.
لم يستطع التقاط صورة لحبيبين متشابكي الأصابع، وهذا يعني انه ما زال من الهواة ولم يصل الى الاحتراف، إلّا انه استطاع التقاط الحلم الذي يجمعه مع فتاة أحلامه من خلال رسومات ضوئية ورسومات من قلم رصاص ومن كلمات هي أشبه بقصيدة حب انكشفت بفن جمالي وحسي رسم البسمة على شفاه الممثلين وعلى شفاه المشاهد لترتبط الحوارات الصامتة مع المشاهد بدينامية قراءة الحركة والتعبير والفن التصويري في فيلم «فن الحب» أو «The ART of LOVE» المداعب حسيّا لتخيّلات ذهنية تنسحب من المشاهد وتستقر في المفهوم الفني للحياة التي تعتمد على ديلكتيكية حركة الحياة والانجذاب نحو الآخر تلقائيا حيث تبحث النفس عن الجمال من حولها، وحين تكتشفه عليها ممارسة فنونها، لتكتمل بما هو يتناسب مع الموضوع أو الفكرة أو حتى الانطلاقة نحو الهدف بثبات، فهو حين تركت دفترها على المقعد في الحديقة ولم تظهر لأيام استمر بالبحث عنها، وحين وجدها ترك لها الدفتر دون أن يظهر ليراقب ردّات فعلها وانعكاس ما تركه لها على دفترها عليها وهنا استطاع المخرج خلق دهشة غير متوقعة عند المشاهد، إذ اعتمد المصور الفوتوغرافي مخاطبتها بأسلوبها الفني التشكيلي أي من خلال الرسم اليومي الذي تمارسه، وهي جالسة على مقعد في حديقة تضج بالحياة والجمال، حيث نلاحظ تتابع مرن في المشاهد التي ترتبط بالفكرة المرئية ذات التبسيط البصري، المعتمد على التتابع الحركي مع الاختزال الزمني دون التأثر بالزمن المحدد حيث يبدو المفهوم الحركي للفيلم القصير قد أدّى دوره السينمائي كلغة قصصية تجمع الفنون البصرية في فن واحد هو مرئي حركي إيحائي صامت. إلّا انه استطاع منح المشاهد بسمة ارتسمت لا إراديا في نهاية الفيلم حيث استطاع مخاطبة حبيبته بأسلوبها الرومانسي، وبخاصية أسلوبية نابعة من الترابط السينمائي للفيلم القصير وأساسيته الجمالية المحاكية للجمال والحب.
«فن الحب» هو فن الفوتوغراف والعين التي تلتقط بميزتها العدسية الخاصة كل ما من شأنه أن يغني المعنى الحقيقي للحياة، وفن الرسم حيث تنطبع الصور في الحس الفني، لتخرج على الورق بشتى الوسائل التي تعالج مواضيعا مختلفة، وفن السينما والسيناريو وكل ما من شأنه أن يترابط مع بعضه البعض، لنرى الجمال بعين الحب والفن واللغة المشتركة القائمة على الحس والإدراك والوجدان، فيلم يعالج نظرة الفن من مبدأ الجمال أو البحث عن الذات من خلال ما يثير الحواس ويجعلها ضمن جمالية تعصف بالوجدان دون إيجاد الأجوبة على ذلك، لان اللغة السينمائية في فيلم «فن الحب» القصير بمدته ومشاهده اعتمد على الصمت التعبيري والإيحاء الأدائي البارز في كل تفاصيل الفيلم فنياً.