بيروت - لبنان

اخر الأخبار

حكايا الناس

23 أيار 2023 12:00ص 20 ماي: ولادة الأندلس الجديدة

حجم الخط
لكل إنسان في الحياة وطن واحد.. بينما بالنسبة لي شخصياً أمتاز بالانتساب إلى وطنين.. الأوّل أخضر غارق في أوحاله.. والثاني أسمر ذهبي برمال صحرائه البلّورية التي تُنهب لتغطّي شواطئ دول أخرى.. يبدو أنّ هذين الوطنين متشاركان في الاعتداء.. حتى رمالهما التي تباع وتشترى على عين المجتمع الدولي كما غيرها من الخيرات؟!
السبت الماضي كانت الذكرى العشرين للانطلاقة.. وما أدراكم ما هذه الذكرى بمرور 50 سنة على انبلاجها للعلن.. إنّه يوبيل ذهبي من الانتصارات والقهر.. نعم انتهت الذكرى واثنان ممَّنْ حضّرا لها مبدئياً في غشت / أغسطس عام 1972.. كانا غائبين عنها جسداً.. الأوّل  مُفجّر الثورة الملتحف برمال غريبة في شنبات.. اسمه الولي مصطفى السيد ورفيقه إولادة.. هذان الشهيدان يأبيان تلك الرمال فتزول عن جسديهما وتعود الرياح لتغطيهما كما قال لي مصدران وثيقان واحد ارتحم شقيق الولي والآخر حي إبن إولادة.. الأجساد مهمة لتكريمها.. ولكن الأرواح هائمة في ملكوت الله تتنقل بسرعة البرق لـ»الطوير» وتتأمّل ماذا يجري على الأرض.. لا تضرب كفّاً بكفٍّ «لولاي».. فأنا فرحة بالاختزال حتى أعرف المعادن وأضحك على الزمان؟!
لكن ليوم 20 ماي / أيار في حياتي ذكرى حاضرة على الدوام.. كُنتُ  قد أُخبِرْتُ بالهاتف بأنّ الإعلان سيكون في أوائل ماي.. وظللتُ أرقب هاتفي وراديو الوكالات الدولية.. ولم يأتِ شيء.. شعرتُ بالقهر لكن بتاريخ العشرين من ماي شعرتُ بعد انتهاء عملي في جريدة «النهار» أنّ شيئاً حدث فنزلتُ إلى طابق الراديو.. سألني سام أما زلتي تبحثين عن خبر منتظر؟ قلتُ: نعم.. وذهبتُ إلى الراديو ساحبة الخبر.. الساعة التاسعة والنصف بتوقيت بيروت مساءً.. قفزتُ عن الأرض قفزاً حاملة الخبر إلى الأستاذ ميشال أبو جودة.. دخلتُ إليه مُسرِعة لأقول له: وُلِدَتْ «الأندلس الجديدة».. استفسر منّي عن هذ الولادة.. وقال: هل تستطيعين الاتصال بالرجل الذي تعرفينه وتُجرين معه مقابلة هاتفية.. دون تفكير قلتُ: نعم وفي الحال.. قال: إخلوا لها غرفة الاستماع..
دخلتُ الغرفة وأمسكتُ بالهاتف لأطلب رقماً وهمياً.. فبقيتُ حاملة الهاتف وأنا أكتب المقابلة التي أجريتها مع نفسي بالنيابة عن الشهيد الولي.. المقابلة كانت تتحدث عن سير الانطلاقة في «مخفر الخنقة» والفرح بلقاءٍ خرج إلى النور في لبنان.. دون أنْ أعرف أنّه كان أوّل أسير.. والحمد لله أنّه تحرّر مع رفاقه والبقية عن حكاية «الخنقة» تبقى بأنّها الشرارة الأولى.. هذا عن أصل الانطلاقة مبدئياً باختصار وإلى اللقاء بالانتصار الكبير في عيون وادي الساق؟!
أخبار ذات صلة