بيروت - لبنان

اخر الأخبار

20 شباط 2020 12:02ص صرخة غضب.. لا تبقي ولا تذر

د. سلوى الخليل الأمين د. سلوى الخليل الأمين
حجم الخط
لم أسأل أمي يوما.. عمن نهب تاريخ الوطن

أصغيت إليها مرارا  تحدثني عن: بطولات الفوارس  وتحرير الأوطان،

تشبّعت بالوطنية وبقيَم النضال، وبتّ أؤمن بالحب والوفاء لوطني لبنان،

لهذا لم أرسم للحياة خططا معاكسة، ولم أحاول  ممارسة المغامرات الطفولية،

ولم أمارس استحضار أرواح الشياطين، 

بل فرشت عقلي على صفحات الكتب ومساحات الوطن،

وارتحت لضوء قنديل يلامس يقظتي، ولطول البال المستريح على عتمة..

جعلتني أحتمي بالصبر، 

حين العلم نور.. والاجتهاد واجب الوجوب..

والويل ثم الويل، إن غابت عن ذاكرتي.. قصائد الشعر الجاهلي

ومعلقة إمرؤ القيس.. وسوق عكاظ.. وحكايات التاريخ لجرجي زيدان،

والهوى المرسوم في قصائد ابن زيدون في الأندلس البعيد.. 

وخمريات أبو نؤاس.. ومشهديات الخيل والفوارس والليل عند المتنبي،

لهذا لم أسأل أمي يوما عن حاضري ومستقبلي.. فكلّه مرسوم بالحبر والقلم،

فالشجرة لا تسأل زارعها عن ارتفاعها ونموّها،

والحطاب لا يسأل الفأس عن بأسه وجرائمه النكراء،

والنعجة لا تسأل ذابحها عما جنت يداه،

ورب العالمين لم يستشر العباد بأي رسالة إلهية.. سيؤمنون.

وأنا.. لم تترك لي حرية الاختيار.. فمذهبي الديني قدري الذي أتعبني،

حين طابور من المجانين هم من يضبط الإيقاع،

ويلجّ باب الحوائج ويرسم الهوى المستحيل..

ويلوك الدرب الآمن إلى رحاب الله.. ويرفع الأصوات النشاز،

حين السؤال ممنوع، والعقول محاصرة، والرأي السديد جريمة بل خيانة،

وقوافل الأنفس الأمّارة بالسوء.. تتكاثر.. ترتاح على محطات الوطن.. والناس نيام،

وأنا.. قدري الاحتماء بقناعاتي وتعاليم أمي.. وهويتي،

وانتظار إشارة المرور إلى وطن سيد ومستقل،

متحرّر من براثن التنين، والحقد الغبي، والصفات المشبوهة..

وصراع البقاء.. والغضب الآتي بإسم الشعب..

إنتفاضة غضب.. لا تبقي ولا تذر.


* رئيسة رواد المواطنة