بيروت - لبنان

اخر الأخبار

24 كانون الثاني 2018 12:02ص لغتنا الجميلة

حجم الخط
واجهت لغتنا الجميلة العربية ماضياً وحاضراً حملات استهدفتها لغايات معروفة، وحين نقول أن لغتنا مستهدفة، لا ننطلق من فراغ، لأن الخطر ليس جديداً، والحملات المسعورة التي تقوم بها بعض الأقلام المعروفة المصدر للنيل منها مستمرة، والجدير ذكره أن ما من لغة تعرّضت ما تتعرض له العربية، لذا نرى أن المسؤوليات الجسام الملقاة على عواتق الغيارى وهم كثر، ماضياً وحاضراً، تفرض المواجهة. والمعروف عن العرب اعتزازهم بلغتهم وحرصهم كل الحرص على تقديرها ووضعها في أكرم منزلة وأحسن صورة، لأنها قادرة على تصوير ونقل كل ما يدور في الفكر البشري، ومن هؤلاء الغيارى والحريصين عليها الأب أنستاز ماري الكرملي، المولود في الخامس من آب 1866م، ومن أهم ما قدّمه للمكتبة العربية، عدا مجلة: «لغة العرب» الكتب التالية: نشوء اللغة ونموها واكتمالها، النقود العربية، أغلاط اللغويين الأقدمين، وسواها.. ونظراً للشهرة التي نالها الأب أنستاز ماري الكرملي والمكانة العلمية التي حظي بها بين أقرانه، سعت إليه المجامع العلمية والمنتديات اللغوية فانتخبه المجمع العلمي العربي في دمشق عضواً فيه، كما رشحته وزارة المعارف العراقية عضواً مؤسساً للمجمع اللغوي العراقي، كذلك تمّ اختياره عضواً في مجمع فؤاد الأول للغة العربية في مصر.
مما لا شك فيه، إن هذا الراهب الجليل قد أحبّ اللغة العربية، بل لنقل أنه عشقها وهام بها ووقف حياته في الدفاع عنا إلى حدّ يفوق الوصف فقال: «إن اللغة العربية أسمى اللغات، وانها مفتاح اللغات جميعاً، لأنها قادرة على تصوير كل ما يدور في الفكر البشري، وفي الطبيعة الإنسانية، وانها قادرة على مسايرة كل عصر وكل جيل، لما فيها من قابلية للإشتقاق الذي لا يوجد في لغة سواها، وان القصور في أبنائها الذين أترفوا ولا يريدون أن يتجشّموا في سبيل لغتهم أي جهد»..
أمّا دعاة تغيير الحرف العربي إلى اللاتينية فقد كان له منهم موقف ضمنه في رسالته (الكتابة العربية المنقحة) حيث كتب: «لا بدّ لنا من إدخال بعض المصطلحات على الكتابة العربية، وإلا دفعتنا الضرورات إلى اتخاذ الحرف الغربي وهذا أعظم بلاء على هذه اللغة وآدابها.. لا حقّق الله تلك الأماني، التي يدفعنا إليها بعض أعداء اللغة، ونجّانا من نتائجها وعواقبها الوخيمة..؟
وبعد، هذا غيض من فيض، ما جاد به عقل وإدراك الأب أنستاز ماري الكرملي الذي قدّم الكثير إلى اللغة العربية ووهبها حياته وفكره ويراعه..
نزار سيف الدين