لبنان وطن عجيب.. يجمع المتناقضات في آنٍ واحد وكأنّه عدّة أوطان متشابكة لا تتماثل مع بعضها البعض.. مما يجعل القادم إليه يشعر أنّه بألف خير مع أنّ شعبه يعيش الويل والثبور وعظائم الأمور في العوز والجوع وقلة الحيلة حتى في تأمين ربطة الخبز..
على الواجهة اليوم ونحن في فصل الصيف يجد السائح لبنان بلداً سياحياً بألف خير بعد أن بلغ عدد الوافدين من السياح أكثر من مليوني سائح معظمهم من المغتربين اللبنانيين الذين جاءوا لرؤية الأهل وتجديد التواصل مع الوطن الجريح.. أما السيّاح العرب والأجانب فهم كثر جاؤوا لحضور المهرجانات الجميلة والتمتّع بمناظر البلد الخلابة التي تخطف القلوب وتجعلك تحب أنْ تستوطن في وطن الأرز التليد.. بينما على مستوى الشعب وارتفاع الأسعار الجنوني بالنسبة للمواطن تشعر بأنّك تعيش في وطن المهلكة الحقيقية للأسف الشديد؟!..
لنقلب الصورة الحقيقية عن كل ما هو قائم.. لا شيء يُبشّر بالخير.. التحاصص علی اختيار رئيس للجمهورية ما زال قائماً.. والمجتمع الدولي عجز على مساعدة الأفرقاء اللبنانيين في اختيار رئيس للبلاد.. استخراج الغاز والنفط مؤخّر لانتخاب رئيس ونحن في ملهاة الرئاسة.. إسرائيل «تشفط» غازنا وتنفّذ غارات على حدودنا.. وسياسيّونا عقولهم «مصيّفة» لأنّ كل واحد منهم يدّعي أنّه يجب أنْ يكون هو أو لا أحد غير الخراب؟!..
ما زلنا ننتظر المبادرة الفرنسية لإنهاء مشكلة الرئاسة الأولى رغم تردّي الأحوال المعيشية التي أوصلت المواطن إلى ضرورة ربط الحجارة على معدته حتى لا يشعر بالجوع وإنْ كان يقع أرضاً ولا يجد ثمن الغداء والماء والكهرباء والدواء.. مَنْ يهتم؟ إنّه رقم معوز في نظر الساسة الحقراء رحل إلى حفرته فخفّف ثقله عن الأرض.. لأنّه أحد مشوّهات المشهد العام؟!
صندوق النقد الدولي ضيّق الخناق وربما طلّق مساعدة لبنان تاركاً إيّاه يغوص في أوحاله مع أنّ لبنان كان قد أدان الصندوق الدولي.. آهٍ إنّها لعبة الأمم؟!
حاكم مصرف لبنان ستنتهي فترة حاكميته وربما يُجدّد له لسنة.. «المتنفّذون» متمسّكون به ليبقى لا لأجل عيونه بل لأجل مصالحهم.. الشعب يريد محكمة عادلة لكل هذه البوتقة التي قضت على اقتصاد الوطن؟!
المصارف طيّرت نصف ودائع المواطنين وعلى الشعب أنْ يثور ضدّها لأنها لم تكن أمينة على ودائعه ولا حتى على الرواتب الموطّنة التي تجعل الموظف يزور الصرّاف الآلي العديد من المرّات ليسحب راتبه الذي لا يغني ولا يثمن من جوع..
المشهد مرعب على المواطن.. ولكن الصورة الصيفية مُشرِقة.. ابحثوا عن الإنسان؟!