بيروت - لبنان

22 آذار 2024 12:00ص غسان كنفاني 52 عاماً وما زال حاضراً!..

حجم الخط
52 عاماً مرّت على اغتيال الموساد لغسان كنفاني في محلة مار تقلا - الحازمية، رغم مرور هذا النصف قرن ونيّف يبقى اسمه لامعاً في تؤامة لفلسطين، ففي أي حدث فلسطيني جلل يحضر اسمه وتحضر روحه محلّقة كطائر خرافي جُبل من تراب حيفا وحَبَك جناحيه من صوان الجليل ليقول انه هنا لم يفِ بنذره بعد وان روحه لن ترتاح إلّا بعد أن يزور منزلهم الذي لم يغب عنه يوماً وهو يتنقل في الأرض العربية من خليجها الى شوارع بيروت وحبر مطابعها وحرية بلاغها.
لم يكن غسان إنساناً عادياً بل أتذكّره كطيف فلسطيني يحضر وطنه معه ويفوح عبير برتقال يافا حيث هو.
يقول في روايته «رجال في الشمس» مخاطباً رفاقه الذين قضوا اختناقاً في خزان عند حدود عربية (لماذا لم تقرعوا جدار الخزان؟)، كان كلامه هو القرع بعينه وها نحن اليوم نرى أحفاد شهداء الخزان زادوا من لهيب الشعلة التي لم تنطفئ ولن...
أراه حيث هو جالساً مسترخياً يتناول كوب الشاي الأخضر وقد اكتسب بعض السكينة، لأن هناك من قرع جدار الخزان.
أتذكّر الآن تلك الجلسات الطويلة في مقهى (اللاسورس) في مبنى العازارية حيث كانت مكاتب مجلة اسبوع بيروت لصاحبها غابي راجي الذي لا أعلم أين رست سفينته هذه الأيام.
وأتذكّر ذلك المشي على رصيف العازارية العريض الذي كان في تلك الأيام وبأوقات معينة معرضاً كامل المواصفات لبيع الكتب المستعملة، وأتذكّر وقوفه أمام أي عنوان يعني القضية الفلسطينية.
غسان كنفاني من أكثر كتّاب العالم العربي وإلى حد ما العالم الثالث التزاماً بقضيته وهو الالتزام الذي أعطى نتاجه تلك القيمة والنكهة وتلك هي القيمة الحقيقية للأدب.
الآن ونحن نواكب ما يجري على أرض فلسطين يتبين لنا ان كل ذلك ما هو إلّا بداية حصاد لبذار زرع منذ زمن ربما منذ صدر وعد بلفور وحتى ما قبله وتلك المحطات النضالية التي كان دور غسان في محطة مجليّاً..
ثمار اليوم من بذار الأمس..
ذكريات بوجهين ألم وأمل.